للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ

لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ فُوِّضَ إلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي وَقْتِ السُّنَّةِ فَلَا يَمْلِكُ إيقَاعَهُ قَبْلَ وَقْتِ السُّنَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتِي غَدًا فَقَالَ لَهَا الْوَكِيلُ: أَنْت طَالِقٌ غَدًا لَا يَقَعُ إذَا جَاءَ غَدٌ حَتَّى لَوْ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ ثُمَّ قَالَ الْوَكِيلُ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتِي ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ لِلْحَالِ وَقَعَتْ وَاحِدَةً وَيَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي طُهْرٍ آخَرَ ثُمَّ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي طُهْرٍ آخَرَ اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَيَقَعُ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ) لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَحَلِّ وَشَرَائِطُهُ فَأَشَارَ إلَى مَحَلِّهِ بِذِكْرِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ الزَّوْجَةُ وَلَوْ حُكْمًا وَهِيَ الْمُعْتَدَّةُ كَمَا سَبَقَ وَأَشَارَ إلَى شَرْطِهِ بِالْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ وَهُوَ تَكْلِيفُ الزَّوْجِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَفْهُومِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَكُونَ جَادًّا فَيَقَعُ طَلَاقُ الْهَازِلِ بِهِ، وَاللَّاعِبِ لِلْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ» وَلَا أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ فَيَقَعُ طَلَاقُ شَارِطِ الْخِيَارِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَلَهَا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ لَهَا فِي الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ لِكَوْنِهِ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةَ مَالٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ وَلَا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا وَلَا مُسْلِمًا فَيَقَعُ مِنْ الْمَرِيضِ، وَالْكَافِرِ وَلَا أَنْ يَكُونَ عَامِدًا فَيَقَعُ طَلَاقُ الْمُخْطِئِ وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَيَسْبِقُ عَلَى لِسَانِهِ الطَّلَاقُ وَكَذَا الْعَتَاقُ، وَرَوَى الْكَرْخِيُّ أَنَّ فِي الْعَتَاقِ رِوَايَتَيْنِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَرَوَى بِشْرٌ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْكُلُّ مِنْ الْبَدَائِعِ وَلَا أَنْ يَكُونَ نَاوِيًا لَهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْكِنَايَاتِ فَقَطْ وَاعْلَمْ أَنَّ طَلَاقَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ فَإِنَّ أَجَازَهُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَ الْفُضُولِيُّ امْرَأَةً أَوْ غَيْرَهَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قِيلَ لَهُ إنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَك أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَك فَقَالَ نِعْمَ مَا صَنَعَ أَوْ بِئْسَ مَا صَنَعَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ أَحْسَنْت أَوْ قَالَ أَسَأْت عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ لَا يَكُونُ إجَازَةً.

وَلَوْ قَالَ أَحْسَنْت يَرْحَمُك اللَّهُ حَيْثُ خَلَّصْتنِي مِنْهَا أَوْ قَالَ فِي إعْتَاقِ الْعَبْدِ أَحْسَنْت تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْك كَانَ إجَازَةً اهـ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إجَازَةً فِي نِعْمَ مَا صَنَعْت لِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّنْجِيزِ، وَالتَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَهُ الْفُضُولِيُّ بِشَرْطٍ فَأَجَازَ الزَّوْجُ جَازَ فَلَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ ثُمَّ أَجَازَ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ الشَّرْطُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ فَقَالَ زَوْجُهَا: بِئْسَ مَا صَنَعْت قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ هُوَ إجَازَةٌ وَلَوْ قَالَ: نِعْمَ مَا صَنَعْت لَا يَكُونُ إجَازَةً وَعِنْدِي عَلَى عَكْسِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ فَصْلِ التَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ وَتَطْلِيقُ الْفُضُولِيِّ، وَالْإِجَازَةُ قَوْلًا وَفِعْلًا كَالنِّكَاحِ اهـ.

فَلَوْ حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ فَطَلَّقَ فُضُولِيٌّ إنْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ وَبِالْفِعْلِ لَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَغَيْرِهَا فِي الطَّلَاقِ بِكَلِمَةٍ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى مَنْكُوحَتِهِ فَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْكُوحَتِهِ وَرَجُلٍ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقَعُ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ وَقَالَ طَلَّقْت إحْدَاكُمَا طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَمَا لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلطَّلَاقِ كَالْبَهِيمَةِ، وَالْحَجَرِ، وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ الْحَيَّةِ، وَالْمَيِّتَةِ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ الْحَيَّةُ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلطَّلَاقِ وَكَذَا الْمَيِّتَةُ فَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ كَمَا فِي الْبَهِيمَةِ، وَالْحَجَرِ وَلِذَا قَالُوا لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى مُعَلِّلِينَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لَهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ إنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى الرَّجُلِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فَحُكْمُهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ وَلِذَا لَوْ أَضَافَ الزَّوْجُ الْحُرْمَةَ، وَالْبَيْنُونَةَ إلَى نَفْسِهِ صَحَّ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا إذَا جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صَحِيحَةُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَبِالْفِعْلِ لَا) قَالَ فِي النَّهْرِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِالْفِعْلِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا الْفُضُولِيُّ اهـ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي فَتَاوَى قَاضِي ظَهِيرٍ لَكِنْ نَقَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إنْ بَعَثَ الْمَهْرَ إلَيْهَا لَيْسَ بِإِجَازَةٍ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَنَقَلَ عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ قَوْلَيْنِ فِي قَبْضِ الْجُعْلِ هَلْ هُوَ إجَازَةٌ أَمْ لَا فَرَاجِعْهُ اهـ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْمَجْمُوعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ فَلْيُرَاجَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>