للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَعْنَى أَنْ يَرْضَعَ مَعَهُ آخَرُ كَالْمُرَاضَعَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَمَا أَفَادَهُ (قَوْلُهُ: هُوَ مَصُّ الرَّضِيعِ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ وُصُولُ اللَّبَنِ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرِ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ الْآتِيَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا حَلَبَتْ لَبَنَهَا فِي قَارُورَةٍ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ تَثْبُتُ بِإِيجَارِ هَذَا اللَّبَنِ صَبِيًّا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَصُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْوُصُولِ فَأَطْلَقَ السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبَّبَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَصِّ، وَالصَّبِّ، وَالسَّعُوطِ، وَالْوَجُورِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيَّةِ الرَّجُلُ، وَالْبَهِيمَةُ وَأَطْلَقَهَا فَشَمِلَ الْبِكْرَ، وَالثَّيِّبَ، وَالْحَيَّةَ، وَالْمَيِّتَةَ وَقَيَّدْنَا بِالْفَمِ، وَالْأَنْفِ لِيَخْرُجَ مَا إذَا وَصَلَ بِالْإِقْطَارِ فِي الْأُذُنِ، وَالْإِحْلِيلِ، وَالْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ وَبِالْحُقْنَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْوُصُولِ لَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعٍ وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا لَا يُحَرِّمُ النِّكَاحَ لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ

وَفِي الْقُنْيَةِ: امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِي لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيَيْنِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ الْأَمْرُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَقَلُّهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ وَلَا يَدْرِي مَنْ أَرْضَعَهَا وَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَلَامَةٌ وَلَا يَشْهَدْ لَهُ بِذَلِكَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا اهـ

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَالْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ كُلَّ صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِذَا فَعَلْنَ فَلْيَحْفَظْنَ أَوْ لِيَكْتُبْنَ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ صَبِيًّا مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا خَافَتْ هَلَاكَ الرَّضِيعِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ إحْيَاءً لِلنَّفْسِ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُدْخِلَ وَلَدَهُ إلَى الْحَمْقَاءِ لِتُرْضِعَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ لَبَنِ الْحَمْقَاءِ» ، وَقَالَ: «اللَّبَنُ يُعْدِي» وَإِنَّمَا نَهَى لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْحَمْقَاءِ يُعَرِّضُ وَلَدَهُ لِلْهَلَاكِ بِسَبَبِ قِلَّةِ حِفْظِهَا لَهُ وَتَعَهُّدِهَا أَوْ لِسُوءِ الْأَدَبِ فَإِنَّهَا لَا تُحْسِنُ تَأْدِيبَهُ فَيَنْشَأُ الْوَلَدُ سَيِّئَ الْأَدَبِ وَقَوْلُهُ: «اللَّبَنُ يُعْدِي» يُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَمْقَاءَ لَا تَحْتَمِي مِنْ الْأَشْيَاءِ الضَّارَّةِ لِلْوَلَدِ فَيُؤَثِّرُ فِي لَبَنِهَا فَيَضُرُّ بِالصَّبِيِّ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا تَقُولُهُ الْأَطِبَّاءُ فَإِنَّهُمْ يَأْمُرُونَ الْمُرْضِعَةَ بِالِاحْتِمَاءِ عَنْ أَشْيَاءَ تُورِثُ بِالصَّبِيِّ عِلَّةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ حَتَّى إذَا اتَّفَقَ اتِّفَاقٌ لَا يُضَافُ إلَى الْعَدْوَى كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُسَافِرُوا، وَالْقَمَرُ فِي الْعَقْرَبِ فَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْهُ فَإِنَّمَا نَهْي عَنْهُ لِئَلَّا يَتَّفِقَ اتِّفَاقٌ فَيُنْسَبَ إلَى كَوْنِ الْقَمَرِ فِي الْعَقْرَبِ فَيَكُونُ إيمَانًا بِالنُّجُومِ وَتَكْذِيبًا لِلْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي النَّهْيِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ.

وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ مُنْتَقِضٌ طَرْدًا وَعَكْسًا لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ الْمَصُّ وَلَا رَضَاعَ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ وَيَنْتَفِي الْمَصُّ فِي الْوَجُورِ، وَالسَّعُوطِ وَلَمْ يَنْتِفْ الرَّضَاعُ، وَالثَّدْيُ مُذَكَّرٌ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّدْيُ لِلْمَرْأَةِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّجُلِ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الثَّدْيُ وَهِيَ الثَّدْيُ، وَالْجَمْعُ أَثْدٍ وَثُدِيٌّ وَأَصْلُهَا أَفْعَلُ وَفُعُولُ مِثْلُ أَفْلُسَ وَفُلُوسٍ وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى ثِدَاءٍ مِثْلُ سَهْمٍ وَسِهَامٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بِهِ، وَإِنْ قَلَّ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا مَا حُرِّمَ مِنْهُ بِالنَّسَبِ) أَيْ حُرِّمَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ مَا حُرِّمَ بِسَبَبِ النَّسَبِ قَرَابَةً وَصِهْرِيَّةً فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَوْ كَانَ الرَّضَاعُ قَلِيلًا لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورِ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحُرْمَةَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ تُعْتَبَرُ بِحُرْمَةِ النَّسَبِ فَشَمِلَ حَلِيلَةَ الِابْنِ، وَالْأَبِ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهَا حَرَامٌ بِسَبَبِ النَّسَبِ فَكَذَا بِسَبَبِ الرَّضَاعِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِي الْقُنْيَةِ زَنَى بِامْرَأَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا مِنْ الرَّضَاعِ اهـ.

وَلِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣] قُلْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ» وَمَا دَلَّ عَلَى التَّقْدِيرِ فَمَنْسُوخٌ صَرَّحَ بِنَسْخِهِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ) أَيْ ذَكَرَ الْمَصَّ (قَوْلُهُ: لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ) أَمَّا عَلَى تَأْوِيلِهِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَصِّ الْوُصُولُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الْمَنْفَذَيْنِ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ وَإِرَادَةِ الْمُسَبَّبِ فَلَا نَقْضَ لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ مَصِّ اللَّبَنِ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَوَصَلَ أَمْ لَا لِلتَّلَازُمِ الْعَادِيِّ بَيْنَ الْمَصِّ، وَالْوُصُولِ لُغَةً قَالَ فِي الْقَامُوسِ مَصِصْتُهُ بِالْكَسْرِ وَمَصَصْته كَخَصَصْتُهُ أَخُصُّهُ شَرِبْته شُرْبًا رَفِيقًا كَامْتَصَصْتُهُ اهـ.

وَكَيْفَ يَصِحُّ مَا ادَّعَاهُ مَعَ قَوْلِهِ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ وَأَمَّا الْوَجُورُ، وَالسَّعُوطُ فَمُلْحَقَانِ بِالْمَصِّ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ خَصَّهُ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>