للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْوَلَدَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ يَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيٍّ أَوْ عَكْسُهُ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِلْيَهُودِيِّ دُونَ النَّصْرَانِيِّ فَإِنْ قُلْت مَا فَائِدَتُهُ قُلْت خِفَّةُ الْعُقُوبَةِ فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَلِمَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ مِنْ كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا دَعَا رَجُلًا إلَى طَعَامِهِ فَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا يُكْرَهُ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ السُّوقِ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ يَطْبُخُ الْمُنْخَنِقَةَ، وَالْمَوْقُوذَةَ، وَالْمُتَرَدِّيَةَ، وَالنَّصْرَانِيُّ لَا ذَبِيحَةَ لَهُ وَإِنَّمَا يَأْكُلُ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ أَوْ يَخْنُقُ، وَإِنْ كَانَ الدَّاعِي إلَى الطَّعَامِ يَهُودِيًّا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ لَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْ ذَبِيحَةِ الْيَهُودِيِّ أَوْ الْمُسْلِمِ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ شَرٌّ مِنْ الْيَهُودِيِّ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ قَدْ فَاتَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ تُبْتَنَى عَلَيْهِ الْفُرْقَةُ، وَالْإِسْلَامُ طَاعَةٌ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا فَيُعْرَضُ الْإِسْلَامُ لِتَحْصُلَ الْمَقَاصِدُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ تَثْبُتَ الْفُرْقَةُ بِالْإِبَاءِ وَإِضَافَةُ الشَّافِعِيِّ الْفُرْقَةَ إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ بَابِ فَسَادِ الْوَضْعِ وَهُوَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْعِلَّةِ نَقِيضُ مَا تَقْتَضِيه وَسَيَأْتِي أَنَّ زَوْجَ الْكِتَابِيَّةِ إذَا أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَبْقَى النِّكَاحُ لِجَوَازِ التَّزَوُّجِ بِهَا ابْتِدَاءً فَحِينَئِذٍ صَارَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَتِهِ هُنَا أَنَّهُمَا إمَّا مَجُوسِيَّانِ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ أَوْ كِتَابِيًّا فَأَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ أَحَدُهُمَا كِتَابِيٌّ، وَالْآخَرُ مَجُوسِيٌّ فَأَسْلَمَ الْكِتَابِيُّ أَوْ الْمَجُوسِيُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا كِتَابِيَّيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كِتَابِيٌّ، وَالْآخَرُ مَجُوسِيٌّ وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَكُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ مِنْهَا مَسْأَلَتَانِ لَا يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ فِيهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ كِتَابِيَّةً، وَالزَّوْجُ كِتَابِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ، وَالْمُسْلِمُ هُوَ الزَّوْجُ، وَالْبَاقِيَةُ مُرَادُهُ هُنَا أَطْلَقَ فِي الْآخِرِ فَشَمِلَ الْبَالِغَ، وَالصَّبِيَّ لَكِنْ بِشَرْطِ التَّمْيِيزِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَاءِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بِاتِّفَاقٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْفَرْقُ لِأَبِي يُوسُفَ بَيْنَ رِدَّتِهِ وَإِبَائِهِ أَنَّ الْإِبَاءَ تَمَسُّكٌ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ صَحِيحًا فَأَمَّا الرِّدَّةُ فَإِنْشَاءٌ لِمَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَهُوَ يَضُرُّهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِيهِ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ الْإِسْلَامُ إذَا أَتَى بِهِ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِبَاءُ إذَا عُرِضَ عَلَيْهِ اهـ.

