للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَيْسَ مِنْهُ أُطَلِّقُك بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ إلَّا إذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَالِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عَمَّنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ فَلْيُصَفِّقْ بِيَدَيْهِ فَصَفَّقُوا طُلِّقْنَ وَقِيلَ لَا، وَفِيهَا قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ أُطَلِّقُك وَقَعَ عِنْدَ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَمِنْهُ الْأَلْفَاظُ الْمُصَحَّفَةُ وَهِيَ خَمْسَةٌ: تَلَاقٌ وَتَلَاغٌ وَطَلَاغٌ وَطَلَاك وَتَلَاك فَيَقَعُ قَضَاءً وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِأَنْ قَالَ امْرَأَتِي تَطْلُبُ مِنِّي الطَّلَاقَ وَأَنَا لَا أُطَلِّقُ فَأَقُولُ: هَذَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ، وَالْجَاهِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمِنْهُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ عَلَيْك طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: الْعَتَاقُ عَلَيْك يَعْتِقُ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ عَلَيْك هَذَا الْعَبْدُ بِأَلْفٍ فَقَالَ قَبِلْت يَكُونُ بَيْعًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ قَالَ عَلَيْك الطَّلَاقُ أَوْ لَك اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ وَلَيْسَ مِنْهُ لِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ امْرَأَتِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ فَرْضٌ قِيلَ يَقَعُ فِي الْكُلِّ بِلَا نِيَّةٍ وَقِيلَ لَا، وَإِنْ نَوَى وَقِيلَ نَعَمْ بِالنِّيَّةِ وَصَحَّحَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ عَدَمَهُ فِي الْكُلِّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَصَحَّحَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْوُقُوعَ فِي الْكُلِّ وَفَرَّقَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَوْقَعَ فِي وَاجِبٍ وَنَفَى فِي غَيْرِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ الْمُخْتَارُ الْوُقُوعُ فِي الطَّلَاقِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ وَاجِبًا أَوْ ثَابِتًا بَلْ حُكْمُهُ وَحُكْمُهُ لَا يَجِبُ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَتَاقِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ ثُبُوتَهُ اقْتِضَاءٌ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّتِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ عُرْفٌ فَاشٍ فَيَصِيرُ صَرِيحًا فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فِي صَرْفِهِ عَنْهُ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ قَصَدَهُ وَقَعَ وَإِلَّا لَا فَإِنَّهُ يُقَالُ هَذَا الْأَمْرُ عَلَيَّ وَاجِبٌ بِمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَهُ لَا إنِّي فَعَلْته فَكَأَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ أُطَلِّقَك اهـ.

، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ تُعُورِفَ فِي عُرْفِنَا فِي الْحَلِفِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا يُرِيدُ إنْ فَعَلْته لَزِمَ الطَّلَاقُ وَوَقَعَ فَوَجَبَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا تَعَارَفَ أَهْلُ الْأَرْيَافِ الْحَلِفَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَالِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْوُقُوعُ بِقَوْلِهِ تَكُونِي طَالِقًا أَوْ تَكُونُ طَالِقًا إذْ هُوَ الْغَالِبُ فِي كَلَامِ أَهْلِ بِلَادِنَا تَأَمَّلْ اهـ.

وَقَالَ فِي النَّهْرِ، وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ كَانَ جَوَابًا لِسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَقَعَ عِنْدَ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ كَأَنَّهُ لِأَنَّ سُؤَالَهَا إيَّاهُ قَرِينَةٌ مُعَيِّنَةٌ لِلْحَالِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيمَا إذَا قَرَنَهُ بِحَرْفِ التَّنْفِيسِ إلَّا إذَا نَوَاهُ فَتَكُونُ السِّينُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ نَحْوُ {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: ٥] .

(قَوْلُهُ: يُرِيدُ إنْ فَعَلْته لَزِمَ الطَّلَاقُ) أَيْ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطٍ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِفْتَاءَ بِالْوُقُوعِ بِشَرْطِ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا مُطْلَقًا وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فِيهِ غَيْرَ صَرِيحٍ لَكِنَّهُ فِي الْعُرْفِ مُلَاحَظٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة فِي نَوْعٍ فِي ذِكْرِ مَسَائِلِ الشَّرْطِ، وَفِي الْحَاوِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ فِيمَنْ اُتُّهِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْغَدَاةَ، فَقَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنَّهُ قَدْ صَلَّاهَا، وَقَدْ صَلَّاهَا، وَقَدْ تَعَارَفُوا شَرْطًا فِي لِسَانِهِمْ هَذَا قَالَ أَجْرَى أَمْرَهُمْ عَلَى الشَّرْطِ عَلَى تَعَارُفِهِمْ كَقَوْلِهِ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَكُنْ صَلَّيْت الْغَدَاةَ وَصَلَّاهَا لَمْ يَعْتِقْ كَذَا هُنَا اهـ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَجْرَوْهُ مَجْرَى الْقَسَمِ مِثْلُ وَاَللَّهِ فَعَلْت كَذَا وَعَلَيْهِ جَرَى الْحَنَابِلَةُ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ حَيْثُ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: وَقَعَ بَائِنًا بِلَا نِيَّةٍ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ بِالْعُرْفِ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ الْحَرَامُ وَلَمْ يَقُلْ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِهِمْ، وَفِي الْفَتْحِ: لَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ لَا يَقَعُ، وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ وَمِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مِصْرِنَا وَرِيفِنَا: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ، وَعَلَيَّ الْحَرَامُ قَالَ فِي الْمُخْتَارَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ يَكُونُ يَمِينًا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَكَانَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ يَقُولُ إنَّ الْكَلَامَ يَبْطُلُ وَلَا يُجْعَلُ هَذَا يَمِينًا اهـ.

وَفِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ، وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ شَيْخُنَا مُصَرَّحًا بِهِ فِي كَلَامِ الْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْمُغْنِي وَنَصُّهُ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي صَرِيحٌ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ طَلَاقُهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَكَذَا قَوْلُهُ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ اهـ.

وَنَقَلَ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَوَاهِرِ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ يَقَعُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ اهـ.

قُلْت وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ الْمَارِّ فِي طَلَاقِك عَلَيَّ وَاجِبٌ وَنَحْوُهُ هُنَا إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ طَلَاقِك عَلَيَّ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ وَبَيْنَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي فَتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوُقُوعَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ بِسَبَبِ كَوْنِهِ فِي مَعْنَى إنْ فَعَلْت كَذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْكَمَالِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَقَطْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُدَيَّنَ إنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ لَا التَّنْجِيزَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَعَارَفَ أَهْلُ الْأَرْيَافِ) أَيْ الْفَلَّاحُونَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الرِّيفُ بِالْكَسْرِ: أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَمَا قَارَبَ الْمَاءَ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ، وَفِي حَوَاشِي الْمِنَحِ لِلرَّمْلِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>