للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قول محمد كذا وكذا وذكر عدة مسائل، فنزل قاضي خان (١) عن المنبر واعتنقه وقال له: يا سيدي لعلك تكون محمد بن الفضل الكَمَاري، قال: نعم. قال: أنت أحق بهذا المجلس، مني. وهذا لا يصح لأن الكَمَاري مات سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، وقاضي خان مات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وإن كان الكَمَاري أعلى شأناً منه، لأنه في طبقة مشايخ القدوري. فائدة: ذكر الذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة الحافظ أبي نُعيم الأصبهاني (٢) أنه تكلّم في ابن مَنْدَة، قال: لا أقبل [كلام] كل منهما في الآخر، بل هما عندي مقبولان (٣) لا أعلم لهما ديناً أكبر من روايتهما الموضوعات ساكِتَيْن.

وعن محمد بن طاهر المقدسي أنه كان يقول: أسجن الله عين أبي نُعيم يتكلم في أبي عبد الله بن مَنْدَة وقد أجمع الناس على إمامته وسكت عن لاحق وقد أجمع الناس على أنه كذّاب. قال الذهبي: كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ولا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب أو لحسد، ماينجو منه إلا من عصمه الله وما علمت أنّ عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصِّدِّيقين ولو سُئلت لسردت في ذلك كرارشى. انتهى

في أحوال المذاهب: ذكروا أن مذهب أبي حنيفة [كان] أظهر المذاهب بالمغرب إلى أن حمل المعزّ الفاطمي الناس على مذهب مالك.

وذكر في "طبقات الحنفية" أن القاضي أبا الفضل إسماعيل بن اليسع الكندي الكوفي (٤) من أصحاب أبي حنيفة، كان في المائة الثانية، ولي قضاء مصر بعد ابن لَهيعة، سنة أربع وستين ومائة أنه هو أول من أدخل مذهب أبي حنيفة بمصر وكانوا لا يعرفونه. وكان قد تعصب بعضُ أصحاب إمام على بعضٍ آخر كالخطيب البغدادي (٥)، وله هذيانات في حق الإمام أبي حنيفة


(١) انظر ترجمته في "الجواهر المضية" (٢/ ٩٣ - ٩٤)، وفي القسم الأول برقم ١٤٣٠.
(٢) ليس لأبي نُعيم الأصبهاني ترجمته في "ميزان الاعتدال" للذهبي، والإحالة عليه وهم من المؤلف -رحمه الله-، وما بين الحاصرتين تكملة منا لتمام معنى الكلام.
(٣) وقد كان سبب الوحشة الشديدة بين أبي نعيم الأصبهاني وابن مندة وقتئذ حول قضية اللفظ بالقرآن، أهو مخلوق أم غير مخلوق؟ وقد صنّف أبو نعيم في ذلك كتابه في الردّ على اللفظية والحلولية، ومال فيه إلى جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة، ومال ابن مندة إلى جانب من يقول: إنها غير مخلوقة، وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصوده لا على جميعه, فما قصده كل منهما من الحق، وجد فيه من الفقول الثابت عن الأئمة ما يوافقه، وانظر "بيان موافقة صريح معقول الصحيح المنقول" على هامش "منهاج السُّنة النبوية" (١/ ١٦٠). عن "سير أعلام النبلاء" (١٧/ ٣٢) وحاشيته باختصار وتصرف يسير.
(٤) ترجمته في "رفع الإصر عن قضاة مصر" (٨٨) و"المقفى الكبير" (٢/ ١١٣).
(٥) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>