بَعْدَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ، ثَامِنُهَا قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ، وَالضَّابِطُ فِيمَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْقَبْلُ، وَالْبَعْدُ أَنْ يُلْغَى قَبْلُ وَبَعْدُ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بَعْدَ قَبْلِهِ وَقَبْلَ بَعْدِهِ فَيَبْقَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ شَوَّالُ أَوْ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ شَعْبَانُ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ إنْ كَانَ مَحْضَ قَبْلِ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَقَعَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَإِنْ كَانَ مَحْضَ بَعْدِ وَقَعَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وَهُوَ الْخَامِسُ وَيَقَعُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَالرَّابِعُ، وَالسَّابِعُ فِي شَوَّالٍ لِأَنَّ قَبْلَهُ رَمَضَانُ بِإِلْغَاءِ الطَّرَفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَيَقَعُ فِي الثَّالِثِ، وَالسَّادِسِ، وَالثَّامِنِ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ بَعْدَهُ رَمَضَانُ بِإِلْغَاءِ الطَّرَفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي الثَّمَانِيَةِ أَنَّ الظُّرُوفَ الثَّلَاثَ إمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ قَبْلُ أَوْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ فِيمَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْقَبْلُ، وَالْبَعْدُ. . . إلَخْ) هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا وَتَبِعَهُ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ، وَالنَّهْرِ، وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحَاصِلُهُ إلْغَاءُ أَحَدِ الْمُتَكَرِّرَيْنِ بِغَيْرِ الْمُتَكَرِّرِ وَاعْتِبَارُ أَحَدِ الْمُتَكَرِّرَيْنِ الْآخَرَ أَيْنَمَا كَانَ أَوَّلًا أَوْ وَسَطًا أَوْ آخِرًا فَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ قَبْلُ فَالْمُرَادُ شَوَّالٌ أَوْ بَعْدُ فَشَعْبَانُ وَعَنْ هَذَا قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ نَظْمًا
قَابِلِ الْقَبْلَ بِاَلَّذِي هُوَ بَعْدُ ... وَسِوَاهُ يُبْنَى عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَتَأَمَّلْ بِفَطِنَةٍ وَذَكَاءٍ
فَبِهِ يُدْرَكُ الْوُجُوهُ الثَّمَانِ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَيَقَعُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ، وَالرَّابِعِ فِي شَوَّالٍ، وَفِي السَّادِسِ، وَالسَّابِعِ، وَالثَّامِنِ فِي شَعْبَانَ إذَا ظَهَرَ لَك مَا قَرَّرْنَاهُ عَلِمْت عَدَمَ صِحَّةِ مَا يَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْحَاصِلِ حَيْثُ جَعَلَ الْمَلْغِيَّ الطَّرَفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَيًّا كَانَا قَبْلَيْنِ أَوْ بَعْدَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَجَعَلَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْأَخِيرُ الْمُضَافُ إلَى الضَّمِيرِ وَغَابَ عَنْهُ أَنَّهُ مُنَابِذٌ لِمَا نَقَلَهُ هُنَا، وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَهُمْ اغْتَرَّ فَتَابَعَهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَالْمِنَّةُ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ قَدِيمَانِ وَلِلْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْعَلَّامَةِ السُّبْكِيّ فِيهِمَا كَلَامٌ لَخَّصَهُ الْحَافِظُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَدْرُ الدِّينِ الْعَامِرِيُّ الشَّهِيرُ بِابْنِ الْغَزِّيِّ الشَّافِعِيُّ كَمَا رَأَيْته فِي مَجْمُوعُهُ بِخَطِّهِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ ذَكَرَ الصُّوَرَ الثَّمَانِيَةَ مُتَشَعِّبَةً مِنْ الشَّطْرِ الْأَخِيرِ وَرَسَمَ عِنْدَ كُلِّ صُورَةٍ الشَّهْرَ الْمُرَادَ عَلَى طِبْقِ مَا قَرَّرْته أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ قَالَ نَظْمًا:
هَاكَ مِنِّي جَوَابُ مَا قِيلَ نَظْمًا ... مِنْ سُؤَالٍ يَحُفُّهُ الْإِتْقَانُ
عَنْ فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ ... قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ
مُوَضِّحًا مَا أَجَابَ عَنْهُ بِهِ ابْنُ ... الْحَاجِبِ الْحَبْرُ ذُو التُّقَى عُثْمَانُ
حُكْمُهُ إنْ تَمَحَّضَتْ بَعْدُ فِيهِ ... فِي جُمَادَى الْآخَرَ يُرَى الْفُرْقَانُ
ثُمَّ ذُو الْحِجَّةِ الْحَرَامُ إذَا مَا ... مُحِّضَت قَبْلُ لِلطَّلَاقِ زَمَانُ
وَإِذَا مَا جَمَعَتْ ذَيْنَه الْغَ قَبْلًا ... مَعَ بَعْدُ وَمَا بَقِيَ الْمِيزَانُ
مَعَ قَبْلُ الْمُرَادُ شَوَّالٌ فَاعْلَمْ ... وَمِنْ الْبَعْدِ قَصْدُنَا شَعْبَانُ
كُلٌّ ذَا حَيْثُ أَلْغَيْت مَا وَهَذَا ... بَسْطُ ذَاكَ الْجَوَابِ وَالتِّبْيَانِ
وَإِذَا مَا وَصَلْتهَا فَجَمَادُ ... قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ
ثُمَّ ضِدٌّ بِحَجَّةٍ مَحْضٌ قَبْلُ ... فِيهِ شَوَّالُ عِنْدَهُمْ أَبَانُ
وَلِضِدِّ شَعْبَانَ ثُمَّ سِوَى ذَا ... عَكْسُ مَا مَرَّ فِي الزَّمَانِ بَيَانُ
ثُمَّ مَا إنْ وَصَفْتهَا فَكَوَصْلِ ... خُذْ جَوَابًا قَدْ عَمَّهُ الْإِحْسَانُ
اهـ.
