للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أُجِيزُ إنْ زِدْتنِي بَطَلَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مُقَرِّرٌ لِلنَّفْيِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُجِيزُ وَسَكَتَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ إجَازَةً فَإِنَّ أَجَازَهُ الْعَبْدُ جَازَ وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةٌ فَإِنْ وَرِثَهَا مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَطَلَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ

وَإِنْ وَرِثَهَا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِأَنْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنَ الْمَيِّتِ، وَقَدْ وَطِئَهَا أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ وَرِثَهَا جَمَاعَةٌ فَلِلْوَارِثِ الْإِجَازَةُ وَلَوْ أَجَازَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَفِيهِ: لَوْ تَزَوَّجَ الْمَوْلَى امْرَأَةً عَلَى رَقَبَتِهَا بَطَلَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا لِلْمَرْأَةِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمَرْأَةِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ امْرَأَةٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إذَا بَاعَهَا الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْوَارِثِ، وَلَوْ بَاعَهَا مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ حَتَّى بَاعَهَا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ فَأَجَازَ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ بِالسُّكُوتِ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ اهـ.

وَمُرَادُهُ بَاعَهَا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ وَعَلَى هَذَا قَالُوا: فِيمَنْ تَزَوَّجَ جَارِيَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَوَطِئَهَا ثُمَّ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْإِجَازَةَ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُ حِلَّ الْوَطْءِ لِلْمُشْتَرِي وَرَدَّهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ صَحِيحٌ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ، وَأَمَّا قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَهِيَ لَيْسَتْ بِمُعْتَدَّةٍ فَاعْتِرَاضُ الْمِلْكِ الثَّانِي يُبْطِلُ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مَمْنُوعًا عَنْ غَشَيَانِهَا، وَجَعْلُ هَذَا قِيَاسَ الْمَنْعِ بِسَبَبِ الِاسْتِرْدَادِ لَا يَمْنَعُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ فَهَذَا مِثْلُهُ، وَجَعْلُ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَازَةِ فِي الْمُحِيطِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِجَازَةِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَمَاتَ الْمَوْلَى أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلِلْوَارِثِ، وَالْمُشْتَرِي الْإِجَازَةُ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: زَوَّجَهَا الْغَاصِبُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا صَحَّتْ الْإِجَازَةُ وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ، وَلَوْ ضَمِنَهَا لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالضَّمَانِ ضَرُورِيٌّ فَلَا يَكْفِي لِجَوَازِ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ حَرَّرَ غَاصِبٌ ثُمَّ ضَمِنَهُ فَإِنْ قُلْتُ: قَدْ ذَكَرُوا فِي الْإِجَازَةِ الصَّرِيحَةِ لَفْظَ أَذِنْت

وَقَالُوا: لَوْ أَذِنَ لَهُ بِالنِّكَاحِ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ لَا يَكُونُ إجَازَةً فَهَلْ بَيْنَهُمَا تَنَاقُضٌ قُلْتُ: يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ بِالنِّكَاحِ، فَقَالَ بَعْدَهُ: أَذِنْت، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِعْرَاجِ إنَّ أَذِنْت مِنْ أَلْفَاظِ الْإِذْنِ اهـ.

يَعْنِي لَا مِنْ أَلْفَاظِ الْإِجَازَةِ فَلَا إشْكَالَ وَفِي الْقُنْيَةِ: سُكُوتُ الْمَوْلَى عِنْدَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِرِضًا، وَفِي الْخُلَاصَةِ: أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِدِينَارٍ فَتَزَوَّجَ بِدِينَارَيْنِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ، وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: عَبْدٌ طَلَبَ مِنْ مَوْلَاهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ مُعْتَقَةً فَأَبَى فَتَشَفَّعَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِالتَّزَوُّجِ فَأَذِنَ لَهُ فَتَزَوَّجَ هَذِهِ الْمُعْتَقَةَ يَجُوزُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّحِيحَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْإِعْفَافُ، وَالتَّحْصِينُ وَذَلِكَ بِالْجَائِزِ وَلَهُ أَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَبَعْضُ الْمَقَاصِدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ حَاصِلٌ كَالنَّسَبِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ، وَالْعِدَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ وُجُودِ الْوَطْءِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ لُزُومِ الْمَهْرِ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا لِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي الْمَهْرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَفِي حَقِّ انْتِهَاءِ الْإِذْنِ بِالْعَقْدِ فَيَنْتَهِي بِهِ عِنْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّزَوُّجُ بَعْدَهُ صَحِيحًا لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا، وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْتَهِي بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَهُ قَيَّدَ بِالْإِذْنِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ

ــ

[منحة الخالق]

فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْإِجَازَةَ مَا يَكُونُ لِأَمْرٍ وَقَعَ، وَالْإِذْنُ مَا يَكُونُ لِأَمْرٍ سَيَقَعُ وَيَظْهَرُ مِنْ الْفُرُوعِ الْآتِيَةِ أَيْضًا أَنَّ الْإِذْنَ يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ الْآذِنُ عَالِمًا بِالْأَمْرِ الْوَاقِعِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي بَعْدَ صَفْحَةٍ وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ الْفَرْقِ فَالتَّعْبِيرُ هُنَا بِالْإِجَازَةِ أَنْسَبُ مِنْ تَعْبِيرِ الزَّيْلَعِيِّ بِالْإِذْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أُجِيزُ أَنْ زِدْتنِي) الَّذِي فِي التَّلْخِيصِ أَوْ وَأُجِيزُ بِوَاوٍ بَعْدَ أَوْ قَالَ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِهِ أَيْ وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: لَا أُجِيزُ لَكِنْ زِدْنِي أَوْ قَالَ لَا أُجِيزُ وَأُجِيزُ إنْ زِدْتنِي بَطَلَ الْعَقْدُ أَصْلًا رَضِيَ الزَّوْجُ بِالزِّيَادَةِ أَمْ لَمْ يَرْضَ لِأَنَّ الْعَطْفَ مُقَرِّرٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَفْيُ الْإِجَازَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُجِيزُ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ زِدْنِي أَوْ وَأُجِيزُ إنْ زِدْتنِي (قَوْلُهُ: بَطَلَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ) أَيْ أَيْ لِطُرُوِّ الْحِلِّ الْبَاتِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى رَقَبَتِهَا) أَيْ رَقَبَةِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفِ نِكَاحُهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُ حِلَّ الْوَطْءِ لِلْمُشْتَرِي) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فِي الْمِلْكِ الْأَوَّلِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَالْمُعْتَدَّةُ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ الْمُعْتَدِّ مِنْهُ فَهِيَ لَمْ تَصِرْ مُحَلِّلَةً لِلتَّمَلُّكِ الثَّانِي فَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ فَإِذَا أَجَازَ كَانَ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَبْدًا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْوَارِثِ، وَالتَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا مِنْ أَلْفَاظِ الْإِجَازَةِ) مُنَافٍ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدِّهِ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِجَازَةِ فَالْأَوْلَى التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْمِعْرَاجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>