للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرَى، وَالدَّيْنُ لَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَوْ قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالطَّلَاقُ، وَالدَّيْنُ لِلْمَعْرُوفَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهَا وَكَذَا لَوْ بَدَأَ بِالْمَالِ فَقَالَ لِامْرَأَتِي عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهِيَ طَالِقٌ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِي عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى وَإِيَّاهَا عَنَيْت صُدِّقَ فِي الْمَالِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَانِيًا فَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مِنْهُمَا لَا يُقْبَلُ وَكَذَا لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَانِيًا وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ امْرَأَتِي طَالِقٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَيْنِ عَلَى إحْدَاهُمَا اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَلَمْ يُسَمِّ بِاسْمِهَا إنْ نَوَى امْرَأَتَهُ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ فُلَانَةَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يَتَنَاوَلُ امْرَأَتَهُ، وَالْأَجْنَبِيَّةَ وَأَطْلَقَ اللَّامَ فِي طَالِقٍ فَشَمِلَ مَا إذَا فَتَحَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجْرِي عَلَى لِسَانِ النَّاسِ خُصُوصًا فِي الْغَضَبِ، وَالْخُصُومَةِ فَلَوْ كَانَ تُرْكِيًّا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطِّحَالَ، وَفِي التُّرْكِيَّةِ: يُقَالُ لِلطِّحَالِ طَالِقٌ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَلَوْ حَذَفَ الْقَافَ مِنْ طَالِقٍ فَقَالَ أَنْت طَالَ فَإِنْ كَسَرَ اللَّامَ وَقَعَ بِلَا نِيَّةٍ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ، وَالْغَضَبِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالَ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالنِّيَّةِ إلَّا فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْغَضَبِ وَلَوْ قَالَ يَا طَالِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ حَذَفَ اللَّامَ فَقَطْ فَقَالَ أَنْتِ طَاقَ لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى وَلَوْ حَذَفَ اللَّامَ، وَالْقَافَ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَا وَسَكَتَ أَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ الْعَادَةَ مَا جَرَتْ بِحَذْفِ حَرْفَيْنِ مِنْ آخِرِ الْكَلَامِ وَأَطْلَقَ فِي طَالِقٍ وَمُطَلَّقَةٌ فَشَمِلَ مَا إذَا سَمَّاهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمَّاهُ حُرٌّ أَوْ نَادَاهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرَّ اسْمٌ صَالِحٌ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ بِهِ وَهُوَ اسْمٌ لِبَعْضِ النَّاسِ وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ، وَالطَّالِقُ فَلَيْسَ اسْمًا صَالِحًا فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ كَذَا ذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي التَّلْقِيحِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ وَاعْتَمَدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَرُوِيَ فِيهِ أَثَرًا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَا طَالِقٌ فَقَالَ الزَّوْجُ نَعَمْ كَانَتْ طَالِقًا إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا مُسْتَقْبَلًا، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْخَبَرَ عَمَّا مَضَى وَقَعَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَتْ لَهُ أَنَا طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ طَلُقَتْ وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي فَقَالَ نَعَمْ لَا، وَإِنْ نَوَى اهـ.

وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ هَلْ: امْرَأَتُك إلَّا طَالِقٌ فَقَالَ الزَّوْجُ لَا: تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ صَارَ قَائِلًا لَيْسَ امْرَأَتِي إلَّا طَالِقٌ، وَفِي الثَّانِي صَارَ قَائِلًا نَعَمْ امْرَأَتِي غَيْرُ طَالِقٍ اهـ.

وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَلَسْت طَلَّقْتهَا فَقَالَ بَلَى طَلَّقْت وَلَوْ قَالَ نَعَمْ لَا تَطْلُقُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ فَإِنَّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسَمِّ بِاسْمِهَا) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ لَفْظَ فُلَانَةَ الْمُكَنِّي بِهِ عَنْ الْعَلَمِ لَا الِاسْمِ الْعَلَمِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَ الْقَافَ مِنْ طَالِقٍ. . . إلَخْ) وَجْهُ الْوُقُوعِ بِأَنَّهُ تَرْخِيمٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ اخْتِيَارًا فِي النِّدَاءِ، وَفِي غَيْرِهِ اضْطِرَارًا فِي الشِّعْرِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: التَّرْخِيمُ لُغَةً يُقَالُ عَلَى مُطْلَقِ الْحَذْفِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْجَوْهَرِيِّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ.

فَتَأَمَّلْهُ قُلْت، وَفِي كِنَايَاتِ الْفَتْحِ، وَالْوَجْهُ إطْلَاقُ التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بِلَا قَافٍ لَيْسَ صَرِيحًا بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا التَّرْخِيمُ لُغَةً جَائِزٌ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ فَانْتَفَى لُغَةً وَعُرْفًا فَيُصَدَّقُ قَضَاءً مَعَ الْيَمِينِ هَذَا فِي حَالَةِ الرِّضَا وَعَدَمِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ أَمَّا فِي أَحَدِهِمَا فَيَقَعُ قَضَاءً أَسْكَنَهَا أَوْ لَا، وَفِيهِ أَيْضًا النَّظَرُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ بِلَا لَفْظٍ لَهُ وَلَا لِأَعَمَّ مِنْهُ لِيَكُونَ كِنَايَةً لَيْسَ بِمَجَازٍ فِيهِ وَهَذَا الْبَحْثُ يُوجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ بِهِ أَصْلًا، وَإِنْ نَوَى وَمِثْلُ هَذَا الْبَحْثِ يَجْرِي فِي التَّطْلِيقِ بِالتَّهَجِّي كَأَنْتِ ط ل ق لِأَنَّهُ لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا كِنَايَةً لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا يَحْتَمِلُ أَشْيَاءَ وَأَوْضَاعُ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ هِيَ حُرُوفٌ وَلِذَا لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ تَهَجِّيًا لَا يَجِبُ السُّجُودُ لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْآنًا وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الصَّرِيحِ، وَالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِكَوْنِ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَيْهِ وَضْعًا أَوْ عُرْفًا وَحِينَئِذٍ يَقَعُ بِالتَّهَجِّي فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ النِّيَّةِ وَكَذَا بِطَالٍ بِلَا قَافٍ اهـ.

(قَوْلُهُ:، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ سَمَّى امْرَأَتَهُ مُطَلَّقَةً قَالَ سَمَّيْتُك مُطَلَّقَةً لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ، وَفِيهَا مِنْ الْعَتَاقِ رَجُلٌ أَشْهَدَ أَنَّ اسْمَ عَبْدِهِ حُرٌّ دَعَاهُ بِالْحُرِّ لَا يَعْتِقُ اهـ.

وَنَقَلَهُ عَنْهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَى آخِرِ عِبَارَتِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الْعِتْقِ لَوْ سَمَّاهَا طَالِقًا ثُمَّ نَادَاهَا بِهِ لَا تَطْلُقُ.

وَقَدْ رَوَى وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِزَوْجِهَا سَمِّنِي فَسَمَّاهَا الطَّيِّبَةَ، فَقَالَتْ مَا قُلْت شَيْئًا، فَقَالَ هَاتِ مَا أُسَمِّيك بِهِ فَقَالَتْ سَمِّنِي خَلِيَّةً طَالِقًا قَالَ فَأَنْتِ خَلِيَّةٌ طَالِقٌ فَجَاءَتْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَصَّ الْقِصَّةَ فَأَوْجَعَ عُمَرُ رَأْسَهَا، وَقَالَ خُذْ بِيَدِهَا وَأَوْجِعْ رَأْسَهَا اهـ.

وَذَكَرَ هَذَا الشَّارِحُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ هُنَا فِي كِتَابِ الْإِعْتَاقِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَهَذَا ابْنِي أَوْ أَبِي فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.

<<  <  ج: ص:  >  >>