للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ بِعْ عَبْدِي هَذَا بِشُهُودٍ أَوْ بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا بِأَمَةٍ) أَيْ لَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ مُخَالِفًا بِنِكَاحِ أَمَةٍ لِغَيْرِهِ فَيَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رُجُوعًا إلَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ وَعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقَالَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهُ كُفُؤًا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ التَّزَوُّجُ بِالْأَكْفَاءِ قُلْنَا الْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ أَوْ هُوَ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ فَلَا يَصِحُّ مُقَيَّدًا وَذُكِرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ فِي هَذَا اسْتِحْسَانٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّزَوُّجِ بِمُطْلَقِ الزَّوْجَةِ فَكَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ فِي التَّزَوُّجِ بِالْكُفْءِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مَعْدُودَةٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَلِذَا قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ قَوْلُهُمَا أَحْسَنُ لِلْفَتْوَى وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ قِيَاسًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِنَفْسِ اللَّفْظِ الْمَنْصُوصِ فَكَانَ النَّظَرُ فِي أَيِّ الِاسْتِحْسَانَيْنِ أَوْلَى اهـ.

قُيِّدَ بِكَوْنِهِ أَمَرَهُ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَلَمْ يَصِفْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ حُرَّةٍ فَزَوَّجَهُ أَمَةً أَوْ عَكْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ زَوَّجَهُ فِي عَكْسِهِ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً جَازَ وَأُطْلِقَ فِي الْآمِرِ فَشَمِلَ الْأَمِيرَ وَغَيْرَهُ وَوَضَعَهَا فِي الْهِدَايَةِ فِي الْأَمِيرِ لِيُفِيدَ أَنَّ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْآمِرِ رَجُلًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَكَّلَتْهُ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَمْ تُعَيِّنْ فَزَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ كَانَ مُخَالِفًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِاعْتِبَارِهَا مِنْ جِهَةِ الرِّجَالِ وَإِنْ كَانَ كُفُؤًا إلَّا أَنَّهُ أَعْمَى أَوْ مُقْعَدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ خَصِيًّا أَوْ عِنِّينًا وَإِنْ كَانَ لَهَا التَّفْرِيقُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَأَنَّ الْعُرْفَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَصِحُّ مُخَصِّصًا فَالْوَكِيلُ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ لَيْسَ مُخَالِفًا لَوْ زَوَّجَهُ عَمْيَاءَ أَوْ شَوْهَاءَ فَوْهَاءَ لَهَا لُعَابٌ سَائِلٌ وَعَقْلٌ زَائِلٌ وَشِقٌّ مَائِلٌ أَوْ شَلَّاءَ أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ امْرَأَةً حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ زَوَّجَهَا رَجُلًا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا كَذَلِكَ أَوْ امْرَأَةً كَانَ الْمُوَكِّلُ آلَى مِنْهَا أَوْ فِي عِدَّةِ الْمُوَكِّلِ وَالْأَصِيلُ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ إلَى خَيْرٍ أَوْ كَانَ خِلَافُهُ كَلَا خِلَافٍ نَفَذَ عَقْدُهُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِعَمْيَاءَ فَزَوَّجَهُ بَصِيرَةً وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا أَمَرَهُ بِالْفَاسِدِ فَزَوَّجَهُ صَحِيحًا بَلْ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ أَصْلًا

وَأَمَّا الْعِدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ فَلَيْسَ حُكْمًا لَهُ بَلْ لِلْوَطْءِ إذْ لَمْ يَتَمَحَّضْ زِنًا بِخِلَافِ أَمْرِهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَهُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا وَكَّلَهُ بِأَلْفٍ فَلَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ حَتَّى زَادَهَا الْوَكِيلُ ثَوْبًا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِحْقَاقِ الثَّوْبِ أَوْ هَلَاكِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ لَا الْوَكِيلِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ وَإِذَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِنْ اخْتَارَ التَّفْرِيقَ فَكَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا أَمَرَهُ بِبَيْضَاءَ فَزَوَّجَهُ سَوْدَاءَ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا فَزَوَّجَهُ مِنْ أُخْرَى فَإِنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْأَمَةِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ أَمَةَ نَفْسِهِ وَلَوْ مُكَاتَبَتَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ لِلتُّهْمَةِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ بِنْتَه فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا مُولِيَتُهُ كَبِنْتِ أَخِيهِ الصَّغِيرَةِ

وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهُ الْكَبِيرَةَ بِرِضَاهَا جَازَ اتِّفَاقًا وَالْوَكِيلُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَنْفُذُ فِعْلُ الْوَكِيلِ فَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَحُكْمُ الرَّسُولِ كَحُكْمِ الْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَضَمَانُهُمَا الْمَهْرَ صَحِيحٌ وَإِنْكَارُ الْمُرْسِلِ وَالْمُوَكِّلِ الرِّسَالَةَ وَالْوَكَالَةَ بَعْدَ الضَّمَانِ وَلَا بَيِّنَةٍ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْهُمَا فَيَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَتَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ بِالتَّزْوِيجِ إذَا طَلُقَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا صَحِيحٌ كَتَوْكِيلِهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ وَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ فَطَلُقَتْ وَحَلَّتْ فَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِذَا زَوَّجَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُزَوِّجَهُ كُفُؤًا إلَخْ) قَالَ الْكَشَّافُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِي النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ أَيْضًا عِنْدَهُمَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ تَحْتَ قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَمَرَهُ أَمِيرٌ إلَخْ قَيَّدَهُ بِالْأَمِيرِ وَحُكْمُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِيرًا فَزَوَّجَهُ الْوَكِيلُ أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ مَفْلُوجَةً أَوْ مَجْنُونَةً إمَّا اتِّفَاقًا وَإِمَّا لِمَا قِيلَ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ لِيُظْهِرَ الْكَفَاءَةَ فَإِنَّهَا مِنْ جَانِبِ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الْوَكَالَةِ عِنْدَهُمَا اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَهُمَا لَا مُطْلَقًا بَلْ هُنَا فَقَطْ وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَوْلُهُ دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ إنْ أَرَادَ دَلَّتْ عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي الْوَكَالَةِ عِنْدَهُمَا فَمُسَلَّمٌ بِالنَّظَرِ إلَى دَلِيلِهَا وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَمَنُوعٌ اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>