للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّعْوِيضُ فَلَمْ يَكُنْ هِبَةً مِنْهَا فَلَهَا الِاسْتِرْدَادُ وَفِي الثَّانِيَةِ حَصَلَ التَّمْلِيكُ فَصَحَّ التَّعْوِيضُ فَلَا رُجُوعَ لَهَا

وَقَدْ يُقَالُ التَّعْوِيضُ عَلَى ظَنِّ الْهِبَةِ لَا مُطْلَقًا، وَقَدْ أَنْكَرَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَرْجِعَ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِهِ ادَّعَاهُ مَهْرًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأُطْلِقَ فِي الْبَعْثِ فَشَمِلَ مَا إذَا اشْتَرَى لَهَا شَيْئًا بَعْدَمَا بَنَى بِهَا بِأَمْرِهَا أَوْ دَفَعَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ حَتَّى اشْتَرَتْ هِيَ صُرِّحَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ وَفِيهِ لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنْفِقْ عَلَى مَمَالِيكِي مِنْ مَهْرِي فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَتْ لَا أَحْسُبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّك اسْتَخْدَمْتهمْ فَمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ مِنْ الْمَهْرِ وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهَا بَقَرَةً عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهَا فَذَبَحَتْهَا وَأَطْعَمَتْهَا فَطَلَبَ قِيمَتَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قِيمَةً لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذِكْرِ الرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لَهَا وَاخْتَارَ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي الْإِذْنَ بِالِاسْتِهْلَاكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا قَرْضٌ وَقَالَ الْقَابِضُ إنَّهَا هِبَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ. اهـ.

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ جَاءَ إلَى بَيْتِهِ بِقُطْنٍ فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنْ قَالَ اغْزِلِيهِ لِي فَهُوَ لَهُ وَلَا أَجْرَ لَهَا وَإِنْ قَالَ اغْزِلِيهِ لَنَا فَهُوَ لَهُ وَلَهَا أَجْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ قَالَ اغْزِلِيهِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ قَالَ اغْزِلِيهِ لِنَفْسِك فَهُوَ لَهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا، فَقَالَتْ قُلْتُ: اغْزِلِيهِ لِنَفْسِك وَكَذَّبَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ نَهَاهَا عَنْ غَزْلِهِ فَغَزَلَتْهُ كَانَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا غَاصِبَةٌ وَلَهُ عَلَيْهَا مِثْلُ قُطْنِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي النَّهْيِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْهَ وَلَمْ يَأْذَنْ فَغَزَلَتْهُ إنْ كَانَ بَيَّاعُ الْقُطْنِ فَهُوَ لَهَا وَعَلَيْهَا مِثْلُ قُطْنِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ إلَى آخِرِ مَا فِي الْفَتَاوَى وَهَاهُنَا فُرُوعٌ ذَكَرُوهَا فِي الْفَتَاوَى لَا بَأْسَ بِإِيرَادِهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ الْأَوَّلُ: لَوْ خَطَبَ امْرَأَةً فِي بَيْتِ أَخِيهَا فَأَبَى الْأَخُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ لَهُ. الثَّانِي: لَوْ خَطَبَ ابْنَةَ رَجُلٍ، فَقَالَ أَبُوهَا إنْ نَقَدْت إلَيَّ الْمَهْرَ كَذَا أُزَوِّجُهَا مِنْك ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَعَثَ بِهَدَايَا إلَى بَيْتِ الْأَبِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ الْمَهْرَ وَلَمْ يُزَوِّجْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ قَالُوا مَا بَعَثَ لِلْمَهْرِ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ يَسْتَرِدُّهُ

وَكَذَا كُلُّ مَا بَعَثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ، فَأَمَّا الْهَالِكُ وَالْمُسْتَهْلَكُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ الثَّالِثُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ أَبَتْ ذَلِكَ إنْ شَرَطَ فِي الْإِنْفَاقِ التَّزَوُّجَ كَأَنْ يَقُولَ أُنْفِقُ بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجِينِي يَرْجِعُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ لَا، وَكَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا، وَقَدْ كَانَ شَرَطَهُ وَصُحِّحَ أَيْضًا وَإِنْ أَبَتْ وَلَمْ يَكُنْ شَرَطَهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

أَنْ يَسْتَرِدَّ مَتَاعَهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إلَخْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّصْرِيحِ بِهِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا سَبَقَ مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا قَصَدَتْ التَّعْوِيضَ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ تَقْصِدْهُ هِيَ أَوْ الْأَبُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْفَتَاوَى السَّمَرْقَنْدِيَّة، ثُمَّ قَالَ وَفِيمَا إذَا بَعَثَ الْأَبُ بَعْدَ بَعْثِ الزَّوْجِ تَعْوِيضًا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ، وَكَذَا الْبِنْتُ فِيمَا أَذِنَتْ فِي بَعْثِهِ تَعْوِيضًا اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ مَا بَعَثَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِهَا بِإِذْنِهَا عَلَى وَجْهِ التَّعْوِيضِ يَثْبُتُ فِيهِ الرُّجُوعُ كَمَا يَثْبُتُ فِيمَا بَعَثَتْهُ هِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهَا بَقَرَةً) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَانَ أَعْرَفَ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ، وَلِذَا قَالَ الْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ. اهـ.

قُلْتُ: تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا امْرَأَةٌ مَاتَتْ فَاتَّخَذَتْ وَالِدَتُهَا مَأْتَمًا فَبَعَثَ زَوْجُ الْمَيِّتَةِ بَقَرَةً إلَى أُمِّ الْمَرْأَةِ فَذَبَحَتْهَا إلَى آخِرِ مَا هُنَا وَبِهِ يَظْهَرُ جَوَابُ الْإِشْكَالِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ اغْزِلِيهِ لَنَا) أَيْ لِي وَلَك وَقَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لَهَا بِجُزْءٍ مِنْهُ فَهُوَ مِثْلُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ فَلَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَيَكُونُ لَهَا أَجْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا غَزَلَتْهُ عَلَى طَمَعِ أَنَّ لَهَا مِنْهُ حِصَّةً لَا تَبَرُّعًا. (قَوْلُهُ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ) أَيْ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) حَاصِلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرَطَ التَّزَوُّجَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَتْهُ أَوْ لَا. وَحَاصِلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَبَتْ وَكَانَ شَرَطَ التَّزَوُّجَ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَوْ تَزَوَّجَتْهُ مُطْلَقًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إذَا زُوِّجَتْ إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ بِالْأَوْلَى وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَبَتْ إلَخْ أَنَّهُ إنْ شَرَطَهُ يَرْجِعُ فَصَارَ حَاصِلُهُ مَا قُلْنَا وَفِي كَلَامِهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ أَبَتْ إنْ شَرَطَ فِي الْإِنْفَاقِ التَّزَوُّجَ يَرْجِعُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ، وَالصَّحِيحُ لَا يَرْجِعُ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَكِنْ أَنْفَقَ عَلَى هَذَا الطَّمَعِ اخْتَلَفُوا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إذَا زَوَّجَتْ قَالَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَهَذَا إذَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا. أَمَّا إذَا أَكَلَ مَعَهَا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فِي فَصْلِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ صَرِيحًا إلَّا مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَوْلِ الشَّهِيدِ وَمِنْ بَعْدِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ وَحُكِيَ فِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ فِيمَا إذَا أَنْفَقَ بِلَا شَرْطٍ بَلْ لِلْعِلْمِ عُرْفًا أَنَّهُ يُنْفِقُ لِلتَّزَوُّجِ ثُمَّ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِهِ خِلَافًا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>