للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاكِتٌ بِخِلَافِ السُّكُوتِ عِنْدَ مُجَرَّدِ الْبَيْعِ، التَّاسِعَةَ عَشَرَ: فِي الْوَقْفِ عَلَى فُلَانٍ إذَا سَكَتَ جَاوَزَ وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَفِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ مِنْ آخِرِ الْكِتَابِ أَيْضًا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالِاسْتِقْرَارُ يُفِيدُ عَدَمَ الْحَصْرِ، وَهَذِهِ الْمَشْهُورَةُ لَا الْمَحْصُورَةُ اهـ. وَلِذَا زِدْت عَلَيْهِ مَسْأَلَةَ الْوَقْفِ.

وَيُزَادُ أَيْضًا الصَّغِيرَةُ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَبَلَغَتْ بِكْرًا فَسَكَتَتْ سَاعَةً بَطَلَ خِيَارُهَا وَهِيَ الْعِشْرُونَ وَهِيَ فِي الْمُجْتَبَى وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ زُوِّجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهَنَّأَهُ الْقَوْمُ وَقَبِلَ التَّهْنِئَةَ فَهُوَ رِضًا؛ لِأَنَّ قَبُولَ التَّهْنِئَةِ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ وَهِيَ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ كَالثَّيِّبِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ؛ لِأَنَّهُ لِقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَلَمْ يَقَعْ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا وَلَوْ وَقَعَ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَالِاكْتِفَاءُ بِمِثْلِهِ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ فِي غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْمِرُ رَسُولَ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَكَذَلِكَ الثَّيِّبُ لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا؛ لِأَنَّ النُّطْقَ لَا يُعَدُّ عَيْبًا وَقَلَّ الْحَيَاءُ بِالْمُمَارَسَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ فِي حَقِّهَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالثَّيِّبُ تُشَاوَرُ» ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ وَخَرَجَ عَنْ حَقِيقَتِهِ فِي الْبِكْرِ بِقَرِينَةِ آخِرِ الْحَدِيثِ «وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» وَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهَا فِي الثَّيِّبِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ هُنَا الْبَالِغَةُ إذْ الصَّغِيرَةُ لَا تُسْتَأْذَنُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَيُزَادُ أَيْضًا الصَّغِيرَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْفَتْحِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا نَظْمًا مَعَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ السَّابِقَةِ حَيْثُ قَالَ

وَسُكُوتُ بِكْرٍ فِي النِّكَاحِ وَفِي ... قَبْضِ الْأَبْيَنِ صَدَاقَهَا إذْنُ

قَبْضُ الْمُمَلَّكِ وَالْمَبِيعِ وَلَوْ ... فِي فَاسِدٍ وَإِذَا اشْتَرَى قِنُّ

وَكَذَا الصَّبِيُّ وَذُو الشِّرَاءِ إذَا ... كَانَ الْخِيَارُ لَهُ كَذَا سَنُّوا

مَوْلَى الْأَسِيرِ يُبَاعُ وَهْوَ يَرَى ... وَأَبُو الْوَلِيدِ إذَا انْقَضَى الزَّمَنُ

وَعَقِيبَ شَقِّ الزِّقِّ أَوْ حَلِفٍ ... يَنْفِي بِهِ الْإِسْكَانَ إنْ ضَنُّوا

وَعَقِيبَ قَوْلِ مُوَاضِعٍ نَمْضِي ... أَوْ وَضْعُ مَالِ ذَا لَهُ يَدْنُو

وَبُلُوغُ جَارِيَةٍ وَزَوَّجَهَا ... غَيْرُ الْأَبْيَنِ بِذَاكَ قَدْ مَنُّوا

وَكَذَا الشَّفِيعُ وَذُو الْجَهَالَةِ فِي ... نَسَبٍ شَرَاهُ مَنْ بِهِ ضَغْنُ

وَإِذَا يَقُولُ لِغَيْرِهِ فَسَكَتْ ... هَذَا مَتَاعِي بِعْهُ يَا مَعْنُ

وَإِذَا رَأَى مِلْكًا يُبَاعُ لَهُ ... وَتَصَرَّفُوا رَهْنًا فَلَمْ يَدْنُو

قَالَ قَوْلِي سُكُوتُ بِكْرٍ مَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَمَا بَعْدَهُ أَعْنِي إذَا زَوَّجَهَا فَبَلَغَهَا فَسَكَتَتْ اهـ.

أَيْ: فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَزِيدُ مَسْأَلَةُ الْوَقْفِ وَمَسْأَلَةُ التَّهْنِئَةِ عِنْدَ تَزَوُّجِ الْفُضُولِيِّ، قَالَ فِي الرَّمْزِ وَزِدْت عَلَيْهِ

وَالْوَقْفُ وَالتَّفْوِيضُ أَوْ حَلَفْ ... لِلْعَبْدِ لَا يُعْطَى لَهُ إذْنُ

وَشَرِيكُ مَنْ قَالَ اشْتَرَيْت كَذَا ... لِي كَالْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ يَعْنُو

اهـ.

