للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ كُفُؤًا نَفَذَ نِكَاحُهَا وَإِلَّا فَلَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا وَفِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَفِي الْكَافِي وَالذَّخِيرَةِ وَبِقَوْلِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ وَلَا كُلُّ وَلِيٍّ يُحْسِنُ الْمُرَافَعَةَ وَالْجُثُوَّ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي مَذَلَّةً فَسُدَّ الْبَابُ بِالْقَوْلِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ أَصْلًا، قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ لَوْ زَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْحَقَائِقِ هَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنَّ الْمُحَلِّلَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ غَيْرَ كُفْءٍ

وَأَمَّا لَوْ بَاشَرَ الْوَلِيُّ عَقْدَ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. اهـ.

وَسَيَأْتِي فِي الْكَفَاءَةِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمَشَايِخِ أَفْتَوْا بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لَهَا أَوْلِيَاءُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُبَاشَرَةُ الْوَلِيِّ لِلْعَقْدِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالزَّوْجِ كَافٍ لَكِنْ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ رَضِيت بِتَزَوُّجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالزَّوَاجِ عَيْنًا هَلْ يَكْفِي صَارَتْ حَادِثَةً لِلْفَتْوَى وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ وَلَمْ يُسَمِّ الزَّوْجَ، فَقَالَ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا صَرِيحًا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْكَفَاءَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ وَلَا تُجْبَرُ بِكْرٌ بَالِغَةٌ عَلَى النِّكَاحِ) أَيْ لَا يَنْفُذُ عَقْدُ الْوَلِيِّ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَهُ: الِاعْتِبَارُ بِالصَّغِيرَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهَا جَاهِلَةٌ بِأَمْرِ النِّكَاحِ لِعَدَمِ التَّجْرِبَةِ وَلِهَذَا يَقْبِضُ الْأَبُ صَدَاقَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا. وَلَنَا: أَنَّهَا حُرَّةٌ مُخَاطَبَةٌ فَلَا يَكُونُ لِلْغَيْرِ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ وَالْوِلَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ لِقُصُورِ عَقْلِهَا، وَقَدْ كَمَلَ بِالْبُلُوغِ بِدَلِيلِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ فَصَارَ كَالْغُلَامِ وَكَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْأَبُ قَبْضَ الصَّدَاقِ بِرِضَاهَا دَلَالَةً فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ مَعَ نَهْيِهَا، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَزَادَ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ الْقَاضِي وَجَعَلَهُ كَالْأَبِ وَفِي الْمَبْسُوطِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ لَيْسَ لَهُمْ حَقُّ قَبْضِ مَهْرِهَا بِدُونِ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْبَرٌ وَكَمَا لَا تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَيْهِ قَبْضُ الْبَدَلِ وَبِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ قَبْضَهَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَبَضَ الْأَبُ الْمُسَمَّى قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِكْرًا بَالِغَةً عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى وَدَفَعَ إلَى أَبِيهَا مَهْرَهَا ضَيْعَةً فَلَمَّا بَلَغَهَا الْخَبَرُ قَالَتْ لَا أَرْضَى بِمَا فَعَلَ الْأَبُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ لَمْ يَجْرِ التَّعَارُفُ بِدَفْعِ الضَّيْعَةِ فِي الْمَهْرِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ هَذَا شِرَاءٌ وَالْبُلُوغُ قَاطِعٌ لِلْوِلَايَةِ وَإِنْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ جَرَى التَّعَارُفُ بِذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا قَبْضٌ لِلْمَهْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً فَأَخَذَ الْأَبُ مَكَانَ الْمَهْرِ ضَيْعَةً لَا تُسَاوِي الْمَهْرَ فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ جَرَى التَّعَارُفُ بِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِيهَا أَيْضًا: وَلَيْسَ لِلْأَبِ قَبْضُ مَا وَهَبَهُ أَوْ أَهْدَاهُ الزَّوْجُ لِلْبِكْرِ الْبَالِغَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا كَانَ لِلزَّوْجِ الِاسْتِرْدَادُ. اهـ.

وَأَمَّا قَبْضُ الصَّغِيرِ فَلِلَابِّ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ دُونَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَوْ أُمًّا فَلَوْ دَفَعَهُ إلَى أُمِّهَا فَإِنْ وَصِيَّةً بَرِئَ وَإِلَّا خُيِّرَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا بَيْنَ أَخْذِهَا مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأُمِّ إنْ أَخَذَتْ مِنْهُ الْبِنْتُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. وَالْقَاضِي كَالْأَبِ إلَّا إذَا زُفَّتْ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ قَبْضُ مَهْرِ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ فِي الدُّخُولِ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ لَمْ تَعْتَرِفْ الْمَرْأَةُ بِهِ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِقْرَارُ الْأَبِ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ عِنْدَ إنْكَارِهَا وَعَدَمُ الْبَيِّنَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إنْ كَانَتْ وَقْتَهُ ثَيِّبًا بَالِغَةً وَإِلَّا فَمَقْبُولٌ وَإِقْرَارُهُ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ مَعَ إنْكَارِهَا وَعَدَمُ الْبَيَانِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إنْ كَانَتْ وَقْتَهُ بَالِغَةً وَإِلَّا فَمَقْبُولٌ وَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكْفِيَ إلَخْ) نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّهْرِ وَأَقَرَّهُ، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا إلَخْ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُفَوِّضْ الْأَمْرَ إلَيْهِ أَمَّا إذَا فَوَّضَتْ بِأَنْ قَالَتْ أَنَا رَاضِيَةٌ بِمَا تَفْعَلُهُ أَنْت بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ أَقْوَامَك يَخْطُبُونَك أَوْ زَوِّجْنِي مِمَّنْ تَخْتَارُهُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ اسْتِئْذَانٌ صَحِيحٌ اهـ.

فَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي التَّفْوِيضِ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالزَّوْجِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ قَالَ أَنَا رَاضٍ بِمَا تَفْعَلِينَ أَوْ زَوِّجِي نَفْسَك مِمَّنْ تَخْتَارِينَ وَنَحْوُهُ أَنَّهُ يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ قَدْ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهَا تَفْعَلُ مَا شَاءَتْ وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ فَيَصِحُّ وَكَلَامُ الظَّهِيرِيَّةِ كَالصَّرِيحِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ لَا تُسَاوِي الْمَهْرَ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَاوَتْهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ الْأَبِ لِلِابْنِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي كَالْأَبِ إلَّا إذَا زُفَّتْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ بِالزِّفَافِ إلَى الزَّوْجِ تَنْقَطِعُ وِلَايَةُ الْقَاضِي عَنْ قَبْضِ الْمَهْرِ وَاسْتِرْدَادِ الصَّغِيرَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ حَقَّ اسْتِرْدَادِهَا إلَى مَنْزِلِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى يَدْفَعَ مَهْرَهَا إلَى مَنْ لَهُ حَقُّ قَبْضِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا زُفَّتْ الْكَبِيرَةُ انْقَطَعَ الْأَبُ عَنْ قَبْضِ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَقْبُولٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَيِّبًا بَالِغَةً فَإِقْرَارُهُ مَقْبُولٌ، وَتَحْتَ هَذَا ثَلَاثُ صُوَرٍ: بِأَنْ كَانَتْ بِكْرًا بَالِغَةً، قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَقَرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ إنْ بِكْرًا صُدِّقَ وَإِنْ ثَيِّبًا لَا اهـ.

أَوْ كَانَتْ وَقْتَهُ صَغِيرَةً مُطْلَقًا فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَقْبَلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ فِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>