مَا وَجَدْته بِخَطِّهِ وَبَيَانِهِ أَنَّ مَا إمَّا أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً أَوْ مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً فَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً فَالْجَوَابُ مَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً فَفِي قَبْلُ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ يَقَعُ فِي جُمَادَى الْأُخْرَى لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ هُوَ رَجَبُ فَاَلَّذِي قَبْلَهُ جُمَادَى، وَفِي عَكْسِ هَذِهِ نَحْوُ بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ يَقَعُ فِي ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ فَاَلَّذِي بَعْدَهُ ذُو الْحُجَّةِ، وَفِي مَحْضِ قَبْلُ فِي شَوَّالٍ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ ذُو الْقَعْدَةِ كَمَا مَرَّ فَاَلَّذِي قَبْلَهُ شَوَّالُ، وَفِي عَكْسِهِ فِي شَعْبَانَ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ هُوَ رَجَبُ فَاَلَّذِي بَعْدَهُ شَعْبَانُ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ سِوَاهَا الْأُولَى قَبْلَ مَا قَبْلَ بَعْدَهُ الثَّانِيَةُ بَعْدَمَا بَعْدَ قَبْلَهُ الثَّالِثَةُ قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلَهُ الرَّابِعَةُ بَعْدَمَا قَبْلَ بَعْدَهُ وَحُكْمُهَا عَكْسُ مَا مَرَّ فِي إلْغَاءِ مَا فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إذَا كَانَتْ مَا مُلْغَاةً يَقَعُ فِي شَوَّالَ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ قَبْلٍ بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَيُلْغَى قَبْلُ بِبَعْدِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَذَلِكَ شَوَّالُ وَإِذَا كَانَتْ مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ شَهْرٍ أَوْ قَبْلَ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ فَيُلْغِي قَبْلُ بِبَعْدِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ هُوَ رَمَضَانُ نَفْسُهُ فَتَكُونُ مَا عِبَارَةٌ عَنْهُ وَبِإِضَافَةِ قَبْلِ إلَيْهَا يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بِشَهْرٍ قَبْلَ رَمَضَانَ وَذَلِكَ شَعْبَانُ وَقِسْ عَلَيْهِ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ فَمَا يَقَعُ فِي شَعْبَانَ أَوْ فِي شَوَّالٍ مَعَ إلْغَائِهَا يُعْكَسُ مَعَ عَدَمِهِ وَأَنَا لَمْ أَدْرِ لِمَ اقْتَصَرَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى بَيَانِ أَوْجُهِ الْإِلْغَاءِ مَعَ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَنَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى لَفْظٍ لُغَوِيٍّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بَعْدَ قَبْلِهِ. . . إلَخْ) كَرَمَضَانَ مَثَلًا فَإِنَّ قَبْلَهُ شَبْعَانُ وَبَعْدَهُ شَوَّالُ فَهُوَ أَيْ رَمَضَانُ بَعْدَ قَبْلِهِ أَيْ شَعْبَانَ وَقَبْلَ بَعْدِهِ أَيْ شَوَّالٍ، فَقَوْلُهُ: بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ الْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِعَلَّقَ وَرَمَضَانُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَقَبْلُ خَبَرُهُ مُقَدَّمٌ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَهُ وَمَا مُلْغَاةٌ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى شَهْرٍ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَالْخَبَرِ فِي مَحَلِّ جَرِّ صِفَةٍ لِشَهْرٍ (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي ذِي الْحِجَّةِ) لِأَنَّ قَبْلَهُ ذَا الْقَعْدَةِ وَقَبْلَ هَذَا الْقَبْلِ شَوَّالٌ وَقَبْلَ قَبْلِ الْقَبْلِ رَمَضَانُ، وَفِي مَحْضِ بَعْدِ وَقَعَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ لِأَنَّ بَعْدَهُ رَجَبُ وَبَعْدَ هَذَا الْبَعْدِ شَعْبَانُ وَبَعْدَ بَعْدِ الْبَعْدِ رَمَضَانُ