الْعِتْقِ فَلَا تَتَحَقَّقُ زِيَادَةُ الْمِلْكِ كَمَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلِذَا قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: الْأَصْلُ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مَتَى تَمَّ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ يُثْبِتُ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ وَمَتَى تَمَّ عَلَيْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ لَا يُثْبِتُ لَهَا خِيَارَ الْعِتْقِ اهـ.
وَلَوْ اقْتَرَنَا لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا فُضُولِيٌّ وَأَعْتَقَهَا فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْكُلَّ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَطْلَقَ فِي الْأَمَةِ فَشَمِلَ الْقِنَّةَ، وَالْمُدَبَّرَةَ، وَأُمَّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبَةَ لَكِنْ فِي الْمُدَبَّرَةِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ تَفْصِيلٌ فَفِي الْمُدَبَّرَةِ إنْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى فِي حَيَاتِهِ فَالْحُكْمُ كَالْقِنَّةِ إذَا أَعْتَقَتْ، وَإِنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ تَزَوَّجَتْ مُدَبَّرَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ اهـ.
وَأَمَّا أُمَّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا الْمَوْلَى فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْفُذُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا مِنْ الْمَوْلَى كَمَا عَتَقَتْ، وَالْعِدَّةُ تَمْنَعُ نَفَاذَ النِّكَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْخَانِيَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُهُ مَعَ وُجُودِ الْعِدَّةِ إذْ النِّكَاحُ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ فَاسِدٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا زَادَ فِي الْمُحِيطِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِتْقِ نَفَذَ النِّكَاحُ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْلَى وَلَا يَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْلَى وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ مِنْ الْمَوْلَى قَبْلَ الْإِجَازَةِ يُوجِبُ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ اهـ.
فَقَوْلُهُ: يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ ظَاهِرٌ فِيهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَمَةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَعْتَقَ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فِيهِمَا لِأَجْلِ أَنْ يُبَيِّنَ نَفْيَ الْخِيَارِ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمَةِ، وَالْعَبْدِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْأَمَةِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا الْمَسْأَلَةَ الَّتِي تَلِيهَا تَفْرِيعًا اهـ.
وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ وَلَوْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ عَبْدًا امْرَأَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ يُخَيَّرُ فِي اثْنَتَيْنِ كَيْفَ شَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاشَرَ الْعَبْدُ حَيْثُ يُخَيَّرُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّهُ رَدَّ فِي الْأُولَيَيْنِ كَمَا أَنَّ الْحُرَّ لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا ثُمَّ أَرْبَعًا ثُمَّ ثِنْتَيْنِ بِغَيْرِ أَمْرِهِنَّ تَوَقَّفَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَارْتَدَّ الْبَاقِي وَلَوْ أَجَازَ الْعَبْدُ النِّكَاحَ فِي ثَلَاثٍ بَطَلَ عَقْدُهُنَّ لِأَنَّ الْجَمْعَ إجَازَةٌ كَالْجَمْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَيُخَيَّرُ فِي الرَّابِعَةِ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ حُرًّا لَهُ امْرَأَةٌ أَرْبَعًا فِي عُقُودٍ فَمَاتَتْ امْرَأَتُهُ لَا يُخَيَّرُ إلَّا فِي الثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَ فِي عَقْدٍ يَلْغُو كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَ مُكَاتَبَتَهُ ثُمَّ عَتَقَتْ وَإِنَّمَا يُوقَفُ مَالُهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ اهـ.
وَقَيَّدَ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَوْ اشْتَرَتْ شَيْئًا فَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ بَلْ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ عَلَيْهَا لَتَغَيَّرَ الْمَالِكُ وَقَيَّدَ بِالرَّقِيقِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ ثُمَّ بَلَغَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ أَصْلًا فَلَمْ يَكُنْ نَافِذًا مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ الْأَبْعَدَ إذَا زَوَّجَ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ ثُمَّ غَابَ الْأَقْرَبُ أَوْ مَاتَ فَتَحَوَّلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى الْمُزَوَّجِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ مِنْهُ
وَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ لِأَنَّ الْأَبْعَدَ حِينَ بَاشَرَ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا فِي شَيْءٍ لَا يُبَالِي بِعَوَاقِبِهِ اتِّكَالًا عَلَى رَأْيِ الْأَقْرَبِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَصْلَحِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ لِأَنَّهُ لَهُ وِلَايَةٌ جَدِيدَةٌ وَلِأَنَّ الْمَوْلَى إذَا زَوَّجَ مُكَاتَبَتَهُ الصَّغِيرَةَ حَتَّى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهَا ثُمَّ أَدَّتْ الْمَالَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَعَتَقَتْ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعَقْدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَاقِدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يُبَالِي بِعَوَاقِبِهِ، وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْبَحْثِ وَقَيَّدَ بِالْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدِ وَقَدَّمْنَاهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى غَيْرِ الْمَوْلَى كَالْمُشْتَرِي، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ، وَالْوَارِثِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْتَقِلُ إلَى الْمَالِكِ الثَّانِي وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ إنْ كَانَ الْمُتَزَوِّجُ بِلَا إذْنٍ عَبْدًا، وَإِنْ كَانَ أَمَةً فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ الثَّانِي لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ بِإِجَازَتِهِ، وَإِنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَازَةُ وَبَطَلَ الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ لِأَنَّهُ طَرَأَ حِلُّ بَاتٌّ عَلَى مَوْقُوفٍ فَأَبْطَلَهُ، وَإِنْ
ــ
[منحة الخالق]
الْإِطْلَاقِ بِالْإِضَافَةِ، وَفِي تَصْحِيحِهَا تَكَلُّفٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يُخَيَّرُ فِي اثْنَتَيْنِ) وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدَهُ يُخَيَّرُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ كَذَا فِي النُّسَخِ بِلَفْظِ يُخَيَّرُ مُضَارِعُ خَيَّرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي التَّلْخِيصِ يُجِيزُ مُضَارِعُ أَجَازَ قَالَ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ أَيْ لَوْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ عَبْدَ رَجُلٍ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ بِرِضَاهُمَا ثُمَّ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ بِرِضَاهُمَا ثُمَّ عَتَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ النِّكَاحُ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ النِّكَاحَ فِي امْرَأَتَيْنِ مِنْهُنَّ كَيْفَ شَاءَ إنْ شَاءَ الْأُولَيَيْنِ أَوْ الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً مِنْ كُلِّ عَقْدٍ لِأَنَّ نِكَاحَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَوْقُوفٌ عَلَى احْتِمَالِ الْإِجَازَةِ