بِرِضَاهَا أَوْ جَبْرًا وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً فِي الْأَصْلِ ثُمَّ صَارَتْ أَمَةً ثُمَّ عَتَقَتْ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فِي أَصْلِ الْعَقْدِ ثُمَّ صَارَتْ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَتْ بِأَنْ ارْتَدَّتْ امْرَأَةٌ مَعَ زَوْجِهَا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ مَعًا، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ سُبِيَا مَعًا فَأَعْتَقَتْ الْأَمَةُ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا بِالْعِتْقِ مَلَكَتْ أَمْرَ نَفْسِهَا وَازْدَادَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَثْبُتُ عَلَيْهَا مِلْكٌ كَامِلٌ بِرِضَاهَا ثُمَّ انْتَقَضَ الْمِلْكُ فَإِذَا أَعْتَقَتْ عَادَ إلَى أَصْلِهِ كَمَا كَانَ اهـ.
وَلَا يَخْفَى تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِدُخُولِهَا تَحْتَ النَّصِّ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ يُفَارِقُ خِيَارَ الْعِتْقِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ
وَالثَّانِي أَنَّ الْجَهْلَ بِخِيَارِ الْعِتْقِ عُذْرٌ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْأَمَةِ دُونَ الْغُلَامِ، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى الْقَضَاءِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ فِي الْكُلِّ، وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَإِنَّمَا يُفَارِقُهُ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْفُرْقَةَ فِي خِيَارِ الْعِتْقِ لَا تَكُونُ طَلَاقًا، وَفِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ يَكُونُ طَلَاقًا اهـ.
وَيُزَادُ عَلَى هَذَا مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الْجَهْلَ بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ لَيْسَ بِعُذْرٍ بِخِلَافِهِ فِي الْإِعْتَاقِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَتَفَرَّغُ لِلْعِلْمِ بِخِلَافِ الْمُخَيَّرَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُخَيَّرَةَ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنَّهَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْأَمَةَ إذَا أَعْتَقَتْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ لَهَا الْخِيَارُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ الْإِطْلَاقُ مِنْ أَنَّ الْجَهْلَ فِي الْمُخَيَّرَةِ لَيْسَ بِعُذْرٍ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا كَوْنَهُ عُذْرًا فِي خِيَارِ الْعِتْقِ بِعِلَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ مَشْغُولَةٌ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَلَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ بِخِلَافِ الْجَهْلِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فَإِنَّ الْحُرَّةَ الصَّغِيرَةَ لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِخِدْمَةِ أَحَدٍ ثَانِيهمَا: أَنَّ سَبَبَ الْخِيَارِ فِي الْعِتْقِ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ مِنْ النَّاسِ لِخَفَائِهِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَلِظُهُورِهِ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي نِكَاحِ الْأَبِ أَيْضًا هَكَذَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ فَالْعِلَّةُ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُفِيدُ أَنَّ الْجَهْلَ فِي خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِعُذْرٍ فَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ تُفِيدُهُ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ مَعَ التَّخْيِيرِ ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِلَا عِلْمِ الزَّوْجِ يَصِحُّ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِغَيْبَةِ الزَّوْجِ اهـ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا نَفْسَهَا فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ وَاجِبٌ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الدُّخُولَ بِحُكْمِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَتَقَرَّرَ بِهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَالْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّ الْمَهْرَ وَاجِبٌ بِمُقَابَلَةِ مَا مَلَكَ الزَّوْجُ مِنْ الْبُضْعِ، وَقَدْ مَلَكَهُ عَنْ الْمَوْلَى فَيَكُونُ بَدَلَهُ لِلْمَوْلَى اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَهْرَ لِلْمَوْلَى فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَفِي الْمُحِيطِ زَوَّجَ عَبْدَهُ جَارِيَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ حَتَّى ارْتَدَّا وَلَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَرَجَعَا مُسْلِمَيْنِ ثُمَّ عَلِمَتْ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ عَلِمَتْ بِالْخِيَارِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ سُبِيَا لَيْسَ لَهَا الْخِيَارُ لِأَنَّ بِالسَّبْيِ يَبْطُلُ الْعِتْقُ فَانْعَدَمَ سَبَبُ الْخِيَارِ فَلَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ اهـ.
وَفِي التَّلْخِيصِ وَلَا يَبْطُلُ بِارْتِدَادِهَا إلَّا إذَا قَضَى بِاللَّحَاقِ لِلْمَوْتِ اهـ.
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي تَخْيِيرِهَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا وَكَذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَا بَأْسَ بِأَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا حَائِضًا كَانَتْ أَوْ طَاهِرَةً وَكَذَا الصَّبِيَّةُ إذَا أَدْرَكَتْ بِالْحَيْضِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَا يُمْكِنُ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَتْ بِلَا إذْنٍ فَعَتَقَتْ نَفَذَ بِلَا خِيَارٍ) أَيْ نَكَحَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ ذَلِكَ النِّكَاحُ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ وَامْتِنَاعُ النُّفُوذِ لِحَقِّ الْمَوْلَى، وَقَدْ زَالَ وَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ النُّفُوذَ بَعْدَ.
ــ
[منحة الخالق]
حُرًّا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ قَالَ فِي الشرنبلالية وَنَفْيُ رِضَا الْمُكَاتَبَةِ لِتَزْوِيجِهَا مَنْفِيٌّ لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ بِأَنَّهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَيَغْرَمُ الْمَوْلَى الْعُقْرَ إنْ وَطِئَهَا. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَصَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْمَوْلَى فِي رَقَبَتِهَا فَلَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهَا بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهَا كَمَا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا بِدُونِ رِضَاهَا لِمُوجِبِ الْكِتَابَةِ، وَعِبَارَةُ كَافِي النَّسَفِيِّ الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ عَتَقَتْ خُيِّرَتْ. اهـ. فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. اهـ.
قُلْت وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْكَمَالِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا لِلْمَوْلَى وَجَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ لَا لِأَجْلِ أَنَّهَا مَلَكَتْ بُضْعَهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَكَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ إجْبَارُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ حَيْثُ قَالَ وَخَرَجَ الْمُكَاتَبُ، وَالْمُكَاتَبَةُ، وَالصَّغِيرَةُ فَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا الْتَحَقَا بِالْأَحْرَارِ تَصَرُّفًا فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمَكَاتِبِ، وَالْمُكَاتَبَةِ جَبْرًا بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ الْإِطْلَاقُ مِنْ أَنَّ الْجَهْلَ) كَذَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ فَقَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْجَهْلَ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِطْلَاقِ الَّذِي هُوَ خَبَرُ أَنَّ، وَفِي غَيْرِهَا أَنَّ ظَاهِرَ