للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ عَقْدٍ أَوْ يُطْلِقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِآخَرَ لِأَنَّهُ زِنًا أَوْ يَتَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ صِيَانَةً لِمَاءِ الْمُسْلِمِ اهـ.

فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنْ أَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي، وَإِنْ جَدَّدَ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ فَلَا تَفْرِيقَ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ لِأَنَّهُ سَوَّى فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا بَيْنَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهِ، وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ: تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ فَارَقَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَ أُقِرَّا عَلَيْهِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّحْقِيقِ أَنْ يُفَرَّقَ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا فَوَجَبَ التَّعَرُّضُ بِالْإِسْلَامِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْكِحُ مُرْتَدٌّ أَوْ مُرْتَدَّةٌ أَحَدًا) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ الْقَتْلَ، وَالْإِمْهَالُ ضَرُورَةُ التَّأَمُّلِ، وَالنِّكَاحُ يَشْغَلُهُ عَنْهُ فَلَا يُشْرَعُ فِي حَقِّهِ وَلَا يُرَدُّ مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ مَعَ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِيهِ فَيَسْلَمُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ غَالِبًا وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِلتَّأَمُّلِ وَخِدْمَةُ الزَّوْجِ تَشْغَلُهَا عَنْهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ بَيْنَهُمَا الْمَصَالِحُ، وَالنِّكَاحُ مَا شُرِعَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِمَصَالِحِهِ وَعَبَّرَ بِأَحَدٍ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِيُفِيدَ الْعُمُومَ فَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمَةً وَلَا كِتَابِيَّةً وَلَا مُرْتَدَّةً وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُرْتَدَّةَ مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا مُرْتَدٌّ.

(قَوْلُهُ:، وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا) لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا فَالْوَلَدُ عَلَى دِينِهِ وَكَذَا إنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ صَارَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ

ــ

[منحة الخالق]

الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ فِي النَّهْرِ هُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ وَسَاقَ عِبَارَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كَمَا تَرَى يُخَالِفُ مَا فِي الْغَايَةِ مِنْ التَّوَقُّفِ عَلَى الطَّلَبِ فِي الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ وَعَلَى ظَاهِرِ مَا فِي الْغَايَةِ فَسَّرَ فِي الْفَتْحِ الْخُلْعَ بِأَنْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الذِّمِّيِّ ثُمَّ أَمْسَكَهَا فَرَفَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ اهـ.

قُلْت لَكِنْ يُشْكِلُ مَا نَقَلَهُ هُنَا عَنْ الْمُحِيطِ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا طَلَبَتْ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِطَلَبِهَا التَّفْرِيقَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ وَأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا وُجِدَتْ شُبْهَةُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا وَأَقَامَ مَعَهَا وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا وَلِذَا فَرَّقَ الْإِسْبِيجَابِيُّ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ فَأَثْبَتَ التَّفْرِيقَ فِيمَا إذَا أَمْسَكَهَا وَلَمْ يُجَدِّدْ الْعَقْدِ، وَنَفَاهُ فِيمَا إذَا جَدَّدَهُ، هَذَا وَرَأَيْتُ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا طَلَّقَ الذِّمِّيُّ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَقَامَ عَلَيْهَا فَرَافَعَتْهُ إلَى السُّلْطَانِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ وَإِذَا تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ الذِّمِّيَّةَ، وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ قَدْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنِّي أُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا اهـ.

قُلْت وَهَذَا مِثْلُ مَا عَزَاهُ فِي الْغَايَةِ إلَى الْمُحِيطِ مِنْ التَّوَقُّفِ عَلَى الطَّلَبِ فِي الطَّلَاقِ ثَلَاثًا بِدُونِ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ، وَفِي الْخُلْعِ لَكِنْ مُفَادُهُ أَنَّ فِي التَّزَوُّجِ فِي عِدَّةِ الْمُسْلِمِ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ وَمُرَافَعَةٍ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَقَدْ صَرَّحَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُوجَعُ عُقُوبَةً إنْ دَخَلَ بِهَا وَيُعَزَّرُ مَنْ زَوَّجَهُ وَتُعَزَّرُ الْمَرْأَةُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ النِّكَاحِ لَمْ يُتْرَكْ عَلَى نِكَاحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَاصِلِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُحِيطِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّفْرِيقَ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِآخَرَ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ لَا تَفْرِيقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِأَنَّهُ سَوَّى. . . إلَخْ أَيْ صَاحِبُ الْمُحِيطِ حَكَمَ بِالتَّفْرِيقِ فِيمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِهِ سَوَاءٌ عَقَدَ عَلَيْهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا لَا أَثَرَ لَهُ فِي وُجُوبِ التَّفْرِقَةِ وَإِلَّا لَفَرَّقَ فِي النِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ الْمُنَافِي مَعَ الْبَقَاءِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ وَهُوَ هُنَا قَدْ زَالَ فَمَا فِي النِّهَايَةِ أَوْجَهُ.

(قَوْلُهُ: صَارَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُمَيِّزَ وَغَيْرَهُ، وَقَدْ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالُوا إنَّمَا يَصِيرُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إذَا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَاسْتَدَلَّ هَذَا الْقَائِلُ بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ فِي دَارِنَا إذَا أَسْلَمَ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَخَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِزِيَارَةِ أَبِيهِ بِأَمَانٍ وَهُوَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ اهـ.

وَسُئِلَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْحَلَبِيُّ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَلَهَا بِنْتٌ صَغِيرَةٌ تَرَكَتْهَا عِنْدَ أُمِّهَا فَلَمَّا كَبِرَتْ زَوَّجَتْهَا جَدَّتُهَا بِنَصْرَانِيٍّ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهَا تَبَعًا لِأُمِّهَا فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لَهُ أَمْ لَا؟ أَجَابَ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبِنْتَ الْمَذْكُورَةَ حِينَ إسْلَامِ أُمِّهَا كَانَتْ لَا تَعْقِلُ الْأَدْيَانَ فَهِيَ مُسْلِمَةٌ تَبَعًا لِأُمِّهَا فَلَا يَصِحُّ وَإِذَا كَانَتْ تَعْقِلُ الْأَدْيَانَ انْقَطَعَتْ تَبَعِيَّتُهَا لِأُمِّهَا اهـ.

كَلَامُ الرَّمْلِيِّ: أَقُولُ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْجَنَائِزِ بِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ إلَى الْبُلُوغِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ الْوَلَدَ وَبِهِ صَرَّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>