للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظَّاهِرُ يُكَذِّبُهُ وَالْخُفُّ وَالْمُلَاءَةُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهَيِّئَ لَهَا أَمْرَ خُرُوجِهَا كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ كَوْنُ الظَّاهِرِ يُكَذِّبُهُ فِي نَحْوِ الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ إنَّمَا يَنْفِي احْتِسَابَهُ مِنْ الْمَهْرِ لَا مِنْ شَيْءٍ آخَرَ كَالْكُسْوَةِ. اهـ.

وَهَذَا الْبَحْثُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ إلَّا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُؤْكَلُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَيْضًا وَاَلَّذِي يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي دِيَارِنَا جَمِيعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَاللَّوْزِ وَالدَّقِيقِ وَالسُّكَّرِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ وَبَاقِيهَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرْسِلَهُ هَدِيَّةً. وَالظَّاهِرُ مَعَ الْمَرْأَةِ لَا مَعَهُ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي نَحْوِ الثِّيَابِ وَالْجَارِيَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ الدَّفْعِ جِهَةً أُخْرَى غَيْرَ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ وَقَالَ اصْرِفُوا بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى الشَّمْعِ وَبَعْضَهَا إلَى الْحِنَّاءِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ بَعَثَ إلَيْهَا ثَوْبًا وَقَالَ هُوَ مِنْ الْمَكْسُوَّةِ وَقَالَتْ هَدِيَّةٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَتُهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَتُهَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَيْضًا لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَأَرَادَ بِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ يَحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ إنْ كَانَ الْمَتَاعُ قَائِمًا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرُدَّ الْمَتَاعَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا وَتَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ هَالِكًا إنْ كَانَ شَيْئًا مِثْلِيًّا رَدَّتْ عَلَى الزَّوْجِ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا لَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَقَعَ قِصَاصًا كَمَا لَا يَخْفَى وَصُرِّحَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ فِيمَا كَانَ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُهَا وَهُوَ الْمُهَيَّأُ لِلْأَكْلِ فَإِنَّهُ مَعَ يَمِينِهَا وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ شَاهِدًا لَهَا.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ بَعَثَ إلَيْهَا هَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهَا وَقَالَ بَعَثْتهَا إلَيْك عَارِيَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَأَرَادَتْ هِيَ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ تَسْتَرِدُّ هِيَ مَا عَوَّضَتْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى السَّمَرْقَنْدِيَّة وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ بَعَثَ هُوَ وَبَعَثَ أَبُوهَا لَهُ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَكَانَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْبِنْتِ بِإِذْنِهَا فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مِنْهَا وَهِيَ لَا تَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا اهـ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ أَنَّ فِي الْأُولَى التَّعْوِيضَ مِنْهَا كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهَا التَّمْلِيكَ مِنْهُ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ فَلَمْ يَصِحَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ سَابِقًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَيْسَ مُخَالِفًا إذْ هُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ بِمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَأَيُّ مُخَالَفَةٍ، وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُطْلَقُ مَحْمُولًا عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْتُهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ.

(قَوْلُهُ إنَّمَا يَنْفِي احْتِسَابَهُ مِنْ الْمَهْرِ إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَاهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ لَا يُصَدَّقُ أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ مِنْ الْكُسْوَةِ الْوَاجِبَةِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ يُصَدِّقُهُ فِيهِ، وَهَذَا مَا سَيَنْقُلُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْخُلَاصَةِ. (قَوْلُهُ، وَهَذَا الْبَحْثُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَقَعَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَفِيهِ أَيْضًا أَيْ فِي الْفَتْحِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي ذِكْرُهَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ) أَيْ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَتَاعُ هَالِكًا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اتَّخَذَ لَهَا ثِيَابًا وَلَبِسَتْهَا حَتَّى تَحَرَّقَتْ، ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَتْ هُوَ مِنْ النَّفَقَةِ أَعْنِي الْكُسْوَةَ فَالْقَوْلُ لَهَا قِيلَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ ثَمَّةَ لَهُ قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ فِي الْقَائِمِ اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ التَّمْلِيكِ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ وَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْهَالِكِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سُقُوطَ بَعْضِ الْمَهْرِ وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يُجْعَلْ هَذَا اخْتِلَافًا فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ كَالْقَائِمِ قُلْنَا بِالْهَلَاكِ خَرَجَ عَنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ وَالِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ التَّمْلِيكِ أَوْ فِي جِهَتِهِ وَلَا مِلْكَ بِحَالٍ بَاطِلٍ فَيَكُونُ اخْتِلَافًا فِي ضَمَانِ الْهَالِكِ وَبَدَلَهُ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَمْلِكُ الْبَدَلَ وَالضَّمَانَ اهـ.

، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا فِيمَا لَوْ كَانَ هَالِكًا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَدَّعِي الْهَالِكَ وَهِيَ تُنْكِرُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَا وَالْفَرْقُ يَعْسُرُ فَتَدَبَّرْهُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا لَا تَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهُ مُقَوَّمًا بِالدَّرَاهِمِ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ فَيَقَعُ قِصَاصًا فَلَا تَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ مَا بَقِيَ لَهَا (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا سَبَقَ مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا صَرَّحَتْ بِالتَّعْوِيضِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِفِعْلِ الْأَبِ بِدُونِ تَصْرِيحٍ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ أَرْسَلَ إلَى امْرَأَةٍ نَافِجَةَ مِسْكٍ أَوْ طِيبًا، ثُمَّ قَالَ كَانَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ لَهُ فَإِنْ وَجَّهَتْ هِيَ إلَيْهِ عِوَضًا لِذَلِكَ الطِّيبِ وَحَسِبَتْ أَنَّ زَوْجَهَا وَجَّهَهُ هَدِيَّةً فَلَمَّا ظَهَرَ الْخِلَافُ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ هَلْ لَهَا ذَلِكَ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْعِوَضِ فَاسِدَةٌ وَكَانَتْ هِبَةٌ جَدِيدَةٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي الْفَتَاوَى السَّمَرْقَنْدِيَّة وَفِي الْخَانِيَّةِ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهَا عِوَضٌ فَكَذَلِكَ اهـ.

لَكِنَّ قَاضِي خَانْ قَدْ ذَكَرَ قَبْلَ قَوْلِ الْإِسْكَافِ مَا نَصُّهُ قَالُوا الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا بَعَثَتْ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا بَعَثَتْ عِوَضًا لِلْهِبَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هِبَةً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>