للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنحن قد سمعنا بآذاننا شبهات على بعض الآيات والأحاديث لم يسهل علينا دفعها وإقناع أصحابها بصدق كلام الله وكلام رسوله إلا بضرب من التأويل، وأمثال تقربها من عقولهم ومعلوماتهم أحسن التقريب، وقد غلط كثير من علماء الكلام والمفسرين في بيان مذهب السلف وفي معاني التفويض والتأويل، وتجد تفصيل ذلك لنا في أوائل تفسير سورة آل عمران، كما أخطأ من قالوا: إن الدليل العقلي هو الأصل فيرد إليه الدليل السمعي ويجب تأويله لأجل موافقته مطلقا، والحق كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كلا من الدليلين إما قطعي وإما غير قطعي، فالقطعيان لا يمكن أن يتعارضا حتى نرجح أحدهما على الآخر، وإذا تعارض ظني من كل منهما مع قطعي وجب ترجيح القطعي مطلقا، وإذا تعارض ظني مع ظني من كل منها رجحنا المنقول على المعقول؛ لأن ما ندركه بغلبة الظن من كلام الله ورسوله أولى بالاتباع مما ندركه بغلبة الظن من نظرياتنا العقلية التي يكثر فيها الخطأ جدا؛ فظواهر الآيات في خلق آدم مثلا مقدم في الاعتقاد على النظريات المخالفة لها من أقوال الباحثين في أسرار الخلق وتعليل أطواره ونظامه ما دامت ظنية لم تبلغ درجة القطع.

وينبغي أن تعلم أيها القارئ المؤمن: أن من الخير لك أن تطمئن قلبا بمذهب السلف ولا تحفل بغيره" (١).

ثانيا: عنايته بكتب السلف وطبعها في مطبعة المنار وذلك بطبع كتب ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب ونحوهم وهو أمر اشتهر به السيد رشيد والمنار حتى سماه خصومه بالوهابي.

وبذل جهدا كبيرا في الدفاع عن العقيدة المتمثلة في دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب فكتب مقالات عديدة في الدفاع عنها بل تجاوز هذا إلى تأليف كتاب:

١. السنة والشيعة أو الوهابية والرافضة، رد فيه على خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الشيعة والرافضة.

٢. الوهابيون والحجاز، وهو مجموعة مقالات كتبها حينما هاجم خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية ووصفوها بالابتداع والخروج عن الإسلام، شرح فيها دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومبادئها وأهدافها وحالة أتباعها في عصره وأنهم لا يرجى غيرهم في إعادة ما للمسلمين من عزة ومجد.

ونشاطه في طبع كتب السلف وتحقيقها والتعليق عليها بما يوضحها ويجلوها للناس أمر لا يخفى، وكان لها الأثر الكبير في تحوله إلى مذهب السلف وتأثره بهم عن طريق كتبهم.

ثالثا: الخصومة بينه وبين أتباع المدرسة العقلية الحديثة من تلاميذ الشيخ محمد عبده، فقد أدركوا تحوله عن منهج شيخه وجرت بينه وبينهم مناقشات حادة، ففي الصحف كثيرا ما هاجموه وهاجموا آراءه الجديدة ومن هؤلاء الأستاذ محمد حسين، والشيخ عبد العزيز جاويش والأستاذ محمد فريد وجدي.


(١) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٢١١).

<<  <   >  >>