للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِعْمَالِ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ دُونَ غَيْرِهِ وَكَوْنُهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ بِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ بِالْغَلَبَةِ هُنَا هُوَ مَا وَصَفَهُ بِعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي غَيْرِهِ، وَالْغَلَبَةُ فِي مَفْهُومِهَا الِاسْتِعْمَالُ فِي الْغَيْرِ قَلِيلًا لِلتَّقَابُلِ بَيْنَ الْغَلَبَةِ، وَالِاخْتِصَاصِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ حَمَلَ الْعِبَارَةَ الْأُولَى عَلَى الْغَالِبِ لَانْدَفَعَ، وَفِي التَّتِمَّةِ إذَا قَالَ: طَلَّقْتُك آخِرَ الثَّلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَوَاحِدَةً، وَالْفَرْقُ دَقِيقٌ حَسَنٌ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ تَمَامَ ثَلَاثٍ أَوْ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً تَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ تَصِيرُ ثَلَاثًا أَوْ تَعُودُ ثَلَاثًا أَوْ تَتِمُّ ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ اهـ.

وَأَفَادَ بِالْكَافِ عَدَمَ حَصْرِ الصَّرِيحِ فِي الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ سَيَذْكُرُ أَنَّ مِنْهُ الْمَصْدَرَ كَأَنْتِ الطَّلَاقُ وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ شِئْت طَلَاقَك وَرَضِيت طَلَاقَك وَأَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقَك وَخُذِي طَلَاقَك وَوَهَبْت لَك طَلَاقَك وَلَوْ قَالَ أَرَدْت طَلَاقَك لَا يَقَعُ اهـ.

وَمِنْهُ أَوْدَعْتُك طَلَاقَك رَهَنْتُك طَلَاقَك عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ، وَالرَّهْنَ لَا يَكُونَانِ إلَّا لِلْمَوْجُودِ وَأَعَرْتُك طَلَاقَك صَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا كَذَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَمِنْهُ أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ فُلَانَةَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا قَدْ طَلَّقَ فُلَانٌ زَوْجَتَهُ فَطَلِّقْنِي فَقَالَ الزَّوْجُ فَأَنْت أَطْلَقُ مِنْهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت أَطْلَقُ مِنْ فُلَانَةَ اهـ.

وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ وَجَعَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْكِنَايَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ كَمَا إذَا قَالَتْ فُلَانٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَطَلِّقْنِي فَقَالَ أَنْت أَطْلَقُ مِنْهَا أَوْ أَبْيَنُ مِنْهَا طَلُقَتْ وَلَا يُدَيَّنُ اهـ.

وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمِنْهُ يَا طَالِقُ أَوْ يَا مُطَلَّقَةُ بِالتَّشْدِيدِ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت الشَّتْمَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُدَيَّنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ طَلَّقَهَا قَبْلُ فَقَالَ أَرَدْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ دِيَانَةً بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَقَضَاءً فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ لَا يُصَدَّقُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ قَدْ مَاتَ وَلَوْ قَالَ قُولِي أَنَا طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُولَهَا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ قَالَ لَهَا خُذِي طَلَاقَك فَقَالَتْ أَخَذْت اُخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَصُحِّحَ الْوُقُوعُ بِلَا اشْتِرَاطِهَا اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حَتَّى تَقُولَ الْمَرْأَةُ أَخَذْت وَيَكُونُ تَفْوِيضًا وَظَاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ خِلَافُهُ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَالْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهَا أَخَذْت وَيَقَعُ بِالتَّهَجِّي كَانَتْ ط ل ق وَكَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ: طَلَّقْتهَا فَقَالَ ن عِ م أَوْ بَلَى بِالْهِجَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أَطْلَقَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ النِّيَّةَ وَشَرَطَهَا فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهُ طَلَّقَك اللَّهُ كَأَعْتَقَكِ اللَّهُ فَلَا يَتَوَقَّفَانِ عَلَى نِيَّةٍ كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَأَوْقَفَهَا عَلَيْهَا فِي الْعُيُونِ

ــ

[منحة الخالق]

بَابُ الطَّلَاقِ) .

