للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا لَوْ تَمَجَّسَتْ زَوْجَةُ النَّصْرَانِيِّ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً فِي الِابْتِدَاءِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ بِأَنْ أَبَى عَنْهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَمْتَنِعْ بِأَنْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يُكَرِّرُ الْعَرْضَ عَلَيْهِ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا صَرَّحَ بِالْإِبَاءِ فَالْقَاضِي لَا يَعْرِضُ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا

وَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَالْقَاضِي يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى تَتِمَّ الثَّلَاثُ احْتِيَاطًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِبَاؤُهُ طَلَاقٌ لَا إبَاؤُهَا) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَكُونُ طَلَاقًا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ سَبَبٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ الزَّوْجَانِ فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا كَالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَهُمَا أَنَّهُ بِالْإِبَاءِ امْتَنَعَ عَنْ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ فَيَنُوبُ الْقَاضِي مَنَابَهُ فِي التَّسْرِيحِ بِالْإِحْسَانِ كَمَا فِي الْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِلطَّلَاقِ فَلَا يَنُوبُ مَنَابَهَا عِنْدَ إبَائِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَنُوبُ مَنَابَهَا فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَنُوبُ مَنَابَهَا فِيمَا إلَيْهَا وَهُوَ التَّفْرِيقُ عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا إلَيْهِ لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الزَّوْجِ لَا عَنْهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْفُرْقَةُ عَلَى الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْآبِيَةُ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ إبَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَيْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَوْ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ إبَائِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَلِذَا قَالُوا وَمَا لَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى يَجِبَ كَمَالُ الْمَهْرِ لَهَا بِمَوْتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنَّمَا لَا يَتَوَارَثَانِ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ لِلْمَانِعِ مِنْهُ وَهُوَ كُفْرُ أَحَدِهِمَا لَا لِلْبَيْنُونَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمَهْرِ فِي الِارْتِدَادِ حَيْثُ قَالَ: وَالْإِبَاءُ نَظِيرُهُ وَأَطْلَقَ فِي الزَّوْجِ فَشَمِلَ الصَّغِيرَ، وَالْكَبِيرَ، وَالْمَجْنُونَ فَيَكُونُ إبَاءُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ طَلَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِبَاءُ أَحَدِ أَبَوَيْ الْمَجْنُونِ طَلَاقًا أَيْضًا مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى قَالُوا وَهِيَ مِنْ أَغْرَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْهُمَا نَظِيرُهُ إذَا كَانَا مَجْبُوبَيْنِ أَوْ كَانَ الْمَجْنُونُ عِنِّينًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ طَلَاقًا اتِّفَاقًا وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ، وَالْمَجْنُونَ أَهْلَانِ لِلْوُقُوعِ لَا لِلْإِيقَاعِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا وَرِثَ قَرِيبَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ وَنَظِيرُهُ لَوْ عَلَّقَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ

ــ

[منحة الخالق]

زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهَا أَقُولُ: وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ فِي كَلَامِهِ بِالزَّوْجَيْنِ الْمُمْتَنِعُ نِكَاحُهُمَا بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَبَقِيَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَإِلَّا كَانَ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ إذَا أَسْلَمَ وَكَانَ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا إلَيْهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ الطَّلَاقُ مِنْهُ، وَالْفَسْخُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَإِبَاءُ أَحَدِ أَبَوَيْ الْمَجْنُونِ) الْمُرَادُ تَعْمِيمُ الْآبِي سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ أَيْ إذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى يَكُونُ طَلَاقًا فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ أَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا وَأَسْلَمَ الْآخَرُ يَصِيرُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَشْرَفِهِمَا دِينًا، وَفِي التَّحْرِيرِ وَشَرْحِهِ (وَصَحَّ إسْلَامُهُ) أَيْ الْمَجْنُونِ تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَالصَّبِيِّ (وَإِنَّمَا يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ لِإِسْلَامِ زَوْجَتِهِ عَلَى أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ لِصَيْرُورَتِهِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ) أَيْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَسْلَمَ أُقِرَّا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ أَبَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ (وَإِنَّمَا عُرِضَ) عَلَى وَلِيِّهِ إذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ (دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا إذْ لَيْسَ لَهُ) أَيْ الْجُنُونِ (نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ) فَفِي التَّأْخِيرِ ضَرَرٌ بِهَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ لِقُدْرَةِ الْمَجْنُونِ عَلَى الْوَطْءِ ثُمَّ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى، وَالِدِهِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْآبَاءِ عَلَى الْأَوْلَادِ عَادَةً فَلَعَلَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ، وَالِدَانِ جَعَلَ الْقَاضِي لَهُ خَصْمًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِبَاءَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ هُنَا لِلتَّعَذُّرِ

(وَيَصِيرُ مُرْتَدًّا تَبَعًا بِارْتِدَادِ أَبَوَيْهِ وَلَحَاقِهِمَا بِهِ) أَيْ بِالْمَجْنُونِ بِدَارِ الْحَرْبِ (إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا وَهُمَا مُسْلِمَانِ) لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْإِسْلَامُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لَهُمْ فَيَزُولُ بِزَوَالِ مَا يَتْبَعُهُ ثُمَّ كَوْنُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمَيْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا وَارْتِدَادَهُ وَلُحُوقَهُ مَعَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ كَافٍ فِي ارْتِدَادِهِ (بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَاهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا لِظُهُورِ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ بِزَوَالِ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهَا كَالْخَلَفِ عَنْهُمَا (أَوْ بَلَغَ مُسْلِمًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ أَسْلَمَ عَاقِلًا فَجُنَّ) قَبْلَ الْبُلُوغِ (فَارْتَدَّا وَلَحِقَا بِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ) لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا فِي الْإِيمَانِ بِتَقَرُّرِ رُكْنِهِ فَلَا يَنْعَدِمُ بِالتَّبَعِيَّةِ أَوْ عُرُوضِ الْجُنُونِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ إذَا كَانَا مَجْبُوبَيْنِ) مِنْ الْجَبِّ وَهُوَ قَطْعُ الذَّكَرِ وَضَمِيرُ كَانَا يَرْجِعُ إلَى الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَالْكَبِيرِ الْمَجْنُونِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْمَجْنُونُ عِنِّينًا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْعِنِّينَ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا نَحْنُ فِيهِ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ) جَوَابٌ عَنْ الِاسْتِغْرَابِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ إبَاؤُهُ طَلَاقًا لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ وَجَبَ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فَكَانَ تَفْرِيقُ الْقَاضِي بِإِبَائِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُمَيِّزِ وَأَحَدِ أَبَوَيْ الْمَجْنُونِ وَفِعْلُ النَّائِبِ مَنْسُوبٌ لِلْمَنُوبِ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ فَكَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا مِنْهُمَا حُكْمًا اهـ.

قُلْت وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيَّ حَقَّقَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>