للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم اعلم أن الدال على معين مطلقًا إما أن يكون مصدَّرًا بأب أو أم، كأبي بكر وأم كلثوم. وإما أن يشعر برفعة المسمى، كأنف الناقة وملاعب الأسنة والرشيد والمأمون والواثق والناصر وسيف الدولة وجمال الدين وحجة الإسلام ومَلِكِ النُّحَاة. وإما أن يشعر بضعة المسمى كشيطان الطارق والعَكَوَّك وجَحْظَه. وأما أن لا يشعر بشيء منهما، بل أجري ذلك لواقعة جرت مثل غسيل الملائكة وصالح جَزَرَة (١) والمُبَرّد وذي الرُّمَّة وحَيْصَ بَيْصَ وصُرَّدُرّ، فهذه الأقسام الثلاثة تسمى الألقاب وإلا فهو الاسم الخاص، كزيد وعمرو، وهذا هو العَلَم، وقد يكون العلم مفردًا وقد يكون مركبًا، إما من فعل وفاعل، كتأبط شرًّا وبرق نحره، وإما من مضاف ومضاف إليه، وإما من اسمين قد رُكّبا وجعلا بمنزلة اسم واحد، كسيبويه. والمفرد قد يكون مرتجلًا وهو الذي ما استعمل في غير العَلَمية، لمذحج وأُدد، وقد يكون منقولًا إما من مصدر، كسعد وفضل، أو من اسم فاعل، كعامر، أو مفعول، كمسعود، أو من أفعل التفضيل، كأحمد، أو من صفة كثقيف وسلول وقد يكون منقولًا من فعل ماض كشَمَّر، أو مضارع كيزيد. ومما يضطر إلى معرفته في كل فنِّ النسب هو (٢) إضافة شيء إلى بلد، أو قرية، أو صناعة، أو مذهب، أو عقيدة، أو علم، أو قبيلة، أو والد، كقولك مصري ومِزّي ومنجنيقي وشافعي ومعتزلي ونحوي وزهري وخالدي.

والأصل في النسب النسبة إلى الآباء، ولما تعذَّر انتساب كل شخص إلى آبائه لجهالة أو هجنة ونحوهما أضيف إلى ما يلابسه من المكان أو الصنائع ونحوه.

وإنما تسمى نسبًا لأن المنسوب يعرف به كما يعرف الإنسان بآبائه وإنما زيد عليه حرف لنقله إلى المعنى الحادث عليه طردًا للقاعدة في التأنيث والتثنية والجمع.

وإنما اختصت الياء لأن أثر الإضافة في الثاني الجرّ والكسرة من جنس الياء، وإنما شددت لأنه أبلغ في المعنى من الإضافة وكسر ما قبلها توطئة لها. والمنسوب إما إلى مفرد أو غير مفرد، فإذا نسب إلى مفرد تقول في فَعْل فَعَليّ كَنَمَري، وشذ إنسي وبصري: بكسر الهمزة والباء وسُهلي ودُهري: بضم أولهما، وحِرْمي: بكسر الحاء وسكون الراء إلى حرم مكة. وفي مروروذي مَرْوَزي ورازي. ولا يقال في غير الإنسان إلا مروي. قاله ابن عصفور (٣).

وفي فَعِل فَعَلي كما في النسبة إلى الصَّدف، وإنما فتحوا الدال مع كسرها في غير النسب لئلا يوالوا بين كسرتين قبل ياءين.


(١) هو صالح بن محمد بن عمرو الأسدي البغدادي، الملقب بـ (جَزَرَة)، الحافظ الكبير، المتوفى سنة (٢٩٣ هـ). انظر "سير أعلام النبلاء" (١٤/ ٢٣ - ٣٣) و"الأمصار ذوات الآثار" (٩١) و "شذرات الذهب" (٣/ ٣٩٦).
(٢) في (م): "وهو" وما أثبتناه أصح للسياق.
(٣) انظر "المُقَرّب" (٢/ ٦٧ - ٦٨) وقد نقل المؤلف عنه باختصار وتصرّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>