حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ سَاكِنُهَا فَاشْتَغَلَ بِالنُّقْلَةِ مِنْ سَاعَتِهِ بَرَّ وَفَائِدَةُ وُقُوعِ الْمُنَجَّزَةِ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ إنَّ الْمُعَلَّقَ لَوْ كَانَ ثَلَاثًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً بِالْمُنَجَّزِ فَقَطْ إذَا كَانَ مَوْصُولًا فَلَوْ كَانَ مَفْصُولًا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ، وَالْمُعَلَّقُ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ثَلَاثًا فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَحِيلَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ فَإِنْ مَضَى الْيَوْمُ تَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِنْثِ وَهُوَ عَدَمُ التَّطْلِيقِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ، وَالتَّعْلِيقُ غَيْرُ التَّطْلِيقِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّطْلِيقِ لِأَنَّ هَذَا تَطْلِيقٌ مُقَيَّدٌ لِأَنَّهُ تَطْلِيقٌ بِعِوَضٍ، وَالْمُعَاوَضَةُ لَيْسَتْ بِتَعْلِيقٍ حَقِيقَةً، وَالْمُقَيَّدُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ فَيَنْعَدِمُ شَرْطُ الْحِنْثِ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَنْت كَذَا يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَنَكَحَهَا لَيْلًا حَنِثَ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ) يَعْنِي بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَيْلًا لَا خِيَارَ لَهَا أَوْ نَهَارًا دَخَلَ الْأَمْرُ فِي يَدِهَا إلَى الْغُرُوبِ، وَالْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَنَّ مَظْرُوفَ الْيَوْمِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ يُصْرَفُ الْيَوْمُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ إلَى مَجَازِهِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ لِأَنَّ ضَرْبَ الْمُدَّةِ لَهُ لَغْوٌ إذْ لَا يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ كَانَ مُمْتَدًّا يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَا يَمْتَدُّ مَا يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ كَالسَّيْرِ، وَالرُّكُوبِ، وَالصَّوْمِ وَتَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ وَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ وَبِمَا لَا يَمْتَدُّ عَكْسُهُ كَالطَّلَاقِ، وَالتَّزَوُّجِ، وَالْكَلَامِ، وَالْعَتَاقِ، وَالدُّخُولِ، وَالْخُرُوجِ، وَالْمُرَادُ بِالِامْتِدَادِ امْتِدَادٌ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّهَارَ لَا مُطْلَقُ الِامْتِدَادِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّكَلُّمَ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّكَلُّمَ يَمْتَدُّ زَمَانًا طَوِيلًا لَكِنْ لَا يَمْتَدُّ بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّكَلُّمِ هَلْ هُوَ مِمَّا يَمْتَدُّ أَوَّلًا فَجَزَمَ فِي الْهِدَايَةِ بِالثَّانِي، وَجَزَمَ السِّرَاجُ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي بِالْأَوَّلِ وَجَعَلَ الثَّانِي ظَنًّا ظَنَّهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْحَقُّ مَا فِي الْهِدَايَةِ لِمَا فِي التَّلْوِيحِ مِنْ أَنَّ امْتِدَادَ الْإِعْرَاضِ إنَّمَا هُوَ بِتَجَدُّدِ الْأَمْثَالِ كَالضَّرْبِ، وَالْجُلُوسِ، وَالرُّكُوبِ فَمَا يَكُونُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مِثْلُهَا فِي الْأُولَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ جُعِلَ كَالْعَيْنِ الْمُمْتَدِّ بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّ الْمُتَحَقِّقَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَا يَكُونُ مِثْلَهُ فِي الْأُولَى فَلَا يَتَحَقَّقُ تَجَدُّدُ الْأَمْثَالِ اهـ.
ثُمَّ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الِامْتِدَادِ وَعَدَمِهِ الْمَظْرُوفُ وَهُوَ الْجَوَابُ وَمِنْ مَشَايِخِ مَنْ تَسَامَحَ فَاعْتَبَرَ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْيَوْمَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُضَافَ إلَيْهِ وَمَظْرُوفُ الْيَوْمِ مِمَّا يَمْتَدُّ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَرْكَبُ فُلَانٌ أَوْ يَكُونَا مِنْ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، وَفِي هَذَيْنِ لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ إنْ اُعْتُبِرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَوْ الْمَظْرُوفُ.
