للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤ - العناية بالعلوم الاجتماعية والطبيعية والإشارة إليها في الأماكن المناسبة لها من التفسير (١) كإشارته إلى علم التاريخ، فقال عنه: فالتاريخ هو المرشد الأكبر للأمم العزيزة اليوم إلى ما هي فيه من سعة العمران وعزة السلطان، وكان القرآن هو المرشد الأول للمسلمين إلى العناية بالتاريخ ومعرفة سنن الله في الأمم منه، وكان الاعتقاد بوجوب حفظ السنة وسيرة السلف هو المرشد الثاني إلى ذلك، فلما صار الدين يؤخذ من غير الكتاب والسنة أهمل التاريخ، بل صار ممقوتا عند أكثر المشتغلين بعلم الدين، فإن وجد من يلتفت إليه، فإنما يكون متبعا في ذلك سنة قوم آخرين (٢). وكذا إشاراته إلى قوانين علم الاجتماع وقواعده في قيام الدول ونهوضها وسقوطها، وإشاراته لعلوم الطبيعة كالكيمياء وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم الطب (٣).

١٥ - نقل رشيد رضا بعض أقوال المفسرين في الأمور التي يحتاج إلى نقلها فيه، وهو يدل على غزارة علم الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- واطلاعه الواسع، ومع نقله هذا فهو لا يقلد شيئا من هذه الأقوال ولا يتأثر بها، وإنما ينقلها ثم يبدي رأيه مستقلا سواء وافق بعضها أم لم يوافقه (٤).

١٦ - امتاز في تفسيره بالتطويل والإطناب والإسهاب، بينما كان شيخه محمد عبده يميل في تفسيره إلى التركيز والإيجاز، كما أن أسلوب الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- أقرب وأخف وأسهل من أسلوب الشيخ محمد عبده -رحمه الله- ولعل لاشتغال الشيخ محمد رشيد بالصحافة والخطابة والسياسة أثراً في ذلك (٥).

١٧ - كان حريصاً في نهاية تفسير كل سورة تقريباً، على كتابة خلاصة إجمالية لأحكامها، وقواعدها، ومقاصدها (٦)، يركِّز فيها بشكل خاص على السُنن الإلهية الكثيرة التي أوردها في ثنايا الآيات المفسَّرة (٧)، بحيث يمكننا القول: إنَّ استنباط السُنن الإلهية في الخلق والتكوين، وفي الاجتماع والعمران البشري، وشؤون الأمم من القرآن الكريم، من أهم وأبرز السِّمات والخصائص التي تمَيَّز تفسير المنار بها عن مختلف التفاسير الأخرى (٨).


(١) رشيد رضا ودعوته ١٥٥ - ١٧٥.
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١/ ٢٥٩).
(٣) مجلة المنار (٣٥/ ١٩٠).
(٤) حسيب السامرائي ص ٢٧.
(٥) رشيد رضا ودعوته ١٥٥ - ١٧٥.
(٦) وصف رشيد رضا عمله هذا بأنه " أشق عمل في التفسير، ولم أُسبق لمثله "، السيد رشيد رضا وإخاء أربعين سنة، ٦١٥.
(٧) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٩/ ٥٥٩ - ٥٨٥).
(٨) (قراءة في منهج رشيد رضا في تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) وموقف النقاد منه)، لحازم محي الدين.

<<  <   >  >>