للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عن الزمخشري (١): "هذا وإن بعض المفسرين ولا سيما الزمخشري قد أساءوا الأدب في التعبير عن عفو الله تعالى عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية، وكان يجب أن يتعلموا منها أعلى الأدب معه صلوات الله وسلامه عليه، إذ أخبره ربه ومؤدبه بالعفو قبل الذنب، وهو منتهى التكريم واللطف" (٢).

وقال في حق الإمام أبي السعود (٣): "ولكن أبا السعود تنطع في التأويل فذهب إلى أن الإنذار هنا موجه إلى من يتوقع منهم التأثر في الجملة وهم المجوزون منهم للحشر على الوجه الآتي سواء كانوا جازمين بأصله كأهل الكتاب وبعض المشركين المعترفين بالبعث المترددين في شفاعة آبائهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كالأولين، أو في شفاعة الأصنام كالآخرين، أو مترددين فيهما معا كبعض الكفرة الذين يعلم من حالهم أنهم إذا سمعوا بحديث البعث يخافون أن يكون حقا، وأما المنكرون للحشر رأسا، والقائلون به القاطعون بشفاعة آبائهم أو بشفاعة الأصنام، فهم خارجون ممن أمر بإنذارهم، وقد قيل: هم المفرطون في الأعمال من المؤمنين، ولا يساعده سباق النظم الكريم ولا سياقه، بل فيه ما يقضي باستحالة صحته، كما ستقف عليه " (٤).

وقال في حق الإمام الألوسي (٥): "وقد نقل السيد الألوسي في "روح المعاني" كلاما ركيكا في الفرق بين الاستعمالين عزاه إلى الدرة، وقال في آخره: قاله مولانا شهاب الدين فليفهم، وهو أمر بما لا يستطاع من فهم ذلك الكلام المضطرب المبهم، والذي يظهر لنا في نكتة ذلك أن تقديم اللعب على اللهو لا يحتاج إلى تعليل؛ لأنه الأصل المقدم في الوجود، وقد فصلت آية الحديد متاع الحياة الدنيا بحسب ترتيبه الذي تقتضيه الفطرة البشرية، فقدم فيها اللعب لأن أول عمل للطفل يلذ له هو اللعب المقصود عنده لذاته" (٦).


(١) محمود بن عمر بن محمد بن عمر، أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي، المعتزلي، النحوي اللغوي المتكلم المفسر يلقب بجار الله لأنه جاور بمكة زماناً، وقد كان ممن برع في الأدب والنحو واللغة، لقي الكبار، وصنف التصانيف التي منها؛ الكشاف في التفسير، وأساس البلاغة، وغيرها. ت: ٥٣٨ هـ. طبقات المفسرين للداودي ١٧٢ - ١٧٣، الأعلام ٧/ ١٧٨.
(٢) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (١٠/ ٤٠٢).
(٣) محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، المولى أبو السعود: مفسر شاعر، من علماء الترك المستعربين. ولد بقرب القسطنطينية (٨٩٨ هـ)، ودرس ودرس في بلاد متعددة، وتقلد القضاء، صاحب التفسير المعروف باسمه وقد سماه (إرشاد العقل السليم إلى مرايا الكتاب الكريم) ومن كتبه (تحفة الطلاب) في المناظرة، توفي (٩٨٢ هـ)، انظر: طبقات المفسرين للأدنه وي (ص: ٣٩٨)، الأعلام للزركلي (٧/ ٥٩).
(٤) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ٣٦١).
(٥) محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي، شهاب الدين، أبو الثناء: مفسر، محدث، أديب، من المجددين، من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها (١٢١٧ - ١٢٧٠ هـ)، من كتبه (روح المعاني) في التفسير وغيرها، انظر: الأعلام للزركلي (٧/ ١٧٦)، هدية العارفين (٢/ ٤١٨).
(٦) تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) (٧/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>