للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا فَاطِمَةُ أَوْ يَا زَيْنَبُ ثَلَاثًا تَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ اشْهَدُوا ثَلَاثًا فَوَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ: فَاشْهَدُوا فَثَلَاثٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ يَتَوَقَّفُ عَلَى آخِرِهِ لِوُجُودِ مَا يُغَيِّرُهُ وَهُوَ ذِكْرُ الشَّرْطِ فِي آخِرِهِ فَخَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْمُحِيطِ، وَالذَّخِيرَةِ، وَفِيهَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالثَّانِي كَانَتْ طَالِقًا وَاحِدَةً لِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ عَامِلٌ فِي الْوُقُوعِ إنَّمَا يَعْمَلُ إذَا صَادَفَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي لَا يَقَعُ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمَعْطُوفَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ إذَا اتَّصَلَ الشَّرْطُ بِآخِرِهِ يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا، وَفِيهِ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا عَمْرَةُ فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ يَا عَمْرَةُ طَلُقَتْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُغَيَّرٍ اهـ.

وَقَيَّدَ بِمَوْتِهَا احْتِرَازًا عَنْ مَوْتِهِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمَّا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ مَاتَ أَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ فَمَه يَقَعُ وَاحِدَةً اهـ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ قَيَّدَ بِمَوْتِهَا لِأَنَّ بِمَوْتِ الزَّوْجِ قَبْلَ ذِكْرِ الْعَدَدِ تَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّ الزَّوْجَ وَصَلَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِذِكْرِ الْعَدَدِ فِي مَوْتِهَا وَذِكْرُ الْعَدَدِ حَصَلَ بِمَوْتِهَا، وَفِي مَوْتِ الزَّوْجِ ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ ذِكْرُ الْعَدَدِ فَبَقِيَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ ثَلَاثًا فَأَخَذَ رَجُلٌ فَمَه فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ الطَّلَاقِ يَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِلَفْظٍ لَا يَقْصِدُهُ اهـ.

وَذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَيَّ الْأَصْلِ وَسَيَأْتِي صَرِيحًا الْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِهِ وَمَوْتِهَا فِي التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ يَقَعُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً أَوْ قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَاحِدَةً يَقَعُ وَاحِدَةً، وَفِي بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ أَوْ مَعَهَا ثِنْتَانِ) بَيَانٌ لِأَرْبَعِ مَسَائِلَ الْأُولَى لَوْ فَرَّقَ بِالْعَطْفِ فَإِنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً فَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ فَلِأَنَّهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَيْ لِجَمْعِ التَّعَاطُفَاتِ فِي مَعْنَى الْعَامِلِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَعِيَّةِ أَوْ عَلَى تَقَدُّمِ بَعْضِ الْمُتَعَاطِفَاتِ أَوْ تَأَخُّرِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْأَوَّلُ عَلَى الْآخِرِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِتَوَقُّفِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِهَا لِلْمَعِيَّةِ بِخُصُوصِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فَيَعْمَلُ كُلُّ لَفْظٍ عَمَلَهُ فَتَبَيَّنَ بِالْأُولَى فَلَا يَقَعُ مَا بَعْدَهَا فَانْدَفَعَ بِهَذَا مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهَا هُنَا لِلتَّرْتِيبِ، وَقَدْ حَكَى السَّرَخْسِيُّ خِلَافًا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَقَالَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: تَبِينُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الْكَلَامِ الثَّانِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ يُلْحِقَ بِكَلَامِهِ شَرْطًا أَوْ اسْتِثْنَاءً وَرَجَّحَ فِي أُصُولِهِ قَوْلَةَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مَا لَمْ يَقَعْ لَا يَفُوتُ الْمَحَلُّ فَلَوْ تَوَقَّفَ وُقُوعُ الْأَوَّلِ عَلَى التَّكَلُّمِ بِالثَّانِيَةِ لَوَقَعَا جَمِيعًا لِوُجُودِ الْمَحَلِّ الثَّلَاثِ حَالَ التَّكَلُّمِ بِهَا، وَفِي التَّحْرِيرِ: أَنَّ قَوْلَةَ مُحَمَّدٌ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ يُعْلَمُ الْوُقُوعُ بِالْأَوَّلِ لِتَجْوِيزِ إلْحَاقِ الْمُغَيَّرِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ الْوُقُوعِ مُتَأَخِّرٌ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الثَّانِي لَوَقَعَ الْكُلُّ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِالْأَوَّلِ وَظُهُورَهُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الثَّانِي اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْمَوْتِ اهـ.

يَعْنِي: لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الثَّانِي وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَالْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْفَرَاغِ فَعِنْدَهُ يَقَعُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِجَوَازِ أَنْ يُلْحِقَ بِآخِرِهِ شَرْطًا أَوْ اسْتِثْنَاءً وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ فَأَمَّا بِدُونِ الْوَاوِ لَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ الشَّرْطُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ قُصُورُ نَظَرِ ابْنِ الْهُمَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاحِدَةً وَنِصْفًا أَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَأُخْرَى فَإِنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَعَ الثَّلَاثُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فَاشْهَدُوا فَثَلَاثٌ) أَيْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فَاشْهَدُوا ثَلَاثًا فَالْوَاقِعُ ثَلَاثًا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاشْهَدُوا بِالْفَاءِ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا لِأَنَّ الْفَاءَ تَعَلَّقَ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا فَصَارَ الْكُلُّ كَلَامًا وَاحِدًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْهَدُوا وَمِثْلُهُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ بَابِ الْكِنَايَاتِ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>