للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعا: العجلة أحيانا في كتابة التفسير وعدم التهيؤ الكامل لصياغته بإتقان وإحسان وكل لون من ألوان الكتابة قد تحتمل فيه العجلة إلا كتاب الله العلي الأعلى فإنه يلزمه التدبر والاستعداد والتفرغ عند كتابة تفسيره (١).

ورشيد كما يحدثنا كان يكتب التفسير أحيانا وهو على سفر وهو مثلا يقول في حديثه عن رحلته إلى الحجاز: "وتأخرت عنهم لإتمام ما كنت بدأت من كتابة نبذة من التفسير للمنار، لإرسالها مع البريد من جدة مع كتابة ما لا بد من كتابته إلى مصر"، وأغرب صور العجلة وقلة الاستقرار في كتابة رشيد للتفسير هو ما فعله في الجزء الخامس من تفسير المنار مما ترشدنا إليه عبارة ختم بها هذا الجزء وفيها يقول: "تم الجزء الخامس من التفسير وقد نُشر في المجلد الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من المنار، بدأت كتابة هذا الجزء وأنا في القسطنطينية سنة ١٣٢٨ هـ، ففاتني تصحيح ما طبع منه في أُثناء رحلتي تلك، وأتممته في أثناء رحلتي هذا العام ١٣٣٠ هـ إلى الهند، ومنه ما كتبته في مسقط والكويت والعراق، وقد أتممته في المحجر الصحي بين حلب وحماة، في أوائل شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف، ونشر آخره في جزء المنار الذي صدر في آخر رمضان، ولم أقف على تصحيح شيء مما كتبته في هذه الرحلة أيضا" (٢).

لعل رشيدا أراد أن يلتمس لنفسه الأعذار فيما يحدث من تقصي أو من هفوات الطبع، ومهما يكن الدافع فتفسير كتاب الله ينبغي له التفرغ والاستقرار.

ولا يستطيع عارف بقدر كتاب الله تعالى أن يرتضي خطة رشيد في كتابته التفسير التي يقول عنها: "وإننا نكتب التفسير دائما في وقت ضيق ونعطي ما نكتبه للمطبعة من غير قراءة ولا مراجعة، ثم لا نراه إلا عند تصحيح ما يُجمع في المطبعة وكلما جُمع شيء يُطبع، وإن لم تتم كتابة ما يتعلق به" (٣).

خامسا: انتقال تفسير المنار من مختصر إلى متوسط إلى طويل، فرشيد يذكر في نهاية تفسير الفاتحة المنشور في الجزء الأول من تفسير المنار أن غرضه الأول من كتابة تفسير الفاتحة ونشره في مجلة المنار كان بيان ما يستفيده من دروس شيخه الأستاذ الإمام (محمد عبده) مع شيء مما يفتح الله به عليه في إيجاز (٤).

فاختصر فيما كتبه أولا، ولما طبع تفسير الفاتحة على حدته زاد فيه بعض الزيادات وكان قد بدا له أن يجعل هذا التفسير مطولا مستوفى ولما بدأ طبع الجزء الأول من التفسير وانتهى من طبع الصفحات الخاصة منه بتفسير الفاتحة عززه بفوائد ألحقها بآخر تفسير هذه السورة.


(١) مقال أحمد الشرباصي ١٥٣ - ١٦٠
(٢) تفسير المنار (٥/ ٣٨٧).
(٣) رشيد ودعوة محمد بن عبد الوهاب ١٦٢.
(٤) المصدر السابق.

<<  <   >  >>