للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالدُّخُولِ طَلَاقًا مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ فُلَانَةُ عَلَيَّ حَرَامٌ وَعَنَى بِهِ الْيَمِينَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيَانِ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يَقْرَبْهَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوقِعَ طَلَاقَ الْإِيلَاءِ أَوْ طَلَاقَ الصَّرِيحِ لِأَنَّهُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الطَّلَاقِ، وَالْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ وَأَحَدُهُمَا لَا يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ فَلَمْ يُلْزِمْهُ الْقَاضِي وَبَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْوَاقِعُ أَحَدُ الطَّلَاقَيْنِ وَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ فَيُلْزِمُهُ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَوْ عَبْدُهُ حُرٌّ فَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقَعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي التَّلْخِيصِ مِنْ بَابِ الْحِنْثِ يَقَعُ بِالْوَاحِدَةِ، وَالِاثْنَيْنِ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ذَا أَوْ ذَا وَذَا فَحِنْثُهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرِينَ، وَفِي عَكْسِهِ بِالْآخِرِ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ إذْ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ وَأَوْ بِمَعْنَى وَلَا لِتَنَاوُلِهَا نَكِرَةً فِي النَّفْيِ بِخِلَافِ ذَا حُرٌّ أَوْ ذَا وَذَا لِأَنَّهَا تَخُصُّ فِي الْإِثْبَاتِ فَأَشْبَهَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَذَا أَوْ الْخَبَرُ مَعَادٌ ثَمَّةَ لَا هُنَا فَأَفْرَدَ الْمَعْطُوفَ بِعِتْقٍ كَمَا أَفْرَدَ بِالنِّصْفِ فِي نَظِيرَتِهِ فِي الْإِقْرَارِ اهـ.

وَذَكَرَ الشَّارِحُ الْفَارِسِيُّ أَنَّ الطَّلَاقَ كَالْعِتْقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ، وَالْعِتْقَ، وَالْإِقْرَارَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا عُطِفَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَوْ ثُمَّ عُطِفَ بِالْوَاوِ أَنَّ الثَّالِثَ الْمَعْطُوفَ بِالْوَاوِ يَثْبُتُ لَهُ الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ فَيَعْتِقُ الثَّالِثُ وَتَطْلُقُ الثَّالِثَةُ وَيَكُونُ نِصْفُ الْمَالِ الْمُقِرُّ بِهِ لِلثَّالِثِ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَالتَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَأَمَّا فِي الْأَيْمَانِ فَإِنَّمَا هُوَ جَمَعَ بَيْنَ الثَّالِثِ، وَالثَّانِي بِالْوَاوِ، وَالْأَوَّلُ ثَبَتَ لَهُ الْحُكْمُ وَحْدَهُ فَإِنْ كَلَّمَ الْأَوَّلَ وَحْدَهُ حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِكَلَامِ الْأَخِيرَيْنِ وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا، وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَحَاصِلُ أَوْ فِي الطَّلَاقِ إمَّا فِي أَصْلِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا لَا وُقُوعَ اتِّفَاقًا أَوْ بَعْدَ الْعَدَدِ فَكَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوَّلًا أَوْ بَيْنَ عَدَدَيْنِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ فِي الْمَدْخُولَةِ وَوَاحِدَةً فِي غَيْرِهَا أَوْ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَطَلَاقٌ مُبْهَمٌ كَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ أَوْ بَيْنَ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ وَاوٌ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ طَلُقَتْ الْأُولَى، وَالْبَيَانُ لَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بَيْنَ ثَلَاثٍ وَاوٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَقَعَ عَلَى الْأَخِيرَةِ، وَالْبَيَانُ لَهُ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَوْ بَيْنَ أَرْبَعٍ مُكَرَّرَةٍ بِأَنْ ذَكَرُوا فِي الثَّانِيَةِ، وَالْوَاوُ فِي الثَّالِثَةِ وَأَوْ فِي الرَّابِعَةِ طَلُقَتْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ وَلَوْ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ بِالْوَاوِ، وَالثَّالِثَةَ بِأَوْ وَكَذَا الرَّابِعَةَ بِالْوَاوِ طَلُقَتْ الْأُولَى، وَالْأَخِيرَةُ، وَالْبَيَانُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ وَلَوْ أَدْخَلَ أَوْ عَلَى الثَّانِيَةِ فَقَطْ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ وَوَقَعَ عَلَى الثَّالِثَةِ، وَالرَّابِعَةِ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَعْنِي مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِك فَلِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لَهُ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ وَمَوْتَهَا يُنَافِي الْمَحَلِّيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْمُوقِعِ، وَالْمَحَلِّيَّةِ فِي الْمُوقَعِ عَلَيْهَا إذْ الْمَعْنَى عَلَى تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْقِرَانِ بِدَلِيلِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ دُخُولِك الدَّارَ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَاسْتَدْعَى وُقُوعَهُ تَقَدُّمَ الشَّرْطِ وَهُوَ الْمَوْتُ فَيَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ بَاطِلٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَلَكَهَا أَوْ شِقْصَهَا أَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ انْفَسَخَ لِمُنَافَاةٍ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ أَعْنِي مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَمِلْكَ النِّكَاحِ فِي الْأَوَّلِ وَلِاجْتِمَاعِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَمْلُوكِيَّةِ فِي الثَّانِي فَإِنْ قُلْت هَلْ ارْتَفَعَ أَثَرُ النِّكَاحِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا ارْتَفَعَ أَصْلُهُ قُلْت لَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ، وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ لَاعَنَهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَسُبِيَتْ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّ حُكْمَ اللِّعَانِ، وَالظِّهَارِ بَاقٍ فَحَرُمَ الِاسْتِمْتَاعُ، وَالِاجْتِمَاعُ مَعَهَا اهـ.

أَطْلَقَهُ فَانْصَرَفَ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِلْكًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ كَمِلْكِ الْوَكِيلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُضَعَّفِ وَكَمَا قَالُوا فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً عَلَى رَقَبَةِ الْأَمَةِ ثُمَّ أَجَازَ ذَلِكَ مَوْلَاهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ مِلْكًا لِلْحُرَّةِ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ يَنْتَقِلُ إلَى الزَّوْجِ أَوَّلًا فِي الْأَمَةِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى الْحُرَّةِ لِمَا أَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا غَيْرُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَحِنْثُهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرَيْنِ) لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَلَوْ كَلَّمَ أَحَدَ الْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْ الْآخَرَ فَارِسِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي عَكْسِهِ) أَيْ لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ ذَا وَذَا أَوْ ذَا فَحِنْثُهُ بِكَلَامِ الْأَخِيرِ أَوْ بِكَلَامِ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَكَلِمَةَ أَوْ بِمَعْنَى وَلَا لِتَنَاوُلِهَا نَكِرَةً فِي النَّفْيِ فَتَعُمُّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ جَمَعَ بَيْنَ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ بِحَرْفِ الْجَمْعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ هَذَا وَلَا هَذَيْنِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي جَمَعَ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي بِحَرْفِ الْجَمْعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا أُكَلِّمُ هَذَيْنِ وَلَا هَذَا فَارِسِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْخَبَرُ مُعَادٌ ثَمَّةَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ لَا يَصْلُحُ خَبَرًا لِلْمَعْطُوفِ، وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِإِفْرَادِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا حُرٌّ وَهَذَا حُرٌّ فَأَفْرَدَ الْمَعْطُوفَ بِعِتْقٍ عَلَى حِدَةٍ كَمَا أَفْرَدَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمَعْطُوفُ بِنِصْفِ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ بِقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لِفُلَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>