بِالتَّرَشُّحِ، وَمَا يَخْرُجُ رَشْحًا لَا يَعُودُ رَشْحًا كَالْجَرَّةِ إذَا سُدَّ رَأْسُهَا وَأُلْقِيَ فِي الْحَوْضِ يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ وَقَالَ: نَعَمْ قَالَ: هَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالطِّبِّ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَصَلَ إلَى الْمَثَانَةِ أَمَّا مَا دَامَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَلَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَارَضَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ حَشَا ذَكَرَهُ بِقُطْنَةٍ فَغَيَّبَهَا أَنَّهُ يَفْسُدُ كَاحْتِشَائِهَا وَأَطَالَ فِيهِ وَصَحَّحَ فِي التُّحْفَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ رَجَّحَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَقُيِّدَ بِالْإِحْلِيلِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْإِقْطَارَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ يُفْسِدُ الصَّوْمَ بِلَا خِلَافٍ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَّلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْحُقْنَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ فرشته الْإِحْلِيلُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَمَخْرَجُ اللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ ذَوْقُ شَيْءٍ، وَمَضْغُهُ بِلَا عُذْرٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الصَّوْمِ لِلْفَسَادِ، وَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ لِعَدَمِ الْفِطْرِ صُورَةً وَمَعْنًى قُيِّدَ بِقَوْلِهِ: بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ بِعُذْرٍ لَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَنْ كَانَ زَوْجُهَا سَيِّئَ الْخُلُقِ أَوْ سَيِّدُهَا لَا بَأْسَ بِأَنْ تَذُوقَ بِلِسَانِهَا وَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ، وَالذَّوْقُ عِنْدَ الشِّرَاءِ لِيُعْرَفَ الْجَيِّدُ مِنْ الرَّدِيءِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلْوَالِجِيِّ وَتَبِعَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
، وَفِي الْمُحِيطِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ كَيْ لَا يُغْبَنَ وَالْمَضْغُ بِعُذْرٍ بِأَنْ لَمْ تَجِدْ الْمَرْأَةُ مَنْ يَمْضُغَ لِصَبِيِّهَا الطَّعَامَ مِنْ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا يَصُومُ، وَلَمْ تَجِدْ طَبِيخًا، وَلَا لَبَنًا حَلِيبًا لَا بَأْسَ بِهِ لِلضَّرُورَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْإِفْطَارُ إذَا خَافَتْ عَلَى الْوَلَدِ فَالْمَضْغُ أَوْلَى وَأَطْلَقَ فِي الصَّوْمِ فَشَمِلَ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْفَرْضِ أَمَّا فِي الصَّوْمِ التَّطَوُّعِ فَلَا يُكْرَهُ الذَّوْقُ وَالْمَضْغُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ فِيهِ مُبَاحٌ لِلْعُذْرِ وَغَيْرِهِ عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَتَبِعَهُ فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْإِفْطَارَ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَحِلُّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَمَا كَانَ تَعْرِيضًا لَهُ عَلَيْهِ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَمُسَلَّمٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا شَاذَّةٌ
(قَوْلُهُ: وَمَضْغُ الْعَلْكِ) أَيْ وَيُكْرَهُ مَضْغُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الصَّوْمِ عَلَى الْفَسَادِ وَلِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِالْإِفْطَارِ أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْكٍ وَعِلْكٍ فِي أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْبَيَانِ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ قَيَّدُوهُ بِأَنْ يَكُونَ أَبْيَضَ، وَقَدْ مَضَغَهُ غَيْرُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَمْضُغْهُ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ أَسْوَدَ مُطْلَقًا يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْضُغْهُ غَيْرُهُ يَتَفَتَّتُ فَيَتَجَاوَزُ شَيْءٌ مِنْهُ حَلْقَهُ، وَإِذَا مَضَغَهُ غَيْرُهُ لَا يَتَفَتَّتُ إلَّا أَنَّ الْأَسْوَدَ يَذُوبُ بِالْمَضْغِ فَأَمَّا الْأَبْيَضُ لَا يَذُوبُ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ كَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَاخْتَارَ الْمُحَقِّقُ كَلَامَ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ مُحَمَّدٍ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِعَدَمِ الْوُصُولِ فَإِذَا فَرَضَ فِي بَعْضِ الْعِلْكِ مَعْرِفَةَ الْوُصُولِ مِنْهُ عَادَةً وَجَبَ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَيَقِّنِ اهـ.
وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَعُمُومُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْعِلْكُ لِغَيْرِ الصَّائِمِ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ تَرْكُهُ إلَّا لِعُذْرٍ مِثْلِ أَنْ يَكُونَ فِي فَمِهِ بَخَرٌ اهـ.
وَأَمَّا فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُنَّ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سِوَاكُهُنَّ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْلَى الْكَرَاهَةُ لِلرِّجَالِ إلَّا لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ أَعْنِي التَّشَبُّهَ يَقْتَضِيهَا فِي حَقِّهِمْ خَالِيًا عَنْ الْمُعَارِضِ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ صَائِمٌ عَمِلَ عَمَلَ الْإِبْرَيْسَمِ فَأَدْخَلَ الْإِبْرَيْسَمَ فِي فِيهِ فَخَرَجَتْ خُضْرَةُ الصَّبْغِ أَوْ صُفْرَتُهُ أَوْ حُمْرَتُهُ، وَاخْتَلَطَتْ بِالرِّيقِ فَاخْضَرَّ الرِّيقُ أَوْ اصْفَرَّ أَوْ احْمَرَّ فَابْتَلَعَهُ، وَهُوَ ذَاكِرٌ صَوْمَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَفِي الْمُحِيطِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِغَيْرِ الْوُضُوءِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ لِلْوُضُوءِ وَكُرِهَ الِاغْتِسَالُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ وَالِاسْتِنْقَاعُ فِي الْمَاءِ وَالتَّلَفُّفُ بِالثَّوْبِ الْمَبْلُولِ؛ لِأَنَّهُ إظْهَارُ الضَّجَرِ عَنْ الْعِبَادَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ مَاءً مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَهُوَ صَائِمٌ» وَلِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي التُّحْفَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: تَقَدَّمَ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ قَالَ: وَمُحَمَّدٌ تَوَقَّفَ فِيهِ، وَقِيلَ هُوَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ هُوَ الْأَظْهَرُ وَمَا تَأَخَّرَ عَلَى خِلَافِ الْأَظْهَرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ فِي الصَّوْمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَشَرْحِ الْمُخْتَارِ فَشَمِلَ النَّفَلَ لِمَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ فِيهِ الْفِطْرُ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمَنْ قَيَّدَهُ بِالْفَرْضِ كَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَنَفْيُ كَرَاهَةِ الذَّوْقِ فِي النَّفْلِ إنَّمَا هُوَ عَلَى رِوَايَةِ جَوَازِ الْإِفْطَارِ فِي النَّفْلِ بِلَا عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ بَحْثٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ فِي النَّفْلِ وَكُرِهَ فِي الْفَرْضِ إظْهَارًا لِتَفَاوُتِ الْمَرْتَبَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute