للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَثَمَرَةُ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ إلْزَامِ الْحُجَّةِ عَلَى الْبَعْضِ لِإِجْمَاعِهِمْ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَكْتَفِي بِالْحَيْضِ عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْحَيْضِ إذْ التَّبَعُ خَلْفَ الْأَصْلِ بِحَالِهِ لَا بِذَاتِهِ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ: إذَا وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ فَقَدْ مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا حَيْضَتَانِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً لِأَنَّ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ عِنْدَنَا وَبَقِيَتْ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَإِذَا مَضَى شَهْرٌ طَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ إذَا مَضَى شَهْرٌ طَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَمَضَى مِنْ عِدَّتِهَا شَهْرَانِ وَبَقِيَ شَهْرٌ وَاحِدٌ مِنْ عِدَّتِهَا فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ وَاحِدٌ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَوَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ فِي شَهْرٍ بَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا نِصْفُ شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى نِصْفُ شَهْرٍ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا اهـ.

وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَبِالْكَبِيرَةِ الْآيِسَةُ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ عَلَى الْأَظْهَرِ وَدَخَلَ تَحْتَ مَنْ لَا تَحِيضُ مَنْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَلَمْ تَرِدْ مَا أَصْلًا فَإِنَّ الطَّلَاقَ يُفَرَّقُ عَلَى الْأَشْهُرِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ وَصَحَّ طَلَاقُهُنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَالْبَدَائِعِ: وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ فَطَهُرَتْ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّهْرِ قَدْ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ مَنْ تَحِيضُ ثُمَّ أَيِسَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى لِتَبَدُّلِ الْحَالِ وَلَا تَدْخُلُ الْمُمْتَدَّةُ طُهْرُهَا تَحْتَ مَنْ لَا تَحِيضُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا الْمُمْتَدَّةُ طُهْرُهَا فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لِأَنَّهَا قَدْ رَأَتْ الدَّمَ وَهِيَ شَابَّةٌ وَلَمْ تَدْخُلْ فِي حَقِّ الْإِيَاسِ إلَّا أَنَّهُ امْتَدَّ طُهْرُهَا وَيُحْتَمَلُ الزَّوَالُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَبَقِيَ أَحْكَامُ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فِيهَا وَلَا تَطْلُقُ ذَاتُ الْقَرْءِ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ قَدْ جَامَعَهَا فِي الطُّهْرِ وَامْتَدَّ لَا يُمْكِنُ تَطْلِيقُهَا لِلسُّنَّةِ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْحَيْضَ مَرْجُوٌّ فِي حَقِّهَا وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي الشَّابَّةِ الَّتِي لَا تَحِيضُ زَمَانَ الرَّضَاعِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اعْتِبَارَ الْأَشْهُرِ بِالْأَيَّامِ أَوْ بِالْأَهِلَّةِ قَالُوا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتُعْتَبَرُ الشُّهُورُ بِالْأَهِلَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِ فَفِي حَقِّ تَفْرِيقِ الطَّلَاقِ يُعْتَبَرُ كُلُّ شَهْرٍ بِالْأَيَّامِ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَبَرُ شَهْرٌ وَاحِدٌ بِالْأَيَّامِ وَشَهْرَانِ بِالْأَهِلَّةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِي الْكَافِي الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّهُ أَسْهَلُ، وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ اللَّيْلَةُ الَّتِي رُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلُهُ: (وَصَحَّ طَلَاقُهُنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ) أَيْ حَلَّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ لَا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ الْحَبَلُ فِيمَنْ لَا تَحِيضُ، وَالْكَرَاهَةُ فِيمَنْ تَحِيضُ بِاعْتِبَارِهِ لِحُصُولِ النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ يَقْتَضِي فِي الَّتِي لَا تَحِيضُ لَا لِصِغَرٍ وَلَا لَكِبَرٍ بَلْ اتَّفَقَ امْتِدَادُ طُهْرِهَا مُتَّصِلًا بِالصِّغَرِ، وَفِي الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ بَعْدُ، وَقَدْ وَصَلَتْ إلَى سِنِّ الْبُلُوغِ أَنْ لَا يَجُوزَ تَعْقِيبُ وَطْئِهَا بِطَلَاقِهَا لِتَوَهُّمِ الْحَمْلِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا فِي صَغِيرَةٍ لَا يُرْجَى حَبَلُهَا أَمَّا فِيمَنْ يُرْجَى فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ طَلَاقِهَا وَوَطْئِهَا بِشَهْرٍ كَمَا قَالَ زُفَرُ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ زُفَرَ لَيْسَ هُوَ فِي أَفْضَلِيَّةِ الْفَصْلِ بَلْ لِلُّزُومِ الْفَصْلِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ التَّشْبِيهَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ بِأَصْلِ الْفَاصِلِ وَهُوَ الشَّهْرُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ الْحَامِلَ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا فَيَفْصِلُ بَيْنَ تَطْلِيقَتَيْنِ بِشَهْرٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ، وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَا يُطَلِّقُهَا لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً كَالْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ بِعِلَّةِ الْحَاجَةِ وَهِيَ لَا تَنْدَفِعُ بِالْوَاحِدَةِ فَشُرِعَ لِدَفْعِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُعْقِبُ النَّدَمَ لِلتَّفْرِيقِ عَلَى أَوْقَاتِ الرَّغْبَةِ وَهِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي تَلِي الْحَيْضَ لِيَكُونَ كُلُّ طَلَاقٍ دَلِيلًا عَلَى قِيَامِهَا بِخِلَافِ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّصِّ عَلَى نَفْيِ جَوَازِ الْإِيقَاعِ بِالطُّهْرِ الْحَاصِلِ عَقِيبَ الْحَيْضِ وَهُوَ مَرْجُوٌّ فِي حَقِّهَا كُلَّ لَحْظَةٍ وَلَا يُرْجَى فِي الْحَامِلِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَطَلَاقُ الْمَوْطُوءَةِ حَائِضًا بِدْعِيَّةٌ) أَيْ حَرَامٌ لِلنَّهْيِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُخْتَارِ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهَا لَا يُفَرَّقُ طَلَاقُهَا عَلَى الْأَشْهُرِ إذَا لَمْ تَحِضْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا التَّقْيِيدِ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَصَحَّ طَلَاقُهُنَّ بَعْدَ الْوَطْءِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْقِيبُ طَلَاقِهَا بِوَطْئِهَا لِتَوَهُّمِ الْحَبَلِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَافِي الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ قِيلَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَفِي النَّهْرِ قِيلَ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>