الصَّحِيحِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَنَّهَا إنْ تَزَوَّجَتْهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلَا مُطْلَقًا.
الرَّابِعُ مَسْأَلَةُ الْجِهَازِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى قَالَ فِي الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِلَا جِهَازٍ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِمَا بَعَثَ إلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ يَعْنِي إذَا لَمْ تَجْهَرْ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَعَثَ وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ طَوِيلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْءٌ وَلَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ أَخَذَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ الثَّانِيَةُ لَوْ جَهَّزَ بِنْتَه ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَا دَفَعَهُ لَهَا عَارِيَّةً وَقَالَتْ تَمْلِيكًا أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَ مِنْهُ وَقَالَ الْأَبُ عَارِيَّةٌ فَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّجْنِيسِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ وَلَهَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ مِثْلَهُ جِهَازًا لَا عَارِيَّةً كَمَا فِي دِيَارِنَا وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْأَبُ مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْكِرَامِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ عَارِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مِمَّنْ لَا يُجَهِّزُ الْبَنَاتَ بِمِثْلِ ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ. اهـ.
وَالْوَاقِعُ فِي دِيَارِنَا الْقَاهِرَةِ أَنَّ الْعُرْفَ مُشْتَرَكٌ فَيُفْتَى بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَأَقَامَ الْأَبُ بَيِّنَةً قُبِلَتْ قَالَ فِي التَّجْنِيسِ والولوالجية وَالذَّخِيرَةِ وَالْبَيِّنَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يُشْهِدَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمَرْأَةِ أَنِّي إنَّمَا سَلَّمْت هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ أَوْ يَكْتُبَ نُسْخَةً مَعْلُومَةً وَيَشْهَدَ الْأَبُ عَلَى إقْرَارِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ مِلْكُ وَالِدِي عَارِيَّةٌ فِي يَدِي مِنْهُ لَكِنْ هَذَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ لِجَوَازِ أَنَّهُ اشْتَرَى لَهَا بَعْضَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ فَبِهَذَا الْإِقْرَارِ لَا يَصِيرُ الْأَبُ صَادِقًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ إنَّ الْبِنْتَ تُبَرِّئُهُ عَنْ الثَّمَنِ. اهـ.
وَمِنْ فُرُوعِ الْجِهَازِ لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ وَجَهَّزَهَا بِأَمْتِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ وَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِذَلِكَ الْجِهَازِ؛ لِأَنَّ التَّجْهِيزَ تَمْلِيكٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا دَيْنٌ فَجَهَّزَهَا أَبُوهَا، ثُمَّ قَالَ جَهَّزْتهَا بِدَيْنِهَا عَلَيَّ وَقَالَتْ بَلْ بِمَا لَك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ، وَقِيلَ لِلْبِنْتِ وَلَوْ دَفَعَ إلَى أُمِّ وَلَدِهِ شَيْئًا لِتَتَّخِذَهُ جِهَازًا لِلْبِنْتِ فَفَعَلَتْ وَسَلَّمَتْهُ إلَيْهَا لَا يَصِحُّ تَسْلِيمُهَا. صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا بِمَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَسَعْيُهَا حَالَ صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا فَمَاتَتْ أُمُّهَا فَسَلَّمَ أَبُوهَا جَمِيعَ الْجِهَازِ إلَيْهَا فَلَيْسَ لِإِخْوَتِهَا دَعْوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ امْرَأَةٌ نَسَجَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ إبْرَيْسَمَ كَانَ يَشْتَرِيهِ أَبُوهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ وَلَوْ دَفَعَتْ فِي تَجْهِيزِهَا لِبِنْتِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَكَانَ سَاكِتًا وَزُفِّتَ إلَيْهِ أَيْ إلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ بِنْتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ وَالْأَبُ سَاكِتٌ لَا تَضْمَنُ الْكُلَّ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ تَجْهِيزِ الْبَنَاتِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا جَهَّزَ بِنْتَه ثُمَّ مَاتَ فَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْجِهَازِ سَبِيلٌ لَكِنْ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَبِ يَتَأَتَّى فِي الْأُمِّ وَالْجَدِّ فَلَوْ جَهَّزَهَا جَدُّهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَقَالَ مِلْكِي وَقَالَ زَوْجُهَا مِلْكُهَا صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً بِمَيْتَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَذَا جَائِزٌ عِنْدَهُمْ فَوُطِئَتْ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَكَذَا الْحَرْبِيَّانِ ثُمَّ) بَيَانٌ لِمُهُورِ الْكُفَّارِ بَعْدَ بَيَانِ مُهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنْكِحَتِهِمْ فَقَوْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِأَنْكِحَتِهِمْ سَهْوٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ نِكَاحَهُمْ مَشْرُوعٌ
ــ
[منحة الخالق]
الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى قَصْدِهِ لَا بِشَرْطِهِ اهـ.
كَلَامُ الْفَتْحِ وَالْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ مُطْلَقًا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا وَيَرْجِعُ فِيمَا إذَا أَبَتْ مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْقَوْلِ الثَّانِي مُخَالِفٌ لَهُمَا فَلْيَنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ لَيْسَ لِلْأَبِ. .
(قَوْلُهُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَهَذَا لَعَمْرِي مِنْ الْحُسْنِ بِمَكَانٍ (قَوْلُهُ إذَا جَهَّزَ بِنْتَه) أَيْ الصَّغِيرَةَ مُطْلَقًا أَوْ الْكَبِيرَةَ إنْ سَلَّمَهُ لَهَا كَمَا يُعْلَمُ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ لَكِنْ هَلْ هَذَا الْحُكْمُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهُمَا أَيْ الْأُمَّ وَالْجَدَّ كَذَلِكَ أَمَّا الْأُمُّ فَلِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِ الْقُنْيَةِ صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا مِنْ مَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا إلَخْ، وَأَمَّا الْجَدُّ فَلِقَوْلِهِمْ الْجَدُّ كَالْأَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا تَأَمَّلْ اهـ.
قُلْتُ: وَجَزَمَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ أَنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ فِي تَجْهِيزِهَا وَعَزَاهُ فِي شَرْحِ الْمِنَحِ إلَى فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَكَذَا وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ وَلَا يَخْفَى شُمُولُهُ الْجَدَّ وَغَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ سَهْوٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ أَرَادَ أَنَّهُ بَيَانٌ لِحُكْمِ أَنْكِحَتِهِمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَهْرَ مِنْ أَحْكَامِهِ