للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَفْعَلُ فَإِنْ قُلْت الْكِتَابَةُ مِنْ الصَّرِيحِ أَوْ مِنْ الْكِنَايَةِ قُلْت إنْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الرَّسْمِ مُعَنْوَنَةً فَهِيَ صَرِيحٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ، وَإِنْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ فَلَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً وَكَذَا لَا يَقَعُ بِالنِّيَّةِ وَقَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: مِنْ فَصْلِ الِاخْتِيَارِ قَالَ لِلْكَاتِبِ اُكْتُبْ إنِّي إذَا خَرَجْت مِنْ الْمِصْرِ بِلَا إذْنِهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَلَمْ تَتَّفِقْ الْكِتَابَةُ وَتَحَقُّقَ الشَّرْطِ وَقَعَ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِكِتَابَةِ الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ كُتِبَ أَمْ لَا اهـ.

وَمِنْهُ كُونِي طَالِقًا أَوْ أَطْلِقِي كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: لِأَمَتِهِ كَوْنِي حُرَّةً تَعْتِقُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْهُ أَخْبَرَهَا بِطَلَاقِهَا بَشِّرْهَا بِطَلَاقِهَا احْمِلْ إلَيْهَا طَلَاقَهَا أَخْبِرْهَا أَنَّهَا طَالِقٌ قُلْ لَهَا إنَّهَا طَالِقٌ فَتَطْلُقُ لِلْحَالِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهَا وَلَا عَلَى قَوْلِ الْمَأْمُورِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ قُلْ لَهَا أَنْت طَالِقٌ لَا يَقَعُ مَا لَمْ يَقُلْ لَهَا الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ اُكْتُبْ لَهَا طَلَاقَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ كَمَا لَوْ قَالَ احْمِلْ إلَيْهَا طَلَاقَهَا أَوْ اُكْتُبْ إلَى امْرَأَتِي أَنَّهَا طَالِقٌ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَيْسَ مِنْهُ نِسَاءُ الْعَالَمِ أَوْ الدُّنْيَا طَوَالِقُ فَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ بِخِلَافِ نِسَاءِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ، وَفِيهَا امْرَأَتُهُ طَلُقَتْ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ نِسَاءُ بَغْدَادَ طَوَالِقُ، وَفِيهَا امْرَأَتُهُ لَا تَطْلُقُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَطْلُقُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَجَزَمَ بِالْوُقُوعِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نِسَاءِ الْمَحَلَّةِ، وَالدَّارِ، وَالْبَيْتِ وَجَعَلَ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي نِسَاءِ الْقَرْيَةِ وَمِنْهُ أَنْت طَالِقٌ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ قَوْلِ فُلَانٍ الْقَاضِي أَوْ الْمُفْتِي فَتَطْلُقُ قَضَاءً وَلَا تَطْلُقُ دِيَانَةً إلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْهُ أَنْتِ مِنَى ثَلَاثًا.

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَيْسَ مِنْهُ أَحْسِبُهَا مُطَلَّقَةً كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَيَّدَ بِخِطَابِهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهَا لَا يَقَعُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ

ــ

[منحة الخالق]

سَأَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مُفْتِي الرُّومِ عَمَّا صُورَتُهُ مَا قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي رَجُلٍ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا وَسَأَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْضًا عَمَّا صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْكُمْ - فِي زَيْدٍ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لَا أُشَغِّلُ عَمْرًا وَبَكْرًا عِنْدِي فَإِذَا أَشْغَلَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِمَا صُورَتُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ طَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ أَوْ فَرْضٌ أَوْ ثَابِتٌ قِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً نَوَى أَوْ لَا، وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَلَوْ قَالَ طَلَاقٌ عَلَيَّ لَا وَلَوْ قَالَ عَلَيْك الطَّلَاقُ يَقَعُ إذَا نَوَى اهـ.

كَلَامُ الرَّمْلِيِّ لَكِنْ قَالَ فِي الْمِنَحِ: فِي دِيَارِنَا صَارَ الْعُرْفُ فَاشِيًّا فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ فَيَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْحَرَامِ يَلْزَمُنِي وَعَلَيَّ الْحَرَامُ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ لِلتَّعَارُفِ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ وَإِفْتَاءُ أَبِي السُّعُودِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِي دِيَارِهِمْ فِي الطَّلَاقِ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ. . . إلَخْ) تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى قَوْلِ الْقُضَاةِ أَوْ الْفُقَهَاءِ إنْ نَوَى السُّنَّةَ يُدَيَّنُ وَيَقَعُ فِي الْحَالِ فِي الْقَضَاءِ أَيْ يَقَعُ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ قَضَاءً، وَإِنْ نَوَى السُّنَّةَ فَفِي أَوْقَاتِهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْتِ مِنِّي ثَلَاثًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا قَالَ لَهَا أَنْت مِنِّي ثَلَاثًا إنْ نَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَ الْحَالُ مُذَاكَرَةَ الطَّلَاقِ، وَإِذَا قَالَ لَهَا تُوسِهِ وَنَوَى الطَّلَاقَ قَالَ يَقَعُ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِخِطَابِهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ. . . إلَخْ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ لَا تُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ لِعَدَمِ الْخِطَابِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْخِطَابِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ خُصُوصَ الْخِطَابِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ مَا هُوَ الْأَعَمُّ مِنْهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْإِضَافَةِ وَذَكَرَ الِاسْمَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي اهـ.

وَهَذَا الْجَوَابُ فِي نَفْسِهِ حَسَنٌ لَكِنْ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِلْمُؤَلِّفِ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ الطَّلَاقُ مِنْ قَوْلِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَمُحْتَاجٌ إلَيْهَا لَكِنَّ وُقُوعَهُ فِي الْقَضَاءِ بِلَا نِيَّةٍ إنَّمَا هُوَ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَهَا بِالْخِطَابِ. . . إلَخْ هَذَا، وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ رَجُلٌ دَعَتْهُ جَمَاعَةٌ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ فَقَالَ إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَشْرَبُ وَكَانَ كَاذِبًا فِيهِ ثُمَّ شَرِبَ طَلُقَتْ، وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ لَا تَطْلُقُ دِيَانَةً اهـ.

أَيْ فَقَوْلُهُ: طَلُقَتْ أَيْ قَضَاءً وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا وَقَعَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَ الْبَزَّازِيَّةِ هُنَا لَا يَقَعُ أَيْ قَضَاءً فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِهَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ أَعْقَبَهَا بِعِبَارَةِ الْقُنْيَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى إنْشَاءِ الْحَلِفِ لَا عَلَى الْإِخْبَارِ وَمَا فِي الْقُنْيَةِ عَلَى الْإِخْبَارِ لِقَوْلِهِ وَكَانَ كَاذِبًا فِيهِ لَكِنْ بَعْدَ هَذَا يَرُدُّ عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ قَوْلَهُ إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ يَحْتَمِلُ الْحَلِفَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرَهَا فَيَكُونُ إخْبَارًا عَنْ طَلَاقٍ مُضَافٍ إلَيْهَا وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ لَهُ غَيْرَهَا وَإِلَّا لَا يُصَدَّقُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَمْ يُسَمِّ وَلَهُ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ طَلُقَتْ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَالَ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى وَإِيَّاهَا عَنَيْت لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>