أَنْت طَالِقٌ إلَى قَرِيبٍ فَهُوَ إلَى مَا نَوَى لِأَنَّ مُدَّةَ الدُّنْيَا كُلَّهَا قَرِيبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَإِلَى أَنْ يَمْضِيَ شَهْرٌ إلَّا يَوْمًا، وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَالْأُخْرَى غَدًا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ وَقَعَتْ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ وَاحِدَةً لِلْحَالِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ وَقَعَتْ أُخْرَى بِأَلْفٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ تَطْلِيقَةً بَائِنَةٌ وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ يَقَعُ لِلْحَالِ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ وَقَعَتْ أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَقَعَ الْيَوْمَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ وَغَدًا أُخْرَى بِالْأَلْفِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ انْصَرَفَ الْبَدَلُ إلَيْهِمَا فَتَقَعُ الْيَوْمَ وَاحِدَةً بِخَمْسِمِائَةٍ وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَمَا إذَا لَمْ يُضِفْ أَصْلًا.
وَكَذَا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ ثَلَاثًا وَغَدًا أُخْرَى بَائِنَةٌ أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَيَقَعُ الْيَوْمَ وَاحِدَةً بِخَمْسِمِائَةٍ وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَوْ وَصَفَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَاحِدَةً وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفٍ أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ بِأَلْفٍ أَوْ بَائِنَةٌ بِأَلْفٍ لَغَا ذَلِكَ الْوَصْفُ فَتَقَعُ وَاحِدَةً الْيَوْمَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْوُجُوهَ عَشَرَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ لَا يَصِفَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ يَصِفَ الْأُولَى فَقَطْ إمَّا بِالرَّجْعَةِ أَوْ بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ بِكَوْنِهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ أَوْ يَصِفَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ كَذَلِكَ أَوْ يَصِفَهُمَا جَمِيعًا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى أَنْت طَالِقٌ قُبَيْلَ غَدٍ وَقُبَيْلَ قُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ لِأَنَّ قُبَيْلَ وَقْتٍ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ هَذَا هُوَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ قُبَيْلَ قُدُومِ فُلَانٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَلَوْ قَالَ إذَا كَانَ ذُو الْقِعْدَةِ فَأَنْت طَالِقٌ، وَقَدْ مَضَى بَعْضُهُ فَهِيَ طَالِقٌ سَاعَةَ مَا تَكَلَّمَ اهـ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ تَتْمِيمًا لِلطَّلَاقِ الْمُضَافِ تَكْثِيرًا لِلْفَوَائِدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَا مِنْك طَالِقٌ لَغْوٌ، وَإِنْ نَوَى وَتَبِينُ فِي الْبَائِنِ، وَالْحَرَامِ) يَعْنِي إذَا قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ عَلَيْك حَرَامٌ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالنِّيَّةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ أَوْ الْقَيْدِ فَمَحَلُّ الطَّلَاقِ مَحَلُّهُمَا وَهِيَ مَحَلُّهُمَا دُونَهُ فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ فَيَلْغُو وَأَمَّا حَجْرُهُ عَنْ أُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ فَلَيْسَ مُوجِبٌ نِكَاحَهَا بَلْ حَجْرٌ شَرْعِيٌّ ثَابِتٌ ابْتِدَاءً عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَخَمْسٍ لَا حُكْمًا لِلنِّكَاحِ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا مَعَ أُخْتِهَا مَعًا أَوْ ضَمَّ خَمْسًا مَعًا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْإِبَانَةِ لِأَنَّ لَفْظَهَا مَوْضُوعٌ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَوَصْلَةُ النِّكَاحِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَصَحَّتْ إضَافَتُهَا إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَالِمًا بِحَقِيقَتِهَا وَبِخِلَافِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا مِنْك وَعَلَيْك لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا بَائِنٌ أَوْ أَبَنْت نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ مِنْك أَوْ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ مُتَعَدِّدَةٌ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَنْت بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ حَيْثُ تَطْلُقُ إذَا نَوَى لِتَعْيِينِ إزَالَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَصْلَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهَا الطَّلَاقَ فَطَلَّقَتْهُ لَا يَقَعُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَفِي الْقُنْيَةِ أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُونِ النِّيَّةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى كَلِمَةِ " عَلَيَّ " مت وَكَذَا فِي سن فَقَالَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنَا بَائِنٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنْك أَوْ أَنَا حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ أَنْتِ حَرَامٌ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ ع لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ حَيْثُ نَقَلَهُ مِنْ الْعُيُونِ، وَفِي الْعُيُونِ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْت مِنِّي بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ وَقَعَ وَلَوْ قَالَتْ أَنْت بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ وَلَمْ تَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ
ــ
[منحة الخالق]
الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ قُلْت فَيَلْزَمُهُ الْعُقْرُ لَوْ وَطِئَهَا بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَ بَائِنًا وَيُرَاجِعُ لَوْ رَجْعِيًّا وَلَوْ قَالَ نَظِيرَهُ لِإِحْدَى أَمَتَيْهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ ع) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَيْ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ خِزَانَةَ الْأَكْمَلِ اسْمُ كِتَابٍ فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتٍ تَصْنِيفُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يُوسُفَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيِّ وَنُسِبَ لِأَبِي اللَّيْثِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِهَذَا كَذَا فِي تَاجِ التَّرَاجِمِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute