للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ يَقَعُ وَاحِدَةً وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ كَثِيرًا يَقَعُ ثِنْتَانِ يَنْبَغِي إذَا قَالَ لَا قَلِيلَ وَلَا كَثِيرَ يَقَعُ ثِنْتَانِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: مِنْ فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا وُصِفَ بِمَا يَلِيقُ بِالْمُسْتَثْنَى بِجَعْلِ صِفَةٍ لِلْمُسْتَثْنَى وَيَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الْمُسْتَثْنَى، وَإِنْ كَانَتْ تَلِيقُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا غَيْرُ قِيلَ يُجْعَلُ وَصْفًا لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ بِثُبُوتِهِ تَصْحِيحًا لَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَقِيلَ يُجْعَلُ وَصْفًا لِلْكُلِّ تَحْقِيقًا لِلْمُجَانَسَةِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى، وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ظَاهِرًا.

وَإِنْ ذَكَرَ وَصْفًا يَلِيقُ بِهِمَا قِيلَ يُجْعَلُ وَصْفًا لِلْكُلِّ تَحْقِيقًا لِلْمُجَانَسَةِ وَقِيلَ يُجْعَلُ وَصْفًا لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ وَصْفًا لِلْمُسْتَثْنَى بَطَلَ هَذَا إذَا ذَكَرَ وَصْفًا زَائِدًا، وَإِنْ ذَكَرَ وَصْفًا أَصْلِيًّا لَا يُعْتَبَرُ أَصْلًا وَيُجْعَلُ ذِكْرُهُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ سَوَاءً، بَيَانُهُ أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ إلَّا وَاحِدًا بَائِنًا تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ صِفَةً لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَا يُقَالُ طَلْقَتَانِ بَائِنٌ وَصَلَحَ صِفَةً لِلْمُسْتَثْنَى فَبَطَلَ بِبُطْلَانِهِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً لِصَلَاحِيَةِ الْوَصْفِ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يُقَالُ تَطْلِيقَتَيْنِ أَلْبَتَّةَ فَجُعِلَ صِفَةً لَهُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَتَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَكَذَا أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ تَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا تَصْلُحُ صِفَةً لِلْمُسْتَثْنَى لِعَدَمِ وُقُوعِهِ وَتَصْلُحُ صِفَةً لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَتُجْعَلُ صِفَةً لِلْكُلِّ أَوْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ ثِنْتَيْنِ أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَائِنَةً إلَّا وَاحِدَةَ تَقَعُ رَجْعِيَّتَانِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَصْفٌ أَصْلِيٌّ لِلثَّلَاثِ لَا يُوجَدُ بِدُونِهِمَا فَلَا يُفِيدُ إلَّا مَا أَفَادَ الثَّلَاثَ فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا أَنْتِ طَالِقٌ تَمَامَ الثَّلَاثِ أَوْ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فَثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَيْرَ ثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فَثِنْتَيْنِ، وَفِيهَا أَيْضًا أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا إنْ لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَمَا سَكَتَ كَمْ قَالَ ثَلَاثٌ وَقَعَ قَالَ الصَّدْرُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَإِنَّ مَوْقِعَ الْوَاحِدَةِ لَوْ ثَلَّثَهُ بَعْدَ زَمَانٍ صَحَّ أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَقَعُ ثَلَاثٌ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إذَا دَخَلْت الدَّارَ عَشْرًا لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ عَشْرًا أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ كُلِّ تَطْلِيقَةٍ فَثَلَاثٌ فِي سَاعَةِ الْحَلِفِ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنْت طَالِقٌ لَوْنَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ فَهُمَا تَطْلِيقَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَلْوَانٍ فَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَكَذَا إذَا قَالَ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِنْ قَالَ نَوَيْت أَلْوَانَ الْحُمْرَةِ، وَالصُّفْرَةِ فَلَهُ نِيَّتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْتِ طَالِقٌ عَامَّةَ الطَّلَاقِ أَوْ جُلَّهُ فَهُمَا ثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَكْثَرَهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَوْ قَالَ كُلَّ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَكْثَرَ الثَّلَاثِ فَثِنْتَانِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَكَذَا إذَا قَالَ كُلَّ طَلْقَةٍ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَأُخْرَى فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَأُخْرَى فَهِيَ ثِنْتَانِ.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ: لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ مِرَارًا تَطْلُقُ ثَلَاثًا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك يَلْغُو وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَقِيلَ تَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ اهـ.

وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الثَّانِي فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذَا وَصَفَ الطَّلَاقَ بِضَرْبٍ مِنْ الشِّدَّةِ، وَالزِّيَادَةِ كَانَ بَائِنًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقَعُ رَجْعِيًّا إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِالْبَيْنُونَةِ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ فَيَلْغُو كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك وَلَنَا أَنَّهُ وَصَفَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ إلَى أَنْ قَالَ وَمَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ مَمْنُوعَةٌ اهـ.

فَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ مَمْنُوعَةٌ أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْفَضْلِ وَأَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُوصَفُ بِالْقِلَّةِ فَلَغَا ذِكْرُ الْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ، وَالثَّانِي مَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ قَالَ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلَ فَقَدْ قَصَدَ إيقَاعَ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ كَثِيرٌ فَلَا يَعْمَلُ قَوْلُهُ: وَلَا كَثِيرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ اهـ.

وَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ مِنْ أَنَّ الْكَثِيرَ ثِنْتَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ تَقَعُ وَاحِدَةً) أَيْ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ وَيَلْغُو قَوْلُهُ: لَا كَثِيرَ وَلَا قَلِيلَ وَإِلَّا فَلَوْ قِيلَ كَمَا مَرَّ إنَّهُ قَصَدَ بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَ الْقَلِيلَ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ ثَلَاثٌ فَغَيْرُهُ يَصْدُقُ بِالْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا كَثِيرَ أَثْبَتَ الْقَلِيلَ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ بِنَاءً عَلَى إلْغَاءِ الْوَسَطِ فَلَمَّا قَالَ وَلَا قَلِيلَ أَرَادَ نَفْيَ مَا أَوْقَعَهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كُلَّ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةً) كَذَا رَأَيْته فِي الذَّخِيرَةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ قُلْت وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَصْدَرٌ يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كُلِّ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك. . إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَتَقَعُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً مَا نَصُّهُ: " وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَرَجْعِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>