فَقَدْ نَظَمَ مَسْأَلَةَ الْوَقْفِ الَّتِي زَادَهَا الْمُؤَلِّفُ وَزَادَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةً أُخَرَ مَذْكُورَةً فِي الْأَشْبَاهِ: إحْدَاهَا سُكُوتُ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَبُولٌ لِلتَّفْوِيضِ وَلَهُ رَدُّهُ. الثَّانِيَةُ لَوْ حَلَفَ الْمَوْلَى لَا يَأْذَنُ لَهُ فَسَكَتَ حَنِثَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

الثَّالِثَةُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ قَالَ لِلْآخَرِ أَنَا أَشْتَرِي هَذِهِ الْأَمَةَ لِنَفْسِي خَاصَّةً فَسَكَتَ الشَّرِيكُ لَا تَكُونُ لَهُمَا. الرَّابِعَةُ سُكُوتُ الْمُوَكِّلِ حِينَ قَالَ لَهُ الْوَكِيلُ بِشِرَاءٍ مُعَيَّنٍ إنِّي أُرِيدُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِي فَشَرَاهُ كَانَ لَهُ. وَبَقِيَ مَسَائِلُ فِي الِاشْتِبَاهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ: الْأُولَى: سُكُوتُ الرَّاهِنِ عِنْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ. الثَّانِيَةُ: بَاعَ جَارِيَةً وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَقُرْطَانِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لَكِنْ تَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَذَهَبَ بِهَا وَالْبَائِعُ سَاكِتٌ كَانَ سُكُوتُهُ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ فَكَانَ الْحُلِيُّ لَهُ. الثَّالِثَةُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَهُوَ سَاكِتٌ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ نُطْقِهِ فِي الْأَصَحِّ. الرَّابِعَةُ سُكُوتُهُ عِنْدَ بَيْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ قَرِيبِهِ عَقَارًا إقْرَارٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ خِلَافًا لِمَشَايِخِ بُخَارَى فَيَنْظُرُ الْمُفْتِي. الْخَامِسَةُ سُكُوتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا عُذْرَ بِهِ إنْكَارٌ، وَقِيلَ وَلَا يُحْبَسُ، السَّادِسَةُ: سُكُوتُ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ قَبُولٌ لَا الْمَوْهُوبِ لَهُ. السَّابِعَةُ: سُكُوتُ الْمُقَرِّ لَهُ قَبُولٌ وَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ.

الثَّامِنَةُ: سُكُوتُ الْمُزَكِّي عِنْدَ سُؤَالِهِ عَنْ الشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ. التَّاسِعَةُ دَفَعَتْ لِبِنْتِهَا فِي تَجْهِيزِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ وَهُوَ سَاكِتٌ فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ. الْعَاشِرَةُ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَسَكَتَ الْأَبُ لَمْ تَضْمَنْ الْأُمُّ.

الْحَادِيَةَ عَشَرَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا فَسَكَتَتْ حَنِثَتْ. الثَّانِيَةَ عَشَرَ سُكُوتُ الْحَالِفِ لَا يَسْتَخْدِمُ مَمْلُوكَهُ إذَا خَدَمَهُ بِلَا أَمْرِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ حَنِثَ. الثَّالِثَةَ عَشَرَ السُّكُوتُ قَبْلَ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِخْبَارِ بِالْعَيْبِ رِضًا بِالْعَيْبِ إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا لَا لَوْ كَانَ فَاسِقًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا هُوَ رِضًا وَلَوْ فَاسِقًا، وَقَدْ نَظَمْتُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى التَّرْتِيبِ مُقَدِّمًا الْمَسْأَلَةَ الَّتِي زَادَهَا الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فَقُلْتُ: عَاطِفًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الرَّمْزِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى أَسْتَعِينُ

أَوْ عِنْدَ تَهْنِئَةٍ بِعَقْدِ فُضُوّ ... لِيٍّ وَقَبْضِ الرَّهْنِ مُرْتَهِنُ

أَوْ قَبْضِ مَنْ بِيعَتْ مُقَرَّطَةً ... لَكِنْ بِلَا شَرْطٍ عَلَيْهِ بَنَوْا

وَقِرَاءَةٍ عِنْدَ الْمُحَدِّثِ أَوْ ... بَيْعِ الْقَرِيبِ عَقَارَهُ فَاجْنُوا

أَوْ مَنْ عَلَيْهِ يَدَّعِي وَتَصَدَّ ... قَ وَالْمُقَرِّ لَهُ الْمُزَكَّيْ أَدْنُوا

أَوْ أَعْطَتْ ابْنَتَهَا حَوَائِجَهْ ... عِنْدَ الْجِهَازِ وَعَيْنُهُ تَرْنُو

أَوْ أَنْفَقَتْ فِي ذَا دَرَاهِمَهْ ... مُعْتَادُهُمْ لَمْ تَأْتِهَا الْمِحَنُ

أَوْ عِنْدَ تَزْوِيجِ الْوَلِيِّ وَخِدْ ... مَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ عَنُوا

أَوْ قَبْلَ بَيْعٍ حِينَ أَخْبَرَهُ ... بِالْعَيْبِ عَدْلٌ خُذْهُ يَا فَطِنُ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ) حَيْثُ قَالَ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>