للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّضْعَةُ لَا تُحَرِّمُ فَقَالَ كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ، وَالرَّضَاعُ، وَإِنْ قَلَّ يَحْصُلُ بِهِ نَشْوٌ بِقَدْرِهِ فَكَانَ الرَّضَاعُ مُطْلَقًا مَظِنَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّغِيرِ وَفَسَّرَ الْقَلِيلَ فِي الْيَنَابِيعِ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ وَقَيَّدَ بِالثَّلَاثِينَ لِأَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَهَا لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَأَفَادَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ بَعْدَ الْفِطَامِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ بِالطَّعَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ الْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِهَا بَعْدَهُ فَخِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى إذَا اخْتَلَفَتْ كَانَ التَّرْجِيحُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَشَارَ بِجَعْلِ الْمُدَّةِ ظَرْفًا لِلْمُحَرَّمَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ عَلَى الْأَبِ بَلْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ دِيَانَةً بَعْدَهُمَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَهُمَا مَحْمَلُ ذِكْرِ الْحَوْلَيْنِ فِي التَّنْزِيلِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْأَصَحُّ قَوْلُهُ: مَا مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ فِي حَقِّ التَّحْرِيمِ أَيْضًا وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَمُرَادُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُهُ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَى الْمُقَلِّدِ بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي الدَّلِيلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْخَانِيَّةِ وَلَكِنْ قَالَ فِي آخِرِ الْحَاوِي الْقُدْسِيُّ: فَإِنْ خَالَفَاهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمُفْتَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ دَلِيلِهِمَا وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا رَضَاعَ بَعْدَ التَّمَامِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: ٢٣٣] فَإِنَّمَا هُوَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ بِالتَّرَاضِي، وَالتَّشَاوُرِ وَبَعْدَهَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَبِهِ يَضْعُفُ مَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ، وَالْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لَهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ ضَيَاعِ الْقَيْدَيْنِ حِينَئِذٍ

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِلْإِمَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ قَامَ الْمُنْقَصُ فِي الْحَمْلِ فَبَقِيَ الْفِصَالُ عَلَى حَالِهِ فَقَدْ رَجَعَ إلَى الْحَقِّ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ أَنَّ الثَّلَاثِينَ لَهُمَا لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالْعَامَانِ لِلْفِصَالِ وَاخْتَلَفُوا فِي إبَاحَتِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي، قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَهْلُ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ لِلَّبَنِ الْبِنْتُ أَيْ الَّذِي نَزَلَ بِسَبَبِ بِنْتٍ مُرْضَعَةٍ نَفْعًا لِوَجَعِ الْعَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الرَّمَدُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ مُتَعَذِّرٌ فَالْمُرَادُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْنَى الْمَنْعِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَصْلُهُ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَبُ أَصْلًا، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَلِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَتِهِ عَلَى فِطَامِ وَلَدِهَا مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَضُرَّهُ الْفِطَامُ كَمَا لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْإِرْضَاعِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ عَلَى الْفِطَامِ قَبْلَهُمَا لِأَنَّ لَهَا حَقَّ التَّرْبِيَةِ إلَى تَمَامِ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ إلَّا أَنْ تَخْتَارَ هِيَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْإِرْضَاعِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالرَّضَاعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ حَتَّى إذَا أُرْضِعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَسْلَمُوا وَخَرَجُوا إلَى دَارِنَا ثَبَتَتْ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ وَأُخْتَ ابْنِهِ) يَعْنِي فَإِنَّهُمَا يَحِلَّانِ مِنْ الرَّضَاعِ دُونَ النَّسَبِ أَطْلَقَ الْمُضَافَ، وَالْمُضَافَ إلَيْهِ فَفِي أُمِّ أُخْتِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الْأُولَى الْأُمُّ رَضَاعًا، وَالْأُخْتُ نَسَبًا بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أُخْتَهُ نَسَبًا وَلَمْ تُرْضِعْهُ، الثَّانِيَةُ: عَكْسُهُ أَنْ يَكُونَ لِأُخْتِهِ رَضَاعًا أُمٌّ مِنْ النَّسَبِ، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَا رَضَاعًا بِأَنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا وَصَبِيَّةً وَلِهَذِهِ الصَّبِيَّةُ أُمٌّ أُخْرَى مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ تُرْضِعْ الصَّبِيَّ، وَفِي أُخْتِ ابْنِهِ ثَلَاثٌ أَيْضًا فَالْأُولَى أَنْ تَكُونَ الْأُخْتُ رَضَاعًا فَقَطْ بِأَنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ مِنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا الِابْنِ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ ارْتَضَعَا عَلَى غَيْرِ امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ رَضَاعًا فَقَطْ وَلَهُ أُخْتٌ مِنْ النَّسَبِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>