للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكسد سوقه حيثما قام وأينما كان". ثم يذكر هنا أنه بعد أن انتهى من تأليف الكتاب جعل اسمه "سلم الوصول إلى طبقات الفحول". ثم يقول كاتب جلبي إن غايته الأخلاقية من ذلك العمل الموسوعي الذي استغرق إعْدَادُهُ سنواتٍ طويلةٍ وجهودًا كبيرة إنما هي "التبرك بذكر خيارهم والتوسل إلى الله بالاقتفاء على آثارهم". ولم يكن كاتب جلبي ليترك طيلة حياته كتابًا في التاريخ والتراجم دون أن يقرأه أو يطلع عليه ويتصفحه، ثم يقول حول جهوده التي استمرت سنوات طويلة ما يلي: " .. ولما كثر عندي عَددها وعُددها، واجتمع لدي أسبابها وسندها أردت أن أجمع من جملتها كتابًا وسطًا على وفق خير الأمور، بحذف الزوائد وإثبات المهم والفوائد مع إلحاق فوايد يقف دونها الفحول وتنجذب إليها الأذهان والعقول، فإني جمعت فيه أساطين الأوائل والأواخر، وبذلت جهدي في بيان مبهمات الأسماء والأنساب فلم أغادر، حسبما يقتضيه الحال من التفصيل والإجمال، ورتبته على حروف أسماء الأشخاص وأسماء آبائهم كما هو الواجب فيه، وكذا الأنساب في القسم الذي يليه باعتبار الخط دون اللفظ والأصل، فإنه محسوس بديهي بالقياس إليهما عند العقل".

ويتحدث كاتب جلبي في صدر مقدمته عن ضرورة علم التاريخ والتراجم، وحاجة الكثير من العلوم إليه، وأن هناك أمورًا عديدة لا يمكن تفسيرها وفهمها إلّا بعلم التاريخ. وينقل في هذا السياق عن سفيان الثوري (ت ١٦١ هـ / ٧٧٨ م) قوله: "لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"، ثم ما روي عن الإمام الشافعي (ت ٢٠٤ هـ / ٨٢٠ م) أنه "أقام على تعلم أيام الناس والأدب عشرين سنة، وقال ما أردت بذلك إلّا الاستعانة على الفقه". ثم نراه ينقل بعد ذلك آراء النووي (ت ٦٧٦ هـ / ١٢٧٧ م) حول الفوائد الجمة من معرفة أسماء الرجال وأحوالهم

ومراتبهم.

فقد عبر كاتب جلبي في المقدمة عن آرائه وأفكاره الأساسية حول علم التاريخ والتراجم في المقدمة، وتوقف عند تعريف التاريخ من الناحية اللغوية، وأهميته بالنسبة لبقية فروع العلم. كما أشار إلى وجود العديد من المؤلفات والمصنفات في هذا المجال. ولكننا نشهد فوق هامش نسخة القاهرة التي هي النسخة الوحيدة الموجودة في أيدينا لمقدمة الكتاب عبارةً على الورقة الثانية تقول: "من أراد أن يطلع على الكتب المؤلفة في الوفيات والطبقات وغيرها فليرجع إلى تأليفنا المسمى بكشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون".

ونرى كاتب جلبي بعد ذلك يجعل فهمه الأساسي في موضوع التاريخ مرتكزًا على طريقة الإمام الرافعي مؤلف كتاب "تاريخ قزوين"، (٩) وينقل عنه قوله:


(٩) منقول من كتاب "التدوين في ذكر أخبار قزوين" لأبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (ت ٦٢٣ هـ / ١٢٢٦ م) (كشف الظنون، ص ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>