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ الْعِبَارَةَ الْأُولَى عَلَى الْغَالِبِ لَانْدَفَعَ) بِأَنْ يُقَالَ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ دُونَ غَيْرِهِ أَيْ غَالِبًا فَيُوَافِقُ قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهَا فِي أَصْلِ الْوَضْعِ تُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ غَلَبَ الِاسْتِعْمَالُ فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ الْوَضْعِيِّ فَتَخَصَّصَتْ بِالطَّلَاقِ فَقَطْ أَيْ بِسَبَبِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ اخْتَصَّتْ بِالطَّلَاقِ عُرْفًا فَمَعْنَى غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ هُوَ الِاسْتِعْمَالُ الْعُرْفِيُّ الَّذِي غَلَبَ عَلَى الْأَصْلِ الْوَضْعِيِّ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الطَّلَاقِ غَالِبًا، وَفِي غَيْرِهِ نَادِرًا حَتَّى يُنَافِيَ قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ دَقِيقٌ حَسَنٌ) وَجْهُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ أَضَافَ الْآخَرَ إلَى ثَلَاثٍ مَعْهُودَةٍ وَمَعْهُودِيَّتُهَا بِوُقُوعِهَا بِخِلَافِ الْمُنَكَّرِ اهـ.

لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى تَعْرِيفِ الثَّلَاثِ فِي قَوْلِهِ طَلَّقْتُك آخِرَ الثَّلَاثِ وَاَلَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الثَّلَاثُ أَوْ الْوَاحِدَةُ بِتَنْكِيرِ الثَّلَاثِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَعَلَّلَ الْأُولَى بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ الثَّالِثُ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقَدُّمِ مِثْلَيْهِ عَلَيْهِ وَعَلَّلَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَخْبَرَ عَنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ فَيَقَعُ، وَفِي الثَّانِي وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِكَوْنِهَا آخِرَ الثَّلَاثِ بَعْدَ الْإِيقَاعِ وَهِيَ لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ فَبَقِيَ أَنْتِ طَالِقٌ وَبِهِ يَقَعُ الْوَاحِدُ اهـ.

وَكَذَا رَأَيْته مُنَكَّرًا فِي الصُّورَتَيْنِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَالذَّخِيرَةِ، وَالْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ بِالْكَافِ عَدَمَ حَصْرِ الصَّرِيحِ) تَعْرِيضٌ بِمَا فِي كَلَامِ الْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَ: فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ. . . إلَخْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ ظَاهِرُ الْحَمْلِ أَنْ لَا صَرِيحَ سِوَى ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَسَيَذْكُرُ مِنْهُ التَّطْلِيقَ بِالْمَصْدَرِ، وَلَفْظُ الْكَنْزِ أَحْسَنُ لِإِشْعَارِ الْكَافِ بِعَدَمِ الْحَصْرِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَقُولُ: عِبَارَةَ الْقُدُورِيِّ فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ. . . إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَنْتِ الطَّلَاقُ. . . إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ: فِي الْبَحْرِ أَنَّ مِنْهُ شِئْت وَرَضِيت طَلَاقَك وَوَهَبْته لَك وَكَذَا أَوْدَعْتُك وَرَهَنْتُك وَخُذِي فِي الْأَصَحِّ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَوْلِهَا أَخَذْت كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الصَّرِيحَ يَكُونُ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ، وَالْمَصْدَرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْوُقُوعُ فِيمَا ادَّعَاهُ إنَّمَا هُوَ بِالْمَصْدَرِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِعَدِّهِ إيَّاهُ مِنْ الصَّرِيحِ مَعَ إنْ شِئْت طَلَاقَك وَرَضِيت طَلَاقَك لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت إنْ شِئْت وَذَكَرَهُ هَذَا الشَّارِحُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنْ سَاقَ فِي قَوْلِهِ شِئْت طَلَاقَك قَوْلَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فَرَاجِعْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>