حَيْضًا وَبِالثَّانِي طَلَاقًا أَوْ لَمْ يَنْوِ بِالثَّانِي شَيْئًا صَارَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَوْ يَنْوِي بِالْأَوَّلِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالثَّانِي طَلَاقًا لَا غَيْرُ أَوْ بِالثَّالِثِ طَلَاقًا لَا غَيْرُ صَارَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَعَ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِوَاحِدَةٍ ثَبَتَ حَالُ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ شَيْءٍ بِمَا بَعْدَهَا وَيُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ الْحَيْضِ لِظُهُورِ الْأَمْرِ بِاعْتِدَادِ الْحَيْضِ عَقِبَ الطَّلَاقِ.
وَإِذَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ بِشَيْءٍ صَحَّ وَكَذَا كُلُّ مَا قَبْلَ الْمَنْوِيِّ بِهَا وَنِيَّةُ الْحَيْضِ بِوَاحِدَةٍ غَيْرُ مَسْبُوقَةٍ بِوَاحِدَةٍ مَنْوِيٍّ بِهَا الطَّلَاقُ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ وَيَثْبُتُ بِهَا حَالُ الْمُذَاكَرَةِ فَيَجْرِي فِيهَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَسْبُوقَةً بِوَاحِدَةٍ أُرِيدَ بِهَا الطَّلَاقُ حَيْثُ لَا يَقَعُ بِهَا الثَّانِيَةُ لِصِحَّةِ الِاعْتِدَادِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَا يَخْفَى تَخْرِيجُ الْمَسَائِلِ بَعْدَ هَذَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِمَا بَقِيَ حَيْضًا إلَى أَنَّ الْخِطَابَ مَعَ مَنْ هِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَلَوْ كَانَتْ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً فَقَالَ أَرَدْت بِالْأُولَى طَلَاقًا وَبِالْبَاقِي تَرَبُّصًا بِالْأَشْهُرِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَأَطْلَقَ فِي كَوْنِهِ يُصَدَّقُ فَأَفَادَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَفِيمَا لَا يُصَدَّقُ فِيهِ إنَّمَا لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَأَمَّا دِيَانَةً فَلَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالْقَاضِي، وَفِي الْهِدَايَةِ: وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُصَدَّقُ الزَّوْجُ عَلَى نَفْيِ النِّيَّةِ إنَّمَا يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْإِخْبَارِ عَمَّا فِي ضَمِيرِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ اهـ.
وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الِاسْتِحْلَافِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا فِي عَشْرِ مَسَائِلَ لَا يَمِينَ عَلَى الْأَمِينِ وَهِيَ فِي الْقُنْيَةِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نَوَيْت بِالْكُلِّ وَاحِدَةً كَانَ نَاوِيًا بِكُلِّ لَفْظٍ ثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَيَتَكَامَلُ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِيهِ لَوْ قَالَ لَهَا: اعْتَدِّي ثَلَاثًا وَقَالَ: عَنَيْت تَطْلِيقَةً تَعْتَدُّ بِهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ، وَقَدْ مَنَعَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَوْنَ ابْتِدَاءِ الْإِيقَاعِ يُثْبِتُ دَلَالَةَ الْحَالِ بِأَنَّ الْإِيقَاعَ مَرَّةً لَا يُوجِبُ ظُهُورَ الْإِيقَاعِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَثَالِثَةً فَلَا يَكُونُ اللَّفْظُ الصَّالِحُ لَهُ ظَاهِرًا فِي الْإِيقَاعِ بِخِلَافِ سُؤَالِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْكِنَايَةَ الصَّالِحَةَ لِلْإِيقَاعِ دُونَ الرَّدِّ عَقِبَ سُؤَالِ الطَّلَاقِ ظَاهِرٌ فِي قَصْدِ الْإِيقَاعِ بِهِ وَهُوَ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِ زُفَرَ الْمَنْقُولِ فِي الْمُحِيطِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ كَرَّرَ اعْتَدَى مِنْ غَيْرِ لَفْظِ طَلَاقٍ مَعَهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاعْتَدِّي أَوْ أَنْت طَالِقٌ اعْتَدِّي أَوْ أَنْت طَالِقٌ فَاعْتَدِّي فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي تَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّ الْفَاءَ لِلْوَصْلِ، وَإِنْ قَالَ: اعْتَدِّي أَوْ وَاعْتَدِّي تَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ مَوْصُولًا بِالْأَوَّلِ فَيَكُونُ أَمْرًا مُسْتَأْنَفًا وَكَلَامًا مُبْتَدَأً وَهُوَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَيُحْمَلُ عَلَى الطَّلَاقِ وَعِنْدَ زُفَرَ تَقَعُ وَاحِدَةً لِمَا عُرِفَ اهـ.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ جَعَلَ هَذَا التَّفْصِيلَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَقَعَتْ ثِنْتَانِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ مِنْ بَابِ مَا يُحَرِّمُ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُمَا، وَالْإِيلَاءَ فِي الْأُخْرَى فَهُمَا طَالِقَانِ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يَنْتَظِمُ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَغْلَظِ مِنْهُمَا وَهُوَ الطَّلَاقُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا نَوَى فِي إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا، وَفِي الْأُخْرَى وَاحِدَةً فَهُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ نَوْعَانِ غَلِيظَةٌ وَخَفِيفَةٌ، وَاللَّفْظُ الْوَاحِدُ لَا يَنْتَظِمُ النَّوْعَيْنِ فَحُمِلَ عَلَى الْأَغْلَظِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ كَمَا نَوَى وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لِلثَّلَاثِ حَقِيقَةً وَلِلْوَاحِدَةِ كَالْمَجَازِ لِأَنَّ الثَّلَاثَ يُثْبِتُ الْحُرْمَةَ مُطْلَقًا فَصَارَ مِثْلَ لَفْظَةِ النَّذْرِ إذَا نَوَى النَّذْرَ، وَالْيَمِينُ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا هَذَا، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت الطَّلَاقَ لِإِحْدَاهُمَا، وَالْيَمِينَ لِلْأُخْرَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا هُوَ كَمَا نَوَى، وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى لِإِحْدَاهُنَّ طَلَاقًا وَلِلْأُخْرَى يَمِينًا وَلِلثَّالِثَةِ الْكَذِبَ طَلُقْنَ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا هُوَ كَمَا نَوَى، وَلَوْ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute