للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُسَخِ الْعُيُونِ وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ تَاءِ التَّأْنِيثِ وَظَنَّ صَاحِبُ الْأَكْمَلِ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ وَظَنَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدَ هَذَا ازْدَادَ سَهْوًا شَيْخُنَا نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ فَزَادَ فِيهَا لَفْظَةَ لَهَا فَقَالَ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْمَسْأَلَةُ مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ مَذْكُورَةٌ فِي الْوَاقِعَاتِ الْكُبْرَى الْمَدَنِيَّةِ وَغَيْرِ الْمَدَنِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الْعُيُونِ فَعُرِفَ بِهِ سَهْوُهُمَا اهـ.

وَالْحَاصِلُ مِنْ جِهَةِ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْحُرْمَةَ أَوْ الْبَيْنُونَةَ إلَيْهَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ، وَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ لَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهَا، وَإِنْ خَيَّرَهَا فَأَجَابَتْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِضَافَتَيْنِ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْك أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي أَنَا بَائِنٌ مِنْك وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ وَقَدْ حُكِيَ فِي الْمِعْرَاجِ فِي مَسْأَلَةِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِزَوْجِهَا لَوْ كَانَ إلَيَّ مَا إلَيْك لَرَأَيْت مَاذَا أَصْنَعُ فَقَالَ جَعَلْت مَا إلَيَّ إلَيْك فَقَالَتْ طَلَّقْتُك فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا هَلَّا قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي مِنْك وَرَوَى خَطَّ اللَّهُ وَصَوَّبَهُ النَّسَفِيُّ وَقَالَ لَا يَجُوزُ خَطَّأَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ عَكْسَهُ، وَالنَّوْءُ كَوْكَبٌ تَسْتَمْطِرُ بِهِ الْعَرَبُ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوَّلًا أَوْ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِك لَغْوٌ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقَعُ رَجْعِيَّةً لِصَرْفِ الشَّكِّ إلَى الْوَاحِدَةِ وَلَهُمَا أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى قُرِنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْعَدَدِ بِدَلِيلِ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِطَالِقٍ لَبَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ فَيَلْغُو الْعَدَدُ وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِطَالِقٍ لَكَانَ الْعَدَدُ فَاصِلًا فَوَقَعَ وَمِنْ أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَدَدِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوُقُوعَ أَيْضًا بِالْمَصْدَرِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَكَذَا الْوُقُوعُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ ذِكْرِهَا كَمَا إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ كَانَ الْوُقُوعُ بِأَلْبَتَّةَ حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا لَا يَقَعُ وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ لَوَقَعَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ بَائِنٌ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ لِلسُّنَّةِ أَوْ بَائِنٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْإِيقَاعِ لَا لِلتَّطْلِيقَةِ فَيَتَوَقَّفُ الْإِيقَاعُ عَلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ وَأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ بِالْأُولَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْعِتْقِ رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ أَلْبَتَّةَ فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ أَلْبَتَّةَ فَإِنَّهُ يَمُوتُ عَبْدًا اهـ.

وَمُرَادُهُ مِنْ الْوَاحِدَةِ مُطْلَقُ الْعَدَدِ فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ وَقَيَّدَ بِالْعَدَدِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا لَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِمْ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ أَوْ أَنْت طَالِقٌ أَوْ لَا شَيْءَ أَوْ أَنْت طَالِقٌ أَوَّلًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْإِيقَاعِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ، وَالْإِيقَاعُ إذَا لَحِقَهُ اسْتِثْنَاءٌ لَا يَبْقَى إيقَاعًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ كَانَ أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَوْلَا لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ، وَالْإِيقَاعُ إذَا لَحِقَهُ شَرْطٌ لَمْ يَبْقَ إيقَاعًا اهـ ثُمَّ قَالَ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ تَقَعُ وَاحِدَةً بِلَا خِيَارٍ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَفُلَانَةُ أَوْ فُلَانَةُ يَقَعُ عَلَيْهَا وَعَلَى إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ كَلِمَةَ التَّشْكِيكِ دَخَلَتْ بَيْنَ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ، وَالْأُولَى سَلِمَتْ عَنْ التَّشْكِيكِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ فُلَانَةُ وَفُلَانَةُ يَقَعُ عَلَى الْأَخِيرَةِ وَعَلَى إحْدَى الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَالْبَيَانُ إلَيْهِ لِأَنَّ كَلِمَةَ التَّشْكِيكِ دَخَلَتْ عَلَى الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ لَا عَلَى الْأَخِيرَةِ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي إحْدَى الْأَوَّلِيَّيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى، وَالْأَخِيرَةُ وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ.

وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ وَهَذِهِ طَلُقَتْ الثَّالِثَةُ، وَالرَّابِعَةُ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى، وَالْأَخِيرَةُ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ وَلَوْ قَالَ عَمْرَةُ طَالِقٌ أَوْ زَيْنَبُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَهَا خُيِّرَ فِي إيقَاعِهِ عَلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَرُوِيَ خَطَّ اللَّهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ: الْخَطُّ مِنْ الْخَطِيطَةِ وَهِيَ أَرْضٌ لَمْ تُمْطَرْ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>