للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ تَصِحُّ الْإِجَازَةُ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِهَذَا الدُّخُولِ فَلَا يَحِلُّ فَرْجُهَا لِلْمُشْتَرِي فَتَصِحُّ إجَازَةُ الْمُشْتَرِي

وَجَزَمَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَقَوَّاهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَهِيَ لَيْسَتْ بِمُعْتَدَّةٍ فَاعْتِرَاضُ الْمِلْكِ الثَّانِي يُبْطِلُ الْمِلْكَ الْمَوْقُوفَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مَمْنُوعًا مِنْ غَشَيَانِهَا، وَقَدْ أَسْلَفْنَاهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ: أَنَّهُ لَا عِدَّةَ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ بَعْدَ الْوَطْءِ أَصْلًا، وَقَدْ أَسْلَفْنَاهُ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَمَةِ الْأَمَةَ الْكَبِيرَةَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ وَعِنْدَنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ غَيْرُ الْمَوْلَى فَإِذَا أَجَازَ جَازَ وَإِذَا أَدْرَكَتْ فَلَهَا خِيَارُ الْإِدْرَاكِ فِي غَيْرِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَقَيَّدَ بِكَوْنِ التَّوَقُّفِ لِأَجْلِ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ الْكَبِيرَةَ رَجُلًا بِرِضَاهَا وَقَبِلَ عَنْ الزَّوْجِ فُضُولِيٌّ ثُمَّ أُعْتِقَتْ قَبْلَ إجَازَةِ الزَّوْجِ فَإِنَّ لَهَا النَّقْضَ وَلَوْ نَقَضَ الْمَوْلَى قَالُوا لَا يَصِحُّ فَإِنْ أَجَازَ الرَّجُلُ قَبْلَ النَّقْضِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَالْمَهْرُ لَهَا وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَلَهَا الرَّدُّ، وَإِنْ أَجَازَ الزَّوْجُ وَتَمَامُهُ فِي الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَالْمَهْرُ لَهُ وَإِلَّا فَلَهَا) أَيْ لَوْ وَطِئَ زَوْجُ الْأَمَةِ الَّتِي نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ قَبْلَ الْعِتْقِ ثُمَّ نَفَذَ بِالْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لَهَا لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مَمْلُوكَةٍ لِلْمَوْلَى، وَفِي الثَّانِي لَهَا، وَفِي الْقِيَاسِ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ لِلْمَوْلَى بِالدُّخُولِ لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَمَهْرٌ لَهَا لِنُفُوذِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا وَقُلْنَا لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ وُجُوبَهُ إنَّمَا يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ الْوَاحِدُ لَا يُوجِبُ إلَّا مَهْرًا وَاحِدًا وَإِذَا وَجَبَ بِهِ الْمَهْرُ لِلْمَوْلَى لَا يَجِبُ لَهَا بِهِ مَهْرٌ آخَرُ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْإِجَازَةَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْعِتْقِ فَحُكْمُهَا يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْسَمْ الْمَهْرُ هَاهُنَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَبَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ الْإِمَامُ فِي مَسْأَلَةِ حَبْسِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِرِضَاهَا حَتَّى يُوفِيَهَا مَهْرَهَا مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْمَهْرَ مُقَابَلٌ بِالْكُلِّ أَيْ بِجَمِيعِ وَطَآتٍ تُوجَدُ فِي النِّكَاحِ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الْوَطْءُ عَنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ عَلَى جَمِيعِ الْوَطَآتِ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمُسْتَحَقُّ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَضُرُّ فِيهِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَحَقُّ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَاسْتَحَقَّهُ بِتَمَامِهِ مَنْ حَصَلَ الْوَطْءُ الْأَوَّلُ عَلَى مِلْكِهِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَهْرِ الْمَهْرَ الْمُسَمَّى لَا مَهْرَ الْمِثْلِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ الْأَلْفُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ بِالْعِتْقِ اسْتَنَدَ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الْعِتْقِ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ الْمُسَمَّى، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ يُورَدُ فَيُقَالُ لَوْ اسْتَنَدَ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ يَجِبُ كَوْنُ الْمَهْرِ لِلْمَوْلَى كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى أَعْتَقَهَا وَهُوَ بِمَعْزِلٍ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّمَا النَّفَاذُ بِالْعِتْقِ وَبِهِ تَمْلِكُ مَنَافِعَهَا بِخِلَافِ النَّفَاذِ بِالْإِذْنِ، وَالرِّقُّ قَائِمٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ الْخِيَارَاتِ فِي النِّكَاحِ خَمْسَةٌ خِيَارُ الْمُخَيَّرَةِ، وَالْعِتْقُ، وَالْبُلُوغُ، وَالنُّقْصَانُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالتَّزَوُّجُ بِغَيْرِ كُفْءٍ، وَالْخِيَارُ فِي الْأَخِيرَيْنِ لِلْأَوْلِيَاءِ وَيُزَادُ خِيَارُ الْعُنَّةِ، وَالْخَصِيِّ، وَالْجَبِّ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَا عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ تَمَلُّكِ مَالَ ابْنِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْبَقَاءِ فَلَهُ تَمَلُّكُ جَارِيَةَ ابْنِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى صِيَانَةِ الْمَاءِ، وَحَاصِلُ وُجُوهُ مَسْأَلَةِ جَارِيَةِ الِابْنِ إذَا وَلَدَتْ مِنْ الْأَبِ فَادَّعَاهُ سِتٌّ وَتِسْعُونَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الِابْنُ أَوْ يُكَذِّبَهُ أَوْ يَدَّعِيَهُ مَعَهُ أَوْ يَسْكُتَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِنَّةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً وَكُلٌّ مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلَّهَا لَهُ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَكُلٌّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ، وَالْأَرْبَعِينَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ أَوْ لَا غَيْرَ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى إبْقَاءِ نَسْلِهِ دُونَهَا.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا فِي التَّبْيِينِ) حَيْثُ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ بِمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْمَهْرِ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَبْسِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِرِضَاهَا حَتَّى يُوفِيَهَا مَهْرَهَا إنَّ الْمَهْرَ مُقَابَلٌ بِالْكُلِّ أَيْ بِجَمْعِ وَطَآتٍ تُوجَدُ فِي النِّكَاحِ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الْوَطْءُ عَنْ الْمَهْرِ فَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِمُقَابَلَةِ مَا اسْتَوْفَى بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَكُونُ الْكُلُّ لِلْمَوْلَى اهـ.

وَاعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَقَالَ: وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا أَنْ لَا يَقْسِمَ الْمَهْرَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ الْمُسْتَحَقُّ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ قَالَ مُحَشِّي مِسْكِينٍ وَأَجَابَ الشَّيْخُ شَاهِينُ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ وَرَدَ بِالْعَقْدِ عَلَى مِلْكِهِمَا بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْجَارِيَةِ عَارِضٌ بِسَبَبِ الْعِتْقِ فَلَا تُزَاحِمُ سَيِّدَهَا فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا يُقْسَمُ الْمَهْرُ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَى صِيَانَةِ الْمَاءِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>