للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - كان يعتني بذكر مقدمات مهمة للسورة، كما يذكر خلاصة موجزة لها يتحدث فيها عن الفوائد والقواعد والأحكام الشرعية التي اشتملت عليها، وهاهو يقول -رحمه الله- لصديقه (شكيب ارسلان): "واتفق أن تمت في سورة براءة (التوبة)، وعليّ أن أراجعه كله لأستخرج منه مسائل السورة الكريمة من أصول وفروع وغيرها، وهذا أشق عمل في التفسير، ولم أسبق إلى مثله" (١)، وقد سار على هذه الطريقة في جميع السور التي فسرها، فهو في سورة الأعراف مثلا يبسط تفسيرها فيما يقارب الثمانمائة صفحة، ثم يلخص أحكامها في اثنتين وعشرين صفحة (٢).

٤ - العناية بدعم التفسير بالأحاديث الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، والآثار الواردة المتعلقة بالآية أو السورة، وذكر أسباب النزول وتمحيص الروايات الواردة فيها، ولم يغفل عند ذكره هذه الأحاديث، عن التعليق عليها، ونقد أسانيدها، وتمحيص رواتها، هذا فضلاً عن تخريجها، وعَزْوها إلى مصادر الحديث المعتمدة (٣) (٤)، و كان مهتماً بذكر القراءات القرآنية عند وجودها (٥).

٥ - توسع الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- في بعض المسائل اللغوية والنحوية، ومن ذلك توسعه في شرح معاني بعض الكلمات الغريبة والعناية بالجوانب البلاغية، والإشارة إلى القواعد النحوية، وإيراد شواهد أو نصوص أدبية تتصل بالموضوع (٦)، وأحيانا لا يذكر إلا ما كان منهما ضرورياً لبيان معنى الآيات، وجمال الأسلوب القرآني، ودقة التعبير فيها (٧)، وكان هدفه من هذا الاقتصاد هو ألاَّ يشغل القارئ عن وجوه الهداية، والإصلاح في معاني الآيات المفسرة، وهي مقصوده الأول من التفسير، كما كان ذلك مقصود شيخه محمد عبده من تفسير القرآن (٨).


(١) السيد رشيد رضا وإخاء أربعين سنة، شكيب أرسلان ٦١٥.
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٩/ ٥٥٩ - ٥٨٠).
(٣) رشيد رضا ودعوته ١٥٥ - ١٧٥، قراءة في منهج رشيد رضا، حازم محي الدين.
(٤) انظر، على سبيل المثال، تفسير المنار، ٣/ ٨٢ - ٩١، وانظر أيضاً، موقف المدرسة العقلية الحديثة من الحديث الشريف: دراسة تطبيقية على تفسير المنار، (٢٧٥ ـ ٤٠٨).
(٥) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ١٦٧، ٣/ ٢٤٧)
(٦) حسيب السامرائي ١٢ - ١٨
(٧) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٠/ ٥٢٤).
(٨) أشار رشيد رضا إلى أن للقرآن الكريم بلاغتين، بلاغة مضمونه ومعانيه، وتأتي في المقام الأول، وبلاغة ألفاظه وأساليبه، وتأتي على الرغم من أهميتها في المقام الثاني، فها هو يقول "وإن كثرة البحث في الثاني -يقصد البلاغة اللفظية- ليشغل المفسر عن الأول الخاص منه بالهداية، وإصلاح النفس وتزكيتها، ولهذا السبب نقتصر منه في تفسيرنا على ما قصر فيه المفسرون باختصار لا يشغل عن الهداية المقصودة بالذات، وقد نجعله من باب الاستطراد بعد بيان معنى الآية أو الآيات". تفسير المنار، ١٢/ ٩١. انظر أيضاً ١٠/ ٥٢٤.

<<  <   >  >>