للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: الأسلوب الخطابي الذي يبدو أحيانا في تفسير المنار ولعل رشيدا نفسه قد أحس بهذا اللون الخطابي الذي يفتح الباب للتطويل والإسهاب، فعمد إلى اختصار تفسير المنار في أجزاء موجزة تحت عنوان: التفسير المختصر المفيد الذي يمكن أن يزداد علمنا بأمره عند الحديث عن كتب رشيد رضا (١).

ثالثا: عدم الاستقرار أحيانا في التفسير، ومن أمثلة ذلك أنه تكلم عن السبب في عدم نزول: "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول سورة التوبة فقال: "ولذلك لم تنزل البسملة في أول سورة التوبة التي فضحت آياتها المنافقين وبُدئت بنبذ عهود المشركين وشرع فيها القتال بصفة أعم مما أنزل فيما قبلها من أحكامه"، فنفهم من هذا أن عدم ذكر البسملة هو أن السورة منذرة وليست موطنا داعيا إلى التحدث عن الرحمة التي ذُكرت كثيرا في القرآن، ولكن رشيدا يعود في الجزء العاشر من التفسير إلى الحديث في الموضوع فلا يجعل هذا القول هو المختار، بل يقول عن سورة التوبة: "ولم يكتب الصحابة ولا من بعدهم البسملة في أولها لأنها لم تنزل معها كما نزلت مع غيرها من سور القرآن، هذا هو المعتمد المختار في تعليله، وقيل: رعاية لمن كان يقول أنها مع الانفال سورة واحدة والمشهور أنه لنزولها بالسيف ونبذ العهود وقيل غير ذلك مما في جعله سببا وعلة نظر"، ففي الموطن الأول يلوّح لنا أن رشيدا قد اختار الرأي القائل بأن سورة التوبة حُذفت منها البسملة لأنها إنذار وتشريع قتال، وفي الموطن الأخير يرى أن المعتمد المختار غير ذلك، وكلمة المشهور التي ذكرها لا تقطع بأن هذا هو المعتمد، فقد يكون هناك قول مشهور، ومع ذلك لا يكون هو المعتمد المختار (٢).

ومن أمثلة ذلك أيضا أنه تحدث في الجزء الأول من التفسير عن اسم الله الأعظم فقرر أن اسمي الحي والقيوم هما مع اسم الجلالة الله: "ما يعبر عنه بالاسم الأعظم وهو القول الراجح عندنا"، لكنه حينما بلغ تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ} [سورة البقرة: ٢٥٥] في الجزء الثالث قال كلاما لا يفيد تأكيده لما سبق أن قرره، أنه قال: "وهذا الذي قلناه في بيان معنى (الحي القيوم) يجلّى لمن وعاه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذا هو الاسم الأعظم، أو قال (أعظم أسماء الحي القيوم)، وقد أخرج أحمد وأبو دواد والترمذي وابن ماجه، عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: (اسم الله الأعظم) في هاتين الأيتين: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} وفاتحة آل عمران {ألم (*) الله لا إله إلا هو الحي القيوم} " (٣) هو في الموطن الأول صرح بأن الاسم الأعظم يتكون من ثلاثة أسماء: "الله، الحي، القيوم" ولكنه في الموطن الأخير لم يصرح بذلك، بل أفهمنا أن الاسم الأعظم يتكون من اسمين هما الحي القيوم، وإن كنا نستطيع أن نستنبط من الشواهد التي ذكرها الأسماء الثلاثة التي يتكون منها الاسم الأعظم (٤).


(١) مقال أحمد الشرباصي ١٥٣ - ١٦٠
(٢) مقال أحمد الشرباصي ١٥٣ - ١٦٠
(٣) تفسير المنار (٣/ ٢٤).
(٤) مقال أحمد الشرباصي ١٥٣ - ١٦٠

<<  <   >  >>