للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ وُجِدَ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي الْمَالِ، وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي طَلَاقِهَا عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ فَإِنْ قَبِلَتْ لَزِمَهَا الطَّلَاقُ، وَالْمَالُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى كَوْنِهِ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ عَلَى كَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رَجْعِيًّا لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ لِأَجْلِ الْمَالِ وَلَمْ يُوجَدْ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ بَائِنٌ نَاوِيًا ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى أَشْرَكْتُك فِي طَلَاقِهَا أَنْ يَقَعَ عَلَى الثَّانِيَةِ بَائِنًا أَيْضًا ثُمَّ قَالَ فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا: وَلَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ الْمَنْكُوحَةُ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ زَوْجُهَا لِامْرَأَةٍ أُخْرَى لَهُ: قَدْ أَشْرَكْتُك فِي فُرْقَةِ هَذِهِ طَلُقَتْ بَائِنًا، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَحَكَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ فِي فُرْقَةِ الْعِنِّينِ، وَاللِّعَانِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالْخُلْعِ قَدْ أَشْرَكْتُك فِي فُرْقَةِ هَذِهِ طَلُقَتْ لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فِرْقَةُ طَلَاقٍ بِخِلَافِ الْأُولَى وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ خَمْسَ تَطْلِيقَاتٍ فَقَالَتْ ثَلَاثٌ تَكْفِنِي فَقَالَ ثَلَاثٌ لَك، وَالْبَاقِي عَلَى صَوَاحِبِك وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِهَا لِأَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الثَّلَاثِ صَارَ لَغْوًا فَقَدْ صُرِفَ اللَّغْوُ إلَى صَوَاحِبِهَا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ اهـ. وَقَدَّمْنَا خِلَافًا فِي الْأَخِيرَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِلَى ثَلَاثٍ ثِنْتَانِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَدْخُلُ الْغَايَةُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَقَالَا بِدُخُولِهِمَا فَيَقَعُ فِي الْأُولَى ثِنْتَانِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ اسْتِحْسَانًا بِالتَّعَارُفِ إلَّا أَنَّهُمَا أَطْلَقَا فِيهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّمَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ عُرْفًا فِيمَا مَرْجِعُهُ الْإِبَاحَةُ كَخُذْ مِنْ مَالِي مِنْ عَشَرَةٍ إلَى مِائَةٍ وَبِعْ عَبْدِي بِمَالٍ مِنْ مِائَةٍ إلَى أَلْفٍ وَكُلْ مِنْ الْمِلْحِ إلَى الْحُلْوِ فَلَهُ أَخْذُ الْمِائَةِ، وَالْبَيْعُ بِأَلْفٍ وَأَكْلُ الْحَلْوَاءِ، وَأَمَّا مَا أَصْلُهُ الْحَظْرُ حَتَّى لَا يُبَاحَ إلَّا لِدَفْعِ الْحَاجَةِ فَلَا، وَالطَّلَاقُ مِنْهُ فَكَانَ قَرِينَةً عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْكُلِّ غَيْرَ أَنَّ الْغَايَةَ الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ فِي صُورَةِ إيقَاعِهَا وَهِيَ صُورَةٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ إذْ لَا ثَانِيَةَ بِلَا أَوْلَى وَوُجُودُ الطَّلَاقِ عَيْنُ وُقُوعِهِ بِخِلَافِ الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ بِلَا ثَالِثَةٍ أَمَّا صُورَةٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إدْخَالِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا دَخَلَتْ ضَرُورَةَ إيقَاعِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَإِيقَاعُ الْوَاحِدَةِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ إدْخَالِهَا غَايَةً بَلْ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ انْتِفَاءِ الْعُرْفِ فِيهِ فَلَا تَدْخُلُ فَيَلْغُو قَوْلُهُ: مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ وَيَقَعُ بِطَالِقٍ وَاحِدَةً وَلَا يَرِدُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَانِيَةً حَيْثُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً لِأَنَّ ثَانِيَةً لَغْوٌ فَيَقَعُ بِأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ اعْتِبَارِ إثْبَاتِ الْعُرْفِ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ فَلَا يَرِدُ دُخُولُ الْمُرَافِقِ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَمَّا أَدْخَلَ مَا بَعْدَ إلَى تَارَةً وَأَخْرَجَهُ أُخْرَى كَانَ الِاحْتِيَاطُ الدُّخُولَ فَإِنْ قِيلَ مَا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا يَسْتَدْعِي وُجُودَ الْأَمْرَيْنِ وَوُجُودَهُمَا وُقُوعَهُمَا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ الْجَوَابُ إنَّ ذَلِكَ فِي الْمَحْسُوسَاتِ وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَعْنَوِيَّةِ فَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْأَوَّلَ وَاحْتِمَالَ وُجُودِ الثَّانِي عُرْفًا فَفِيمَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ يُصَدَّقُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعِينَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ بَاعَ بِالْخِيَارِ إلَى غَدٍ دَخَلَ الْغَدُ فِي الْخِيَارِ وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَن دَيْنَهُ إلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الْخَامِسِ وَكَذَا لَا يُكَلِّمُهُ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ دَخَلَ الْعَاشِرُ وَكَذَا فِي إنْ تَزَوَّجْت إلَى عَشْرِ سِنِينَ دَخَلَتْ الْعَاشِرَةُ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَوْ أَجَّرَ إلَى خَمْسِ سِنِينَ دَخَلَتْ الْخَامِسَةُ، وَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ لَا تَدْخُلُ اهـ.

وَتَمَامُ تَقْرِيرِهِ فِي شَرْحِنَا الْمُسَمَّى بِتَعْلِيقِ الْأَنْوَارِ عَلَى أُصُولِ الْمَنَارِ وَلَوْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ وَاحِدَةً دُيِّنَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَى ثِنْتَيْنِ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى وَاحِدَةٍ تَقَعُ وَاحِدَةً بِالْأُولَى اتِّفَاقًا وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ زُفَرَ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِدُخُولِ الْغَايَتَيْنِ، وَالْأَصَحُّ الْوُقُوعُ عِنْدَهُ بِطَالِقِ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إلَى ثَلَاثٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ بِحَرْفِ الْعَطْفِ دُونَ الْغَايَةِ وَقَعَتْ وَاحِدَةً عِنْدَ الْكُلِّ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ الْعُرْفُ الْكَائِنَ فِي الْغَايَةِ وَلَوْ قَالَ مِنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ وَهِيَ الَّتِي غَايَتُهَا إلَى ثَلَاثٍ أَعْنِي مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ زُفَرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى وَاحِدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>