فَإِنْ كَانَ حُرًّا لَا يَصِحُّ لِقِرَانِ الْمُنَافِي وَتَبِينُ لِأَنَّ الْمَالَ زَائِدٌ فَكَانَ أَوْلَى بِالرَّدِّ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا فِي خُلْعِ الْمُبَانَةِ أَمَّا النِّكَاحُ لَمْ يُشْرَعْ بِغَيْرِ مَالٍ، وَالتَّسْمِيَةُ تَنْفِي مَهْرَ الْمِثْلِ وَلِمُنَافَاةِ الْقِيمَةِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى رَقَبَتِهَا فَإِنْ كَانَ حُرًّا لَا يَصِحُّ وَتَقَعُ رَجْعِيَّةً لِأَنَّهُ صَرِيحٌ وَلَوْ كَانَ رَقِيقًا صَحَّ لِلْمُسَمَّى لِمَا مَرَّ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى رَقَبَةِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا صَحَّ فِي غَيْرِ الْبَدَلِ بِحِصَّتِهَا مِنْ رَقَبَةِ الْبَدَلِ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى مَهْرَيْهِمَا الْمُسَمَّى وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَى طَلَاقٌ لِلْمِلْكِ وَلَوْ خَالَعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى رَقَبَةِ الْأُخْرَى طَلُقَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِقِرَانِ الْمُنَافِي اهـ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَدْعِي قِيَامَ النِّكَاحِ وَلَا بَقَاءَ لَهُ مَعَ الْمُنَافِي لَا مِنْ وَجْهٍ كَمَا فِي مِلْكِ الْبَعْضِ وَلَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي مِلْكِ الْكُلِّ، وَالْعِدَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَيَسْتَحِيلُ وُجُودُ الْوَطْءِ حَلَالًا مَعَ قِيَامِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَوْرَدَ فِي الْكَافِي عَلَى قَوْلِهِمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لَوْ اشْتَرَاهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّزْوِيجُ بِهَا مِنْ آخَرَ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ قُلْنَا قَدْ قَالُوا إنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ جَازَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا مِنْ آخَرَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ مَنْ اشْتَرَاهَا وَهَلْ تَجِبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ اهـ.
وَهَكَذَا فِي الْمِعْرَاجِ قَيَّدَ بِشِرَائِهِ لِأَنَّهَا لَوْ مَلَكَتْهُ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَعَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّ الْعِدَّةَ، وَإِنْ وَجَبَتْ لَكِنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ مَانِعٌ مِنْ مَالِكِيَّةِ الطَّلَاقِ وَأَطْلَقَ الشِّرَاءَ وَأَرَادَ الْمِلْكَ مَجَازًا وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الطَّلَاقِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ الْمِلْكِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ ظُهُورِ الْعِدَّةِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَتْهُ بَعْدَمَا مَلَكَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَعَ طَلَاقُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِزَوَالِ الْمُنَافِي لِمَالِكِيَّةِ الطَّلَاقِ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَالسُّكْنَى وَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِمَا لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطٍ أَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ آلَى مِنْهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ أَوْ جَاءَ وَقْتُ السُّنَّةِ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَالْعِتْقِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ يَقَعْ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَالْبَيْعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَالْعِتْقِ فِيمَا ذَكَرْنَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: عَبْدٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَاشْتَرَتْهُ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ إذَا طَهُرَتْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالْحُرُّ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ذَلِكَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمَهْرِ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَفِي الْمُحِيطِ: رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ امْرَأَتَهُ مِنْ سَيِّدِهَا فَاشْتَرَاهَا، وَالزَّوْجُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَدْ انْتَقَضَ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ حَصَلَ بِفِعْلِ الْمَوْلَى بِسُوءِ جَهْلٍ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلزَّوْجِ وَلَوْ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ مِنْ الرَّجُلِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ انْتِقَاضَ النِّكَاحِ مُضَافٌ إلَى الْبَيْعِ الثَّانِي لَا إلَى بَيْعِ الْمَوْلَى فَحَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِفِعْلِ الزَّوْجِ لَا بِفِعْلِ الْمَوْلَى فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَهْرِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ مِنْ الْمَوْلَى الْأَوَّلِ لِلزَّوْجِ وَلَمْ يَعْرِفْ مِنْ الزَّوْجِ الْوَكَالَةَ بِهِ إلَّا بِقَوْلِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ الْيَمِينُ عَلَى عِلْمِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ وَعَاقِدٍ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ وَيَعْقِدُ لِغَيْرِهِ بِعَارِضِ تَوْكِيلٍ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ إذَا مَاتَ، وَالِدِي فَأَنْت حُرَّةٌ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ، وَالِدِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا مَاتَ، وَالِدِي فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَمَاتَ الْوَالِدُ كَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ أَوَّلًا تَعْتِقُ وَلَا تَطْلُقُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى اسْتِقْصَاءٍ فِي الْمَبْسُوطِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا. . . إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَا يَصِحُّ إيجَابُ الْبَدَلِ لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى رَقَبَتِهَا إلَّا أَنَّهُ هُنَا يَقَعُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ الزَّوْجُ رَقِيقًا قِنًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا صَحَّ الْخُلْعُ بِالْمُسَمَّى لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْمَانِعِ وَهُوَ مِلْكُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ رَقَبَةَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَلَعَهُمَا. . . إلَخْ) حُرٌّ تَحْتَهُ أَمَتَانِ زَيْنَبُ وَعَمْرَةُ فَخَلَعَهُمَا سَيِّدُهُمَا عَلَى رَقَبَةِ عَمْرَةَ مَثَلًا صَحَّ فِي حَقِّ الَّتِي لَمْ يُعَيِّنْهَا لِلْبَدَلِ وَهِيَ زَيْنَبُ فَتَطْلُقُ بِحِصَّتِهَا مِنْ رَقَبَةِ عَمْرَةَ إذَا قُسِّمَتْ رَقَبَتُهَا عَلَى قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهِمَا الْمُسَمَّى فَمَا أَصَابَ مَهْرَ زَيْنَبَ فَلِلزَّوْجِ وَمَا أَصَابَ مَهْرَ عَمْرَةَ بَقِيَ لِلْمَوْلَى وَإِنَّمَا صَحَّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ زَيْنَبَ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ لِأَنَّ طَلَاقَهَا لَا يُقَارِنُ مِلْكَ الزَّوْجِ فِيهَا وَلَا يَقَعُ عَلَى عَمْرَةَ طَلَاقٌ لِمِلْكِ الزَّوْجِ بَعْضَ رَقَبَتِهَا مُقَارِنًا لِلطَّلَاقِ لِثُبُوتِ الْعِوَضِ، وَالْمُعَوَّضِ مَعًا وَلَوْ خَالَعَ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى رَقَبَةِ صَاحِبَتِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ مِلْكَ الزَّوْجِ رَقَبَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُقَارِنُ الْمُنَافِي وَهُوَ الْوُقُوعُ فَصَحَّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ دُونَ الْبَدَلِ لِمَا مَرَّ هَذَا مَا لَخَّصْته مِنْ شَرْحِ الْفَارِسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute