للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ وقال -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [سورة البقرة: ١٨٦]، "جاء في الحديث الذي رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن من طرق إلى أبي عثمان النهدي عن أبي موسى قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم)، وفي رواية: أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالتهليل والتكبير إذا علوا عقبة أو ثنية، وليس في هذه الروايات ذكر الآية ولكن الحديث في المقام؛ فإنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير المأمور به في الآية السابقة، فدلت الآية على ما صرح به الحديث من النهي، فكان الحديث تفسيرا لها، بل هو عمل بها، وذكره ابن عادل في تفسيره من أسباب نزولها" (١).

ـ وقال أيضا -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [سورة البقرة: ١٣٦]، "ولعل نكتة اختلاف التعبير أن يشمل ما أوتي موسى وعيسى تلك الآيات التي أيدهما بها كما قال: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) (١٧: ١٠١)، وقال: (وآتينا عيسى بن مريم البينات) (٢: ٨٧)، ثم قال: (وما أوتي النبيون من ربهم) ليدل على أن ذلك لم يكن خاصا بموسى وعيسى والله أعلم " (٢).

ـ وقوله -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة البقرة: ٢٠٩]، "والتقييد بمجيء البينات والآيات دليل على أن من لم تبلغه الدعوة الصحيحة بالبينة والدليل لا يخاطب بهذا الوعيد، فحسبه حرمانه من هداية الأنبياء عليهم السلام، فكيف يطالب مع ذلك بما لا يعلم، ويجعل مع من عاند الحق من بعد ظهوره له في قرن؟! " (٣).

ـ وقوله -رحمه الله-: عند قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [سورة البقرة: ٢١٩]، "فإن آية البقرة تدل على التحريم بمقتضى القاعدة المعروفة عند الفقهاء، وهي تحريم ما تغلب المفسدة فيه على المصلحة، ويرجح الضرر فيه على النفع، وقد نطقت الآية بهذا الترجيح في الخمر والميسر (وإثمهما أكبر من نفعهما)، وهو ما فهمه بعض خواص الصحابة فتركوهما، ولم يكلف جميع المسلمين تركهما إلا بعد نزول آية المائدة التي هي نص قطعي لا يحتمل التأويل؛ إذ نطقت بأنهما رجس من عمل الشيطان، وصرحت بالأمر باجتنابه، وهو أبلغ من الأمر بالترك، وما من مسألة ذكرت في القرآن بنص غير قطعي الدلالة إلا ولله تعالى حكمة في عدم القطع بها" (٤).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ١٣٤).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٣٩٨).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٢/ ٢١٥).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٩/ ١٣٧).

<<  <   >  >>