وَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَلَوْ قَالَ: أَنْت يَا زَانِيَةُ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَّقَ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ) أَيْ وَإِنْ فَرَّقَ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَيُمْكِنُ جَمْعُهُ بِعِبَارَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى لَا إلَى عِدَّةٍ فَلَا يَقَعُ مَا بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ أَوَّلَهُ لِيَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهُ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا فَإِدْخَالُهُ هُنَا فِي كَلَامِهِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ يُمْكِنُ جَمْعُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ أَحَدَ عَشَرَ وَقَعَ الثَّلَاثُ إذْ لَا يُمْكِنُ جَمْعُ الْجُزْأَيْنِ بِعِبَارَةٍ وَاحِدَةٍ أَخْصَرُ مِنْهَا عِنْدَ قَصْدِهِ هَذَا الْعَدَدَ الْمَخْصُوصَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ لَا يَعْتَبِرُ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَيَّدَ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ لِأَنَّ الْمَدْخُولَةَ يَقَعُ عَلَيْهَا الْكُلُّ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً أَنَّهُ عَنَى الْأَوَّلَ فَإِنْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ مَاذَا فَعَلْت فَقَالَ: طَلَّقْتهَا أَوْ قَدْ قُلْت هِيَ طَالِقٌ يُصَدَّقُ أَنَّهُ عَنَى الْأَوَّلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ، وَالسُّؤَالُ وَقَعَ عَنْ الْأَوَّلِ فَانْصَرَفَ الْجَوَابُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِنْ فَرَّقَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَاتٍ فَوَاحِدَةً، وَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ مَعَ طَلَاقِي إيَّاكِ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي فَقَالَ: طَلُقْت فَوَاحِدَةً إنْ لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ وَلَوْ قَالَتْ بِحَرْفِ الْعَطْفِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا اهـ.
وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً تَقَدَّمَهَا ثِنْتَانِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْضًا، وَفِيهَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةً وَلَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً مِنْهُمَا لَا أُصَدِّقُهُ وَأُبِينُهُمَا مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا فَلَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَاهُمَا اهـ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ تَفْرِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعَلَى الْمَدْخُولَةِ صَحِيحٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْإِيقَاعِ قَبْلَ الْعَدَدِ لَغَا) أَيْ لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولَةً أَوْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ بَعْدَ الصِّيغَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَدَدِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْوَاقِعَ عِنْدَ ذِكْرِهِ بِهِ وَعِنْدَ عَدَمِهِ الْوُقُوعُ بِالصِّيغَةِ فَلَا حَاجَةَ أَنْ يُجْعَلَ الْعَدَدُ ثَابِتًا بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِهِ وَقَدَّمْنَا الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ الْوُقُوعَ بِالْعَدَدِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْوُقُوعَ بِالْمَصْدَرِ، وَالْوَصْفِ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا أَيْضًا وَيَدْخُلُ فِي الْعَدَدِ أَصْلُهُ وَهُوَ الْوَاحِدُ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَدَدِ مُتَّصِلًا بِالْإِيقَاعِ وَلَا يَضُرُّ الِانْقِطَاعُ لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ فَإِنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعِ النَّفَسِ ثُمَّ قَالَ: ثَلَاثًا فَوَاحِدَةً وَلَوْ انْقَطَعَ النَّفَسُ أَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه ثُمَّ قَالَ: ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ أُطَلِّقُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ: عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ مِنْ فَمِهِ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ أَنْت طَالِقٌ
ــ
[منحة الخالق]
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَبَيْنَ الْإِيجَابِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَذْفًا فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَجِبُ بِهِ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ، وَإِنْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: يَا زَانِيَةُ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْجَزَاءِ أَوْ عَلَى الْإِيجَابِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا كَانَ قَذْفًا فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَا زَانِيَةُ لِلِاسْتِحْضَارِ عُرْفًا لِكَوْنِهِ نِدَاءً وَلِإِثْبَاتِ صِفَةِ الزِّنَا وَضْعًا فَكَانَ مُلَائِمًا لِلْخِطَابِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ لِلِاسْتِحْضَارِ غَيْرَ مُلَائِمٍ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إثْبَاتُ صِفَةٍ فِي الْمُنَادَى فَتَوَفَّرَ عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظُّهُمَا فَيَتَعَلَّقُ إذَا كَانَ مُوَسَّطًا وَيُنْجِزُ إذَا كَانَ طَرَفًا أَوْ مُتَأَخِّرًا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْمُتَخَلِّلُ فَاصِلَا لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الطَّلَاقُ فَكَانَ قَذْفًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ وَيَجِبُ اللِّعَانُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَتَعَلَّقُ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَهُوَ الطَّلَاقُ لَا الْقَذْفُ وَيَجِبُ اللَّعَّانُ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ يَا زَانِيَةَ، وَإِنْ كَانَ جَزَاءً إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ هُنَا النَّفْيُ دُونَ التَّحْقِيقِ أَوْ لِأَنَّهُ نِدَاءٌ، وَالنِّدَاءُ لَا يَفْصِلُ لِأَنَّهُ لِإِعْلَامِ الْمُخَاطَبِ بِمَا يُرَادُ بِهِ فَكَانَ مِنْ نَفْسِ الْكَلَامِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ يَا عَمْرَةُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَاصِلَا تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ فَيَتَعَلَّقُ الْقَذْفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ نَفْيِ الْكَلَامِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الشَّرْطِ وَإِذَا تَعَلَّقَ الْأَبْعَدُ كَانَ الْأَقْرَبُ أَوْلَى فَإِنْ قِيلَ لَمْ يُعَلِّقْ الْقَذْفَ بِالشَّرْطِ بَلْ نَادَاهَا فَيَكُونُ الْقَذْفُ مُرْسَلًا قُلْنَا لَمْ نُعَلِّقْهُ نَصًّا بَلْ حُكْمًا لِكَوْنِ الْكَلَامِ وَاحِدًا فَإِذَا ذُكِرَ الشَّرْطُ فِي الْأَخِيرِ انْصَرَفَ إلَى جَمِيعِ الْكَلَامِ وَإِذَا تَعَلَّقَ يَا زَانِيَةُ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا فِي الْحَالِ وَكَذَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَجْعَلُ غَيْرَ الزَّانِي زَانِيًا اهـ. مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ) أَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ. . . إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنَّمَا تَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّ مَعَ هُنَا بِمَعْنَى بَعْدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَعَ عِتْقِ مَوْلَاك إيَّاكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute