للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت إذَا لَبِسْت أَوْ إذَا مَرِضْت صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا إذَا قَصَدَ بِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الدُّخُولَ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ وَبَيْنَ الْفِعْلِ، وَالزَّمَانِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا بَقَاءَ لَهُمَا فَكَمَا يُوجَدَانِ يَذْهَبَانِ وَلِلْمَكَانِ بَقَاءٌ لَا يَتَجَدَّدُ كُلَّ سَاعَةٍ أَمَّا الزَّمَانُ يَتَجَدَّدُ وَيَحْدُثُ كُلَّ سَاعَةٍ كَالْفِعْلِ فَكَانَ اخْتِصَاصُ الطَّلَاقِ بِالزَّمَانِ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً.

وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي اللَّيْلِ، وَفِي النَّهَارِ تَقَعُ ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي لَيْلِك وَنَهَارِك طَلُقَتْ لِلْحَالِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ إلَى الشِّتَاءِ تَعَلَّقَ قَوْلُهُ: (وَإِذَا دَخَلْت مَكَّةَ تَعْلِيقٌ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ التَّعْلِيقِ) وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ أَوْ فِي لُبْسِك ثَوْبَ كَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَفْعَلَ لِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ، وَالْفِعْلُ لَا يَصْلُحُ شَاغِلًا لَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِيهَا دُخُولِك الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْمِعْرَاجِ وَأَوْضَحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ فِي بِدُونِ حَرْفِ الْهَاءِ يَصِيرُ صِفَةً لِلْمَذْكُورِ أَوَّلًا وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَالدُّخُولُ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا لِأَنَّهُ فِعْلٌ فَجُعِلَ شَرْطًا فَصَارَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِدُخُولِ الدَّارِ وَإِذَا ذُكِرَ فِي مَعَ حَرْفِ الْهَاءِ صَارَ صِفَةً لِلْمَذْكُورِ آخِرًا وَهُوَ الدُّخُولُ، وَالطَّلَاقُ لَا يَصْلُح ظَرْفًا لِلدُّخُولِ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الطَّلَاقِ شَرْطًا أَيْضًا لِلدُّخُولِ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِالظَّرْفِيَّةِ، وَالشَّرْطِيَّةِ فَيُلْغِي كَلِمَةٌ فِي فَوَقَعَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ اهـ.

فَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ فَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الطَّلْقَةِ، وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ مُذَكَّرًا فَهُوَ عَائِدٌ إلَى الطَّلَاقِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِهَا فِي قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ فِي نِكَاحِك حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا لَا تَقَعُ لِأَنَّهَا كَالتَّعْلِيقِ تَوَقُّفًا لَا تَرَتُّبًا وَتَمَامُهُ فِي الْأُصُولِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مَا يَقُومُ بِهَا فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي مَرَضِك أَوْ وَجَعِك أَوْ صَلَاتِك لَمْ تَطْلُقُ حَتَّى تَمْرَضَ أَوْ تُصَلِّيَ إمَّا لِأَنَّ " فِي " حَرْفٌ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَنَحْوَهُ لَمَّا لَمْ يَصْلُحْ ظَرْفًا حُمِلَ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ مَجَازًا لِتَصْحِيحِ كَلَامِ الْعَاقِلِ.

وَأَشَارَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ إلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَنَّ الْإِضَافَةَ إنْ كَانَتْ إلَى الْمَوْجُودِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّزُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ، وَإِنْ كَانَتْ إلَى مَعْدُومٍ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ كَقَوْلِهِ فِي دُخُولِك وَقَيَّدَ بِفِي لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِدُخُولِك الدَّارَ أَوْ قَالَ لِحَيْضِك تَطْلُقُ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِدُخُولِك الدَّارَ أَوْ بِحَيْضِك لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ وَتَحِيضَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي حَيْضِك وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ أُخْرَى لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ دُرُورِ الدَّمِ وَنُزُولِهِ لِوَقْتِهِ فَكَانَ فِعْلًا فَصَارَ شَرْطًا كَمَا فِي الدُّخُولِ، وَالشَّرْطُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي حَيْضَةٍ أَوْ فِي حَيْضَتِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ اسْمٌ لِلْحَيْضَةِ الْكَامِلَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ «أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَلَا الْحَبَالَى حَتَّى يَسْتَبْرِئْنَ بِحَيْضَةٍ» فَأَرَادَ بِهَا كَمَالَهَا اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ الْحَيْضَةَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ كَانَ تَعْلِيقًا لِطَلَاقِهَا عَلَى الطُّهْرِ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَإِنْ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ تَاءٍ كَانَ تَعْلِيقًا عَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ بِشَرْطِ أَنْ يَمْتَدَّ ثَلَاثًا كَذَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طَلُقَتْ لِلْحَالِ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَصْلُحُ ظَرْفًا لِكَوْنِهَا طَالِقًا وَمَتَى طَلُقَتْ فِي وَقْتٍ طَلُقَتْ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَجِيءَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ لِأَنَّ الْمَجِيءَ فِعْلٌ فَلَمْ يَصْلُحْ ظَرْفًا فَصَارَ شَرْطًا وَلَا يُحْتَسَبُ بِالْيَوْمِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ لِأَنَّ الشُّرُوطَ تُعْتَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي وَمَجِيءُ الْيَوْمِ يَكُونُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَقَدْ مَضَى جُزْءُ أَوَّلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي مُضِيِّ يَوْمٍ تَطْلُقُ فِي الْغَدِ فِي مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ وَلَوْ قَالَ فِي مَجِيءِ يَوْمٍ تَطْلُقُ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ مِنْ الْغَدِ لِأَنَّ الْمَجِيءَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجِيءِ أَوَّلِ جُزْئِهِ يُقَالُ جَاءَ يَوْمُ

ــ

[منحة الخالق]

صَرِيحٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ مُذَكَّرًا. . . إلَخْ) بِأَنْ قَالَ فِيهِ دُخُولُك الدَّارَ، وَالْوُقُوعُ فِيهِ لِلْحَالِ أَظْهَرُ لِكَوْنِهِ عَائِدًا إلَى الطَّلَاقِ كَذَا فِي النَّهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>