وَعَدَمِ الْغَايَةِ بِخِلَافِ الْمُتَمَرِّدِ عَلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَمُخْتَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَنَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَلِذَا عَمَّمَ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفَ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ النِّكَاحِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَلِذَا كَانَ تَطْلِيقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِكَاحٌ بَعْدَ إنْكَارِهِ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ إلَّا إذَا قَالَ: مَا أَنْتِ لِي بِزَوْجَةٍ وَأَنْتِ طَالِقٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ لِرَجُلٍ طَلِّقْنِي إقْرَارٌ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ النَّافِذِ وَتَطْلِيقُ وَاحِدَةٍ مِنْ إحْدَى الْفَرِيقَيْنِ إجَازَةٌ لِذَلِكَ الْفَرِيقِ فِيمَا إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ أَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ زَوَّجَهُ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ فَبَلَغَهُ فَطَلَّقَ إحْدَى الْأَرْبَعِ أَوْ إحْدَى الثَّلَاثِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ قِيلَ يَكُونُ إجَازَةً، وَقِيلَ: لَا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِي الطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ أَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ إجَازَةٌ وِفَاقًا وَقُبِلَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ
أَمَّا لَوْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَالَ: طَلِّقْهَا يَكُونُ إجَازَةً وِفَاقًا أَقُولُ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ إجَازَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تُحَرَّمَ عَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ أَجَازَ أَوَّلًا ثُمَّ طَلَّقَ اهـ.
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فَقَالَ: لِأَنَّ كَلَامَ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا حُمِلَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ إجَازَةً تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ اهـ.
وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ " طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا "، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إجَازَةً فَهُوَ رَدٌّ فَيَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُ الْعَبْدِ حَتَّى لَا تَلْحَقَهُ الْإِجَازَةُ بَعْدَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لَا أَرْضَى وَلَا أُجِيزُ كَانَ رَدًّا وَلَوْ قَالَ: لَا أَرْضَى وَلَكِنْ رَضِيتُ مُتَّصِلًا جَازَ اسْتِحْسَانًا اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مُكَاتَبٌ أَوْ عَبْدٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ طَلَّقَ كَانَ ذَلِكَ رَدًّا مِنْهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ النَّافِذَ فَلَأَنْ يَقْطَعَ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ أَوْلَى
فَإِنْ أَجَازَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ أَجَازَ بَعْدَ الْفَسْخِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَجَازَ الْمَوْلَى النِّكَاحَ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُكْرَهُ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِأَنَّ إجَازَةَ الْمَوْلَى لَمَّا كَانَتْ بَاطِلَةً كَانَ عَدَمًا وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْمَوْلَى كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثَانِيًا أَذِنَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا هُنَا وَهُمَا يَقُولَانِ الْإِجَازَةُ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَالْإِذْنُ فِي الِابْتِدَاءِ لَوْ كَانَ هَا هُنَا مَوْجُودًا صَارَتْ مُحَرَّمَةً حَقِيقَةً فَإِذَا وُجِدَتْ صُورَةُ الْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ نَوْعُ كَرَاهِيَةٍ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَوَطِئَهَا لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلنِّكَاحِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ اهـ.
وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلْ لِلْمَرْأَةِ فَسْخُهُ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي نَظِيرِهِ وَهِيَ مَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ صَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ كَمَا لِلْمَوْلَى فَسْخُهُ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ تَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا تَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ فَإِنَّ قَوْلَ الْمَوْلَى طَلِّقْهَا رَجْعِيَّةً إجَازَةُ دَلَالَةٍ وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهَا تَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ وَبِالدَّلَالَةِ وَبِالضَّرُورَةِ فَمِنْ الصَّرِيحِ أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَذِنْتُ وَنَحْوُهُ
وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِجَازَةِ كَقَوْلِ الْمَوْلَى بَعْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ حَسَنٌ أَوْ صَوَابٌ أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ أَوْ يَسُوقُ إلَى الْمَرْأَةِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَأَمَّا الضَّرُورَةُ فَنَحْوُ أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ فَيَكُونُ الْإِعْتَاقُ إجَازَةً، وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ قَالَ الْمَوْلَى: أَجَزْتُ إنْ زِدْت لِي الْمَهْرَ فَأَبَى فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى الزِّيَادَةِ فَيَقْتَصِرُ الرَّدُّ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا أُجِيزُ حَتَّى تَزِيدَ إذْ الْمُغَيَّا التَّوَقُّفُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَمْتَدُّ وَيَنْتَهِي لَا الرَّدُّ وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَّا بِزِيَادَةٍ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي فَإِنْ قَبِلَ نَفَذَ، وَالزِّيَادَةُ كَمَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى تَسْقُطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ قَالَ: لَا أُجِيزُ لَكِنْ زِدْنِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُكْرَهُ) مِثْلُهُ فِي النَّهْرِ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ مَا هُنَا لَكِنْ رَأَيْتُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة ذَكَرَ الْخِلَافَ كَمَا هُنَا مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكْرَهُ اهـ.
وَكَذَا رَأَيْتُ الْخِلَافَ كَمَا هُنَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ تَثْبُتُ. . . إلَخْ) عَبَّرَ الزَّيْلَعِيُّ بِالْإِذْنِ بَدَلَ الْإِجَازَةِ فَقَالَ: إذْنُ السَّيِّدِ يَثْبُتُ. . . إلَخْ وَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّهْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إجَازَةُ النِّكَاحِ لَمْ يَقُلْ إذْنٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَاحْتَاجَ إلَى الْإِجَازَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَذِنَ الْمَوْلَى لَهُ بِالنِّكَاحِ فَإِذَا أَجَازَهُ الْعَبْدُ صَحَّ اهـ.
وَكَذَا قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ، وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ لَا يَكُونُ إجَازَةً فَإِنْ أَجَازَ الْعَبْدُ مَا صَنَعَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