للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَعْرِفَهَا الشُّهُودُ لِلِاخْتِلَافِ فَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا وَلَا ذِكْرُ اسْمِهَا وَنَسَبِهَا لِلشُّهُودِ حَتَّى لَوْ قَالَ تَزَوَّجْت الْمَرْأَةَ الَّتِي جَعَلَتْ أَمْرَهَا إلَيَّ عَلَى صَدَاقٍ كَذَا عِنْدَهُمْ صَحَّ وَالْمُخْتَارُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَإِنْ كَانَ الْخَصَّافُ كَبِيرًا فِي الْعِلْمِ يُقْتَدَى بِهِ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ فَذَهَبَ الْوَكِيلُ وَقَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَلَمْ تَعْرِفْ الشُّهُودُ فُلَانَةَ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا وَاسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا؛ لِأَنَّهَا غَائِبَةٌ وَالْغَائِبَةُ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ تَزَوَّجْت امْرَأَةً وَكَّلَتْنِي بِالنِّكَاحِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُتَنَقِّبَةً وَلَا يَعْرِفُهَا الشُّهُودُ، فَقَالَ اشْهَدُوا أَنِّي تَزَوَّجْت هَذِهِ الْمَرْأَةَ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ جَازَ هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهَا حَاضِرَةٌ وَالْحَاضِرَةُ تُعْرَفُ بِالْإِشَارَةِ فَإِذَا أَرَادُوا الِاحْتِيَاطَ يَكْشِفُ وَجْهَهَا حَتَّى يَعْرِفَهَا الشُّهُودُ أَوْ يَذْكُرَ اسْمَهَا وَاسْمَ أَبِيهَا وَاسْمَ جَدِّهَا حَتَّى يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَيَقَعَ الْأَمْنُ مِنْ أَنْ يُرْفَعَ إلَى قَاضٍ يَرَى قَوْلُ مَنْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَ الْمَرْأَةَ أَمَّا إذَا كَانُوا يَعْرِفُونَهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ فَذَكَرَ اسْمَهَا لَا غَيْرُ، جَازَ النِّكَاحُ إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي عَرَفُوهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّسْبَةِ التَّعْرِيفُ، وَقَدْ حَصَلَ بِاسْمِهَا اهـ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى وَالِاحْتِيَاطُ كَشْفُ وَجْهِهَا أَوْ ذِكْرُ اسْمِهَا بِكَلِمَةٍ أَوْ وَالصَّوَابُ بِالْوَاوِ كَمَا فِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَا أَحَدِهِمَا وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَرْسَلَ رَجُلًا لِيَخْطُبَ لَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَذَهَبَ الرَّسُولُ وَزَوَّجَهَا إيَّاهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْخِطْبَةِ وَتَمَامُ الْخِطْبَةِ بِالْعَقْدِ اهـ.

وَيُشْتَرَطُ لِلُزُومِ عَقْدِ الْوَكِيلِ مُوَافَقَتُهُ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى فَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ بِأَلْفَيْنِ إنْ أَجَازَ الزَّوْجُ جَازَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا فَالْخِيَارُ بَاقٍ إنْ أَجَازَ كَانَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ، وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ النِّكَاحُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِلَّا يَجِبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِالزِّيَادَةِ، فَقَالَ الْوَكِيلُ أَنَا أَغْرَمُ الزِّيَادَةَ وَأُلْزِمُكُمَا النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا لِيُزَوِّجَهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَأَقَامَتْ مَعَ الزَّوْجِ سَنَةً ثُمَّ زَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّ الْوَكِيلَ زَوَّجَهَا مِنْهُ بِدِينَارٍ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُقِرًّا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تُوَكِّلْهُ بِدِينَارٍ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ أَجَازَتْ النِّكَاحَ بِدِينَارٍ وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْ النِّكَاحَ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ الْمَرْأَةَ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى فَإِذَا بَطَلَ النِّكَاحُ وَوَجَبَ الْعُقْرُ بِالدُّخُولِ لَا يُزَادُ عَلَى مَا رَضِيَتْ أَمَّا هُنَا الْمَرْأَةُ مَا رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَيْسَ لَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَدَّعِي التَّوْكِيلَ بِدِينَارٍ وَهِيَ تُنْكِرُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ الْيَمِينِ، وَهَذَا أَمْرٌ يُحْتَاطُ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهَدَ عَلَى أَمْرِهَا وَتُجِيزَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ إذَا خَالَفَ أَمْرَهَا، وَكَذَا الْوَلِيُّ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَنِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ مَوْقُوفٌ كَنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ) شَرَعَ فِي بَيَانِ الْفُضُولِيِّ وَبَعْضِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ مَنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ أَوْ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ أَهْلًا لَهُ، وَإِنَّمَا زِدْنَاهُ لِيَدْخُلَ نِكَاحُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنٍ إنْ قُلْنَا إنَّهُ فُضُولِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ مُلْحَقٌ بِهِ فِي أَحْكَامِهِ وَالْفُضُولِيُّ جَمْعُ فَضْلٍ غَلَبَ فِي الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَمَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَقَوْلُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَنْتَ فُضُولِيٌّ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَصِفَتُهُ أَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ غَيْرُ نَافِذٍ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وُضِعَ لِحُكْمِهِ وَالْفُضُولِيُّ لَا يَقْدِرُ عَلَى إثْبَاتِ الْحُكْمِ فَيَلْغُو وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ التَّصَرُّفِ صَدَرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ كَلَامَ الْوَلْوَالِجِيِّ يَشْهَدُ لَهُ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي صِحَّةِ نِكَاحِ الْمُنْتَقِبَةِ أَيْ فَهُوَ الْمُخْتَارُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيَّ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ نَقَلَ كَلَامَ الْخَصَّافِ بِجَمِيلِ الْأَوْصَافِ مَعَ أَنَّهُ كَبِيرٌ يُقْتَدَى بِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُخْتَارُ خِلَافَهُ لَنَبَّهَ عَلَيْهِ اهـ.

وَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْ هَذَا فِي الرَّمْزِ وَفِيهِ أَنَّ اقْتِصَارَ الْوَلْوَالِجِيِّ عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْخَصَّافِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ وَنَقْلُ الْحَلْوَانِيُّ لَهُ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ النِّكَاحِ نَقْلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُضْمَرَاتِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ خِلَافَهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْخِطْبَةِ وَتَمَامُ الْخِطْبَةِ بِالْعَقْدِ) قَالَ فِي الرَّمْزِ لَعَلَّ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَإِلَّا فَقَدْ يَخْطُبُ الشَّخْصُ لِيَنْظُرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>