وَإِنْ كَانَ الْمَظْرُوفُ مُمْتَدًّا، وَالْمُضَافُ إلَيْهِ غَيْرَ مُمْتَدٍّ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ أَوْ يَكُونُ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُمْتَدًّا وَالْمَظْرُوفُ غَيْرَ مُمْتَدٍّ نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ يَرْكَبُ فُلَانٌ فَحِينَئِذٍ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ وُقُوعِ الْمُنَجَّزَةِ دُونَ الْمُعَلَّقَةِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْفَائِدَةَ تَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً حَيْثُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ كَمَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ نَعَمْ هَذِهِ فَائِدَةُ التَّنْجِيزِ مَوْصُولًا فَإِنَّهُ لَوْلَاهُ لَوَقَعَ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا تَطْلِيقٌ مُقَيَّدٌ. . . إلَخْ) مُقْتَضَاهُ تَسْلِيمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعْلِيقًا يَحْنَثُ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي حِيَلِ الْأَشْبَاهِ مِنْ أَنَّ الْحِيلَةَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَلَا تَقْبَلُ.
(قَوْلُهُ: كَالسَّيْرِ، وَالرُّكُوبِ. . . إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ قَوْلَهُمْ: الرُّكُوبُ مِنْ الْمُمْتَدِّ مَمْنُوعٌ بَلْ حَقِيقَتُهُ حَرَكَتُهُ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا فَوْقَ الدَّابَّةِ، وَاللُّبْسُ هُوَ جَعْلُ الثَّوْبِ عَلَى بَدَنِهِ، وَالْمُمْتَدُّ بَقَاؤُهُ وَلَكِنَّهُ يُتَسَامَحُ فَيُقَالُ لَبِسَ يَوْمًا وَرَكِبَ يَوْمًا إذَا دَامَ عَلَيْهِ فَالْمَرْجِعُ الْعُرْفُ اهـ.
وَالْأَنْسَبُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي حَوَاشِي التَّلْوِيحِ مِنْ أَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ الْبَقَاءِ، وَالْقَرِينَةُ التَّقْيِيدُ بِنَحْوِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّكَلُّمِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ أَظْهَرَ لِلْخِلَافِ ثَمَرَةً وَيَنْبَغِي أَنْ تَظْهَرَ فِي اشْتِرَاطِ اسْتِيعَابِ النَّهَارِ فِيمَا يَمْتَدُّ وَعَدَمِهِ فَمَنْ اشْتَرَطَهُ جَعَلَ الْكَلَامَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ جَعَلَهُ مِنْ الْمُمْتَدِّ وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَا فِي الْبَحْرِ الْمُرَادُ بِالِامْتِدَادِ امْتِدَادٌ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّهَارَ لَا مُطْلَقَ الِامْتِدَادِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّكَلُّمَ. . . إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ نَعَمْ اخْتَارَ فِي التَّلْوِيحِ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْمُمْتَدِّ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى أَيْضًا مِنْ حَيْثُ النُّطْقُ بِالْحُرُوفِ، وَالِاخْتِلَافُ بِالْوَصْفِ لَا يُبَالَى بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُلُوسَ لَوْ اخْتَلَفَتْ كَيْفِيَّتُهُ عُدَّ مُمْتَدًّا فَكَذَا هَذَا اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ أَقُولُ: مَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ أَصْوَبُ عِنْدِي لِأَنَّهُ يُقَالُ تَكَلَّمَ فُلَانٌ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ عِشْرِينَ دَرَجَةً وَأَكْثَرَ فَيُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ وَقَوْلُ التَّلْوِيحِ إنَّهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَ كَالْأُولَى مَمْنُوعٌ إذْ لَيْسَ إلَّا بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ، وَالتَّصْوِيتِ وَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ مِنْ تَقْيِيدِ الِامْتِدَادِ بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ النَّهَارَ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّكَلُّمَ مِنْ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ اهـ. مُلَخَّصًا. وَهُوَ عَيْنُ مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ عَلَى أَحَدِ