اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ مَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، وَالزَّوْجُ وَارِثُهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُضَافٌ إلَى حَالِ زَوَالِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُ الْأَمَةَ مُقَارِنًا لِزَوَالِهَا عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَزَوَالُ النِّكَاحِ يَثْبُتُ مُقَارِنًا بِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ لِأَنَّ هَذِهِ أَشْيَاءُ مُتَضَادَّةٌ مُتَنَافِيَةٌ وَمِلْكُ الْيَمِينِ يُضَادُّ مِلْكَ النِّكَاحِ فِي حَقِّ أَحْكَامِهِ وَثَمَرَاتُهَا وَثُبُوتُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ يَكُونُ مُقَارِنًا لِذَهَابِ الضِّدِّ الْآخَرِ لَا مُرَتَّبًا عَلَيْهِ كَثُبُوتِ السَّوَادِ يَكُونُ مُقَارِنًا لِذَهَابِ الْبَيَاضِ وَكَقَدَحٍ مَمْلُوءٍ مِنْ الْمَاءِ إذَا أُلْقِيَ فِيهِ حَجَرٌ وَخَرَجَ الْمَاءُ يَكُونُ خُرُوجُ الْمَاءِ مُقَارِنًا لِدُخُولِ الْحَجَرِ لَا مُرَتَّبًا عَلَيْهِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَدَحُ وَاسِعًا لِلْحَجَرِ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَاءُ بَعْدَهُ وَإِضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى حَالِ زَوَالِ النِّكَاحِ لَا يَصِحُّ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُضَافٌ إلَى حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ لِأَنَّ زَوَالَ النِّكَاحِ يَتَرَتَّبُ عَلَى مِلْكُ الْوَارِثِ وَمُلْكُ الْوَارِثِ يَتَرَتَّبُ عَلَى انْقِطَاعِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَهَذِهِ أَحْوَالٌ مُتَعَاقِبَةٌ مُتَرَادِفَةٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْمُقَارَنَةِ يُؤَدِّي إلَى اسْتِحَالَةٍ وَهُوَ سَبْقُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ عَلَى الْعِلَّةِ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعِلَّةِ فَالشِّرَاءُ مَا لَمْ يَتِمَّ لَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي.
وَهَكَذَا نَقُولُ فِي قَدَحِ الْمَاءِ يَتَرَتَّبُ خُرُوجُ الْمَاءِ عَلَى دُخُولِ الْحَجَرِ وَلَا يَقْتَرِنَانِ لِاسْتِحَالَةِ إثْبَاتِ الْخُرُوجِ قَبْلَ دُخُولِ الْحَجَرِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْخُرُوجِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِأَمَةِ مُوَرِّثِهِ إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْت حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلَى لَا تَعْتِقُ وَقَالَ زُفَرُ: وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ تَعْتِقُ لِأَنَّ مَوْتَ الْمُوَرِّثِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْوَارِثِ فَقَدْ أَضَافَهُ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ وَرِثْتُك وَلَنَا أَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمَوْتُ وُجِدَ حَالَةَ انْقِطَاعِ مِلْكِ الْمَيِّتِ لَا حَالَ قِيَامِ مِلْكِ الْوَارِثِ فَيَكُونُ مِلْكُ الْحَالِفِ بَعْدَ الْعِتْقِ بِسَاعَتَيْنِ فَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ وَلَا إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُوضَعْ سَبَبًا لِإِفَادَةِ مِلْكِ الْوَارِثِ بَلْ سَبَبُ مِلْكِهِ هُوَ الْقَرَابَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَقَعَانِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِالطَّلَاقِ فَقَطْ، وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ: رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَتَانِ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ اشْتَرَى إحْدَاهُمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّ بِالشِّرَاءِ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّيَّةِ الطَّلَاقِ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ فَتَعَيَّنَتْ الثَّانِيَةُ كَمَا لَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَإِنْ اشْتَرَاهُمَا بَطَلَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ فَإِنْ جَامَعَ إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ: (أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ مَعَ عِتْقِ مَوْلَاك إيَّاكَ فَأَعْتَقَ لَهُ الرَّجْعَةُ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ التَّطْلِيقَ إذْ هُوَ السَّبَبُ حَقِيقَةً بِالْإِعْتَاقِ أَوْ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ ذَكَرَ الْإِعْتَاقَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ الْمَذْكُورُ الْعِتْقَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ الْعِتْقَ حُكْمُهُ فَاسْتُعِيرَ الْحُكْمُ لِلْعِلَّةِ فَكَانَ مَجَازًا فِيهِ وَعَلَى هَذَا فَإِعْمَالُهُ فِي لَفْظِ إيَّاكَ إمَّا عَلَى اعْتِبَارِ إرَادَةِ الْفِعْلِ بِهِ إعْمَالُ الْمُسْتَعَارِ لِلْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى اعْتِبَارِ إعْمَالِ اسْمِ الْمَصْدَرِ كَأَعْجَبَنِي كَلَامُك زَيْدًا وَإِلَّا فَالْعِتْقُ قَاصِرٌ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِي الْمَفْعُولِ الْمُتَعَدِّي وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ مُعَلَّقٌ بِهِ مَعَ كَوْنِ حَقِيقَةِ مَعَ لِلْقِرَانِ لِأَنَّهَا قَدْ تُذْكَرُ لِلْمُتَأَخِّرِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ بِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ بَعْدَهُ وَنَفْيِ الرَّيْبِ عَنْهُ كَمَا فِي الْآيَةِ {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٦] فَصَارَ هَذَا الْمَعْنَى مُحْتَمِلًا لَهَا وَصُيِّرَ إلَيْهِ بِمُوجِبٍ وَهُوَ وُجُودُ مَعْنَى الشَّرْطِ لَهَا وَهُوَ تَوَقُّفُ حُكْمٍ عَلَى ثُبُوتِ مَعْنَى مَا بَعْدَهَا الْمَعْدُومِ حَالَ التَّكَلُّمِ وَهُوَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَإِنْ كَانَ الْإِعْتَاقُ شَرْطًا لِلتَّطْلِيقِ فَيُوجَدُ تَطْلِيقُ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَهُ مُقَارِنًا لِلْعِتْقِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْإِعْتَاقِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ التَّطْلِيقِ بَعْدَهُ فَيُصَادِفُهَا حُرَّةً فَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فَأَظْهَرُ لِكَوْنِهِ مُقَارِنًا لِلتَّطْلِيقِ، وَالطَّلَاقُ يَعْقُبُهُمَا فَيَقَعُ وَهِيَ حُرَّةٌ، وَفِي الْكَافِي لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّطْلِيقَ مُتَّصِلًا بِالْعِتْقِ وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِأَنْ يَتَعَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ تَعَلُّقَ الشَّرْطِ بِالْمَشْرُوطِ أَوْ يَتَعَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ تَعَلُّقَ الْعِلَّةِ بِالْمَعْلُولِ أَوْ يَتَعَلَّقَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ أَوْ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَنْزِلَا عِنْدَهُ، وَالثَّالِثُ مُنْتَفٍ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَلَّقَا بِشَرْطٍ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ إنْ مَاتَ مَوْلَاك) لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، وَالْأَصْلُ إنْ مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَإِنْ مَاتَ. . . إلَخْ أَوْ الْأَصْلُ بِأَنْ قَالَ: وَإِنْ مَاتَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلْيُرَاجَعْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute