قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ قَالَهُ مَرَّتَيْنِ وَنَوَى بِالْأُولَى الطَّلَاقَ وَبِالثَّانِيَةِ الْيَمِينَ فَهُوَ كَمَا نَوَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ اللَّفْظَ مُتَعَدِّدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَطْلُقُ بِلَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ لَسْت لَك بِزَوْجٍ إنْ نَوَى طَلَاقًا) يَعْنِي وَكَانَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ كَمَا تَصْلُحُ لِإِنْكَارِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِالنِّيَّةِ وَقَالَا لَا تَطْلُقُ، وَإِنْ نَوَى لِكَذِبِهِ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ وَمَا أَنَا لَك بِزَوْجٍ وَلَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك وَقَوْلُهُ: صُدِّقَتْ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا لَسْت لِي بِزَوْجٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَخَرَجَ عَنْهُ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا نِكَاحٌ وَوَاللَّهِ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ وَقَوْلُهُ: لَا عِنْدَ سُؤَالِهِ بِقَوْلِهِ أَلَك امْرَأَةٌ وَقَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ لِي فِيك كَمَا فِي الْبَدَائِعِ فَفِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ، وَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْكُلِّ وَلَكِنْ فِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ مِنْ الْوُقُوعِ قَوْلَهُ لَا عِنْدَ سُؤَالِهِ قَالَ: وَلَوْ قَالَ: لَا نِكَاحَ بَيْنَنَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ نَفْيَ النِّكَاحِ أَصْلًا لَا يَكُونُ طَلَاقًا بَلْ يَكُونُ جُحُودًا وَنَفْيُ النِّكَاحِ فِي الْحَالِ يَكُونُ طَلَاقًا إذَا نَوَى وَمَا عَدَاهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ قَيَّدَ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِدُونِ النِّيَّةِ اتِّفَاقًا لِكَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ تَقُومُ مَقَامَهَا حَيْثُ لَمْ يَصْلُحْ لِلرَّدِّ، وَالشَّتْمِ وَيَصْلُحُ لِلْجَوَابِ فَقَطْ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الصَّالِحَ لِلْجَوَابِ فَقَطْ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا فَلِذَا شَرَطَ النِّيَّةَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ هُنَا لَا تَكْفِي وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: تَطْلُقُ إلَى أَنَّ الْوَاقِعَ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ رَجْعِيٌّ وَقَيَّدْنَا بِظُهُورِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَا أَنْت لِي بِزَوْجَةٍ وَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِالطَّلَاقِ حَقِيقَتَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَوَّلَ كِتَابِ النِّكَاحِ فَالنَّفْيُ لَا يَقَعُ بِهِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَالصَّرِيحُ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ، وَالْبَائِنَ) فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالِ وَقَعَ الثَّانِي وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت بَائِنٌ أَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ طَالِقٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ يَقَعُ عِنْدَنَا لِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ مُسْنَدًا «الْمُخْتَلِعَةُ يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ» وَلِمَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ بَحْثِ الْخَاصِّ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُنَجَّزَ، وَالْمُعَلَّقَ إذَا وُجِدَ شَرْطٌ فَكَمَا يَقَعُ فِي الْعِدَّةِ مُنْجَزًا يَقَعُ إذَا وُجِدَ شَرْطٌ فِيهَا.
وَأَمَّا إذَا عَلَّقَهُ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إلَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَّقَ الْبَائِنَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اعْتِبَارًا بِتَنْجِيزِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ قَيَّدْنَا الصَّرِيحَ اللَّاحِقَ لِلْبَائِنِ بِكَوْنِهِ خَاطَبَهَا بِهِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لَهُ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُهُ كَذَا لَا يَقَعُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ بَائِنٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ هُنَا مَا وَقَعَ بِهِ الرَّجْعِيُّ فَتَدْخُلُ الْكِنَايَاتُ الرَّوَاجِعُ مِنْ اعْتَدِّي وَاسْتَبْرِي رَحِمَكِ وَأَنْتِ وَاحِدَةً وَمَا أُلْحِقَ بِالثَّلَاثَةِ فَلَوْ أَبَانَهَا أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ اعْتَدِّي نَاوِيًا وَقَعَ الثَّانِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا كِنَايَةُ وَجْهٍ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوَاقِعَ بِهَا رَجْعِيٌّ فَكَانَ فِي مَعْنَى الصَّرِيحِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت بَائِنٌ نَاوِيًا الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ اعْتَدَى أَوْ اسْتَبْرِئِي رَحِمِك أَوْ أَنْت وَاحِدَةً نَاوِيًا الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجْعِيُّ يَلْحَقُ الْبَائِنَ اهـ.
مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الصَّرِيحِ اللَّاحِقِ لِصَرِيحٍ وَبَائِنٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهِيَ حَادِثَةُ حَلَبَ وَكَذَا يُرَدُّ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ بَعْدَ الْبَائِنِ فَإِنَّهُ وَاقِعٌ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَيَدْخُلُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ شَامِلٌ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدْنَا بِظُهُورِ النِّكَاحِ) اعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَطْلُقُ مُسْتَغْنٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ قَالَتْ أَنَا امْرَأَتُك فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ كَانَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ وَتَطْلُقُ لِاقْتِضَاءِ الطَّلَاقِ النِّكَاحَ وَضْعًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى الْمُخْتَلِعَةِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَعْنِيهَا فَإِنْ عَنَاهَا طَلُقَتْ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مِنْ بَابِ الْخُلْعِ اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ امْرَأَةً لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ مِنْ بَعْضِ الْأَوْجُهِ وَلِذَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ لِكَوْنِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي حَاوِي الزَّاهْدِيِّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ إنْ كُنْت امْرَأَةً لِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ بَائِنًا لَا يَقَعُ، وَالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا يَقَعُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ) أَقُولُ: صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ اعْتَدِّي يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَتْ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةً أُخْرَى لِأَنَّ اعْتَدِّي لَا يَكُونُ بَائِنًا وَلَا يُرَادُ بِهِ الْفُرْقَةُ وَلَا فَسَادُ النِّكَاحِ قَالَ أَبُو الْفَضْلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَقَعُ بِاعْتَدِّي عَلَى الْبَائِنَةِ شَيْءٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ. . . إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ هُنَا الْوَاقِعُ بِهِ الرَّجْعِيُّ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ شَامِلٌ لِلْبَائِنِ، وَالرَّجْعِيِّ) وَلِذَا فَسَّرَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بَائِنًا كَانَ الْوَاقِعُ بِهِ أَوْ رَجْعِيًّا وَيَرُدُّ عَلَيْهِ كَمَا فِي النَّهْرِ مَا مَرَّ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَالَ