موسى إلى ابتداء ملك بختنصر يعلم من المنجمين، وهم أيضًا مختلفون في ذلك، ويعلم أيضًا من سِفر قضاة بني إسرائيل، وهو أيضًا غير محصَّل.
وأما ما يؤخذ عن المورِّخين قبل الإسلام فمضطرب أيضًا، فإنهم أرَّخوا بابتداء ملوكهم فكثرت ابتداءات تواريخهم وفسدت بسبب ذلك فسادًا لا يُطمع في إصلاحه، مع بعد العهد وتَغَيُّر اللغات وعدم [وجود] الكتب المُوَلَّفَة في هذا الفَنِّ، فتعذر التحقيق.
ثم إن من التواريخ ما هو دائر بين أقوام، كالهجري والرُّومي والجلالي، ومنها ما هو دائر بين قوم مخضرمين، كـ"تاريخ القبط" لأهل مصر و "تاريخ الميلاد" للإفرنج. ومنها ما هو شهري وسنوه شمسيين، كالجلالي والرُّومي. ومنها ما كانتا قمريتين كالهجري، ومنها ما كان شهوره قمرية وسنوه شمسية، كتاريخ اليهود والتواريخ الغير المشهورة أكثر من المشهورة وقد اشتهر التركي والقبطي والرُّومي والعربي والهجري والفارسي والجلالي.
فالتركي وهو أقدم التواريخ، لأن حكماء الصين والمغول وطوائف الترك جعلوا مبدأه من خلق العالم وجعلوا مدة العالم ثلاثمائة وستون وتآكل منها عشرة آلاف سنة وجعلوا كل تاريخهم اثني عشر دورًا وجعلوا لكل سنة حيوانًا سموه باسمه، على أن أحكامه منسوبة إليه ولما فيه من عدم الانتظام صار مهجورًا.
والقبطي: من زمن دِقْلَطِيَانُوس وهو من ملوك مصر ولا يتداول هذا التاريخ إلا أهل الحجاز وأهل مصر وقد سبق مدته في الجدول.
والرومي: ويقال له الإسكندري، لأن الروم أرَّخوا من خروج إسكندر اليوناني من بلاد مقدونية. واليونانيون أرَّخوا من وفاته بشهرزور، والمدة فيما بين المبدأين إحدى عشرة سنة شمسية وثلاثمائة وخمسة وعشرون يومًا، وشهور الروم -وهو تاريخ الميلاد- وشهور السريان متفقان في العدد والدخول. والسريانيون ينسبون شهورهم لأغسطس قيصر كما في "نهاية الأرب".
والعربي: من مبادئ متعددة إلى المبعث والهجرة كانوا (١) يزيدون في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر للنسيء، وكانوا يحلُّون الأشهر الحرم ويحرِّمون أشهرًا أُخر في عام آخر، فلا تنتقل الشهور من فصل إلى فصل ولا يتقاعدون عن الحرب ثلاثة أشهر، فبطل في الإسلام، وأسامي شهورهم وأيامهم مذكورة في محله.