وَأَمَّا الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ عَقْلُهُ أَيْ تَمْيِيزُهُ، وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَجْنُونًا فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ بَلْ يُعْرَضُ عَلَى أَبَوَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ كَالْمَرْأَةِ إذَا وَجَدَتْ الزَّوْجَ عِنِّينًا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ وَلَوْ مَجْبُوبًا فَإِنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ بَلْ يُفَرَّقُ لِلْحَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الِانْتِظَارِ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ يُؤَجَّلُ لِإِفَادَتِهِ وَمَعْنَى الْعَرْضِ عَلَى أَبَوَيْ الْمَجْنُونِ أَنَّ أَيَّ الْأَبَوَيْنِ أَسْلَمَ بَقِيَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْمُسْلِمَ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ فَتَهَوَّدَتْ أَوْ تَنَصَّرَتْ دَامَا عَلَى النِّكَاحِ كَمَا لَوْ كَانَتْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً مِنْ الِابْتِدَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا يُنَافِيه وَقَيَّدَ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ إذَا تَهَوَّدَتْ أَوْ عَكْسُهُ لَا يُلْتَفَتُ

ــ

[منحة الخالق]

إثْبَاتُ الْخَيْرِيَّةِ لِلْمَجُوسِيِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الْقَدَرِيَّةِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ كَوْنُهُمْ خَيْرًا مِنْ كَذَا مُطْلَقًا لَا كَوْنُهُمْ أَسْعَدَ حَالًا بِمَعْنَى أَقَلَّ مُكَابَرَةً وَأَدْنَى إثْبَاتًا لِلشِّرْكِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كُفْرُ بَعْضِهِمْ أَخَفُّ مِنْ بَعْضٍ وَعَذَابُ بَعْضٍ أَدْنَى مِنْ بَعْضٍ وَأَهْوَنُ أَوْ الْحَالُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ كَذَا قِيلَ وَلَا يَتِمُّ، وَقَدْ قِيلَ الْمَنْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْيَهُودِيَّةُ خَيْرٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُفْرَ النَّصَارَى أَغْلَظُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ لِأَنَّ نِزَاعَهُمْ فِي النُّبُوَّاتِ وَنِزَاعَ النَّصَارَى فِي الْإِلَهِيَّاتِ وقَوْله تَعَالَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠] كَلَامُ طَائِفَةٍ قَلِيلَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ وقَوْله تَعَالَى {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً} [المائدة: ٨٢] الْآيَةَ لَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا لِأَنَّ الْبَحْثَ فِي قُوَّةِ الْكُفْرِ وَشِدَّتِهِ لَا فِي قُوَّةِ الْعَدَاوَةِ وَضَعْفِهَا إذَا تَأَمَّلْت النُّصُوصَ بِعِلَّتِهَا وَمَعْلُولِهَا وَحِينَئِذٍ لَا يُتَّجَهُ الِاعْتِرَاضُ اهـ.

كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ السُّوقِ) صَرَّحُوا فِي الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ وَلَوْ مَجُوسِيًّا اشْتَرَيْت اللَّحْمَ مِنْ كِتَابِيٍّ فَيَحِلُّ أَوْ مِنْ مَجُوسِيٍّ فَيُحَرَّمُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنْ الْحِلِّ عَدَمُ كَوْنِهِ مَيْتَةً فَلَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ أَوْ يُقَالُ سَبَبُ الْكَرَاهَةِ هُنَا احْتِمَالُ تَنَجُّسِ الْقُدُورِ بِطَبْخِ الْمُنْخَنِقَةِ بِهَا كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ. . . إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسٍ بِأَكْلِهِ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَحَلَّ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّةِ أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ أَكْلِ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا لِضَرُورَةٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُعْرَضُ عَلَى أَبَوَيْهِ) ذَكَرَ الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى مَا نَصُّهُ قَالَ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ لِلزَّاهِدِيِّ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ نَصَبَ الْقَاضِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَصِيًّا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ وَإِنَّمَا يَنْصِبُ الْوَلِيَّ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّطْلِيقِ لِيَنُوبَ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ اهـ.

وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّاهِدِيِّ مَذْكُورٌ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: كَالْمَرْأَةِ إذَا وَجَدَتْ الزَّوْجَ عِنِّينًا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ وَلَوْ مَجْبُوبًا فَإِنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ) هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ وَاَلَّذِي فِي عَامَّةِ النُّسَخِ كَالْمَرْأَةِ إذَا وَجَدَتْ الزَّوْجَ مَجْبُوبًا فَإِنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ (قَوْلُهُ: وَيَرُدْ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ. . . إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْكِتَابِيَّةِ وَلَوْ مَآلًا فَلَا يَرِدُ اهـ.

يَعْنِي فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَسْلَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>