للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المرحلة لم يتطرق فيها إلى إثبات ما تم الاستفادة منه من كتب التفسير، إلا أن أغلبها موافقة لما في تفسير البيضاوي، والجلالين.

أما المرحلة الثانية، وهي التي استقل فيها الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- بكتابة التفسير بعد وفاة الشيخ محمد عبده -رحمه الله- فإنها كذلك مرت بمرحلتين:

الأولى: مرحلة السير على خطى شيخه، وقد كانت له طريقة في النقل عن شيخه محمد عبده فكان يضع نقوله بين علامتي تنصيص " "، كما قال: (وقد بين الأستاذ الإمام النوع الأول في رسالة التوحيد أكمل بيان، بأوضح برهان، واختصر في بيان النوع الثاني، فقال: " أما أرباب النفوس والعقول السامية من العرفاء، ممن لم تدن مراتبهم من مراتب الأنبياء، ولكنهم رضوا أن يكونوا لهم أولياء، وعلى شرعهم ودعوته أمناء: فكثير منهم نال حظه من الأنس، بما يقارب تلك الحال في النوع أو الجنس، لهم مشارفة في بعض أحوالهم على شيء من عالم الغيب، ولهم مشاهد صحيحة في عالم المثال لا تنكر عليهم لتحقق حقائقها في الواقع، فهم لذلك لا يستبعدون شيئا مما يحدث به من الأنبياء صلوات الله عليهم، فلم يبق بين المنكرين لأحوال الأنبياء ومشاهدهم وبين الإقرار بإمكان ما أنبئوا به بل بوقوعه إلا حجاب من العادة، وكثيرا ما حجب العقول حتى عن إدراك أمور معتادة") (١).

المرحلة الثانية: مرحلة العودة إلى منهج السلف في التفسير بالمأثور، وهنا يظهر مدى عناية الشيخ محمد رشيد بكتب السلف والإفادة من استنباطاتهم، وقد تميزت هذه المرحلة بالتالي:

ـ التصريح بمصطلح التفسير بالمأثور من بداية الجزء السابع فقال: "وروى أهل التفسير المأثور قولا بأن المراد بالقسيسين والرهبان من آمن بعيسى في عهده كالحواريين، وقولا آخر: المراد بهم جماعة النجاشي، وسيأتي بعض ما ورد في ذلك ومن الناس من يجعل هذه الآية آخر الجزء السادس، لأن التجزئة لا تراعى فيها المعاني" (٢).

ـ اعتماده على تفاسير كثير من الصحابة واستنباطاتهم، ومن ذلك قوله: "من استنباط أم المؤمنين خديجة في حديث أم المؤمنين عائشة في بدء الوحي فإنه صلى الله عليه وسلم لما قال لخديجة رضوان الله عليها: " لقد خشيت على نفسي، قالت له: كلا، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق "، هذا لفظ مسلم" (٣).


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ٢٦٦ - ٢٦٧).
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ١١).
(٣) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٨/ ٣٤).

<<  <   